الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من واقع ممارسات تنفيذ برامج المسؤولية الاجتماعية بداخل الشركات، يتطلع أصحاب المصلحة والقرار داخلها بأن تكون هذه البرامج ذات أثر، مما يضع ممارسي إدارات المسؤولية الاجتماعية في حيرة وحرج، بالأخص عندما تكون هذه الإدارات ضمن إدارات العلاقات العامة، أو التواصل المؤسسي أو يُنظر لها في بعض الأحيان كطريقة للتسويق غير المباشر.
في حال كانت إدارة المسؤولية الاجتماعية ضمن الإدارات أعلاه فلا نتوقع غالباً أثر تنموي كبير وعميق طالما أن وتيرة عمل هذه الإدارات سريع جداً، وأفضل مخرج تقديم الرعاية والدعم المادي للجمعيات والتي قد تقتصر عروضها على فعاليات ضمن فترة قصيرة يُكتفى فيها بوضع شعار الراعي وتكريم الشركة الرعاية، إلا في حال كان للشركة ممارسة تشغيل إستراتيجية للإدارة تنسجم مع هذه الإدارات وتتكامل للأثر وتعظيمه.
أجيب هنا اجتهاداً عن السؤال المتوقع: ما هو الأثر؟ وذلك بكيفية صناعة أثر.
1- الأثر في المعجم العربي هو: علامة أو رسم مُتخلف من شي ما؛ وهو العلامة أو الدليل الشاهد على وقوع حدث ما، وهذا التعريف يدلك كممارس للمسؤولية الاجتماعية للتركيز على (البرنامج) الذي سيترك الأثر للفئة المُستفيدة أولاً ومن ثم على الجهة التي ستصمم وتنفذ البرنامج.
2- كي تصنع أثر، فأنت تبحث عن إحداث التغيير أولاً ويحصل التغيير باستشعارك احتياج فئة معينة تجدها استثمارك الاجتماعي؛ كتب Tatelman Scot ، مؤسس شركة State Bags والتي توفر مع كل حقيبة يتم شرائها أخرى لطفل يستخدم أكياس البلاستيك لحمل كتبه، كتب ” إذا كنت تتطلع لصناعة أثر اجتماعي حقيقي، من الممكن أن يٌصنع بنفس التركيز والشغف الذي تصنع به أثر أعمالك الهادفة للربح” .
3- وفق منهجية تصميم برامج المسؤولية الاجتماعية فإنها تمر بأربع مراحل قد تطول أو تقصر كل مرحلة بحسب الاحتياج، والمراحل هي كالتالي:
أولاً: مرحلة التقييم التنبؤي: وفي هذه المرحلة تتعرف على الكيفية والمعايير والمؤشرات التي ستصمم استناداً عليها البرنامج.
ثانياً: مرحلة التصميم: وهي مرحلة تخطيط تشتمل ممارسات مثل: تحليل المشكلة وفق الدراسات والممارسات المحيطة، وتشتمل أيضاً تطبيق نظرية التغيير؛ وذلك بالالتقاء بالفئة المستهدفة من البرنامج وحصر احتياجاتها وتطلعاتها وأهم مخرجات هذه النظرية صياغة الأثر المتوقع من البرنامج وفق تطلعات الفئة المستهدفة كما يحدد خلال هذه المرحلة مبلغ الاستثمار الاجتماعي وفق عدد الأفراد الذين سيتم تمكينهم من البرنامج، فكلما زاد العدد زاد مبلغ الاستثمار. من أهم الخطوات التي تؤخذ بعين الاعتبار خلال مرحلة التصميم؛ إشراك أصحاب المصلحة وهم كل من له علاقة مباشرة أو غير مباشر بالبرنامج وذلك بهدف توحيد الجهود والموارد نحو القضية الاجتماعية لإيجاد حلول تنموية مستدامة لها.
ثالثاً: مرحلة التنفيذ: وهي المرحلة تحرك عجلة إحداث التغيير وهي أقرب لمرحلة تمكين ولا يتوقع أي أثر خلال هذه المرحلة لكن بالتأكيد سيكون هناك مؤشرات تغيير أو تأثير.
وأخيراً: مرحلة التقييم والتقرير: وهي مرحلة التقييم الفعلي لما حدث في المرحلة التنبؤية الأولى بحيث نتأكد خلال هذه المرحلة باستيفاء المعايير التي بانت بوادرها بنتائج.
4- الأثر هو التزام أو ما تتعهد الشركة بإحداثه على المدى البعيد فكثيراً ما نقرأ في رحلة التمكين وصناعة التغيير لكثير من البرامج التي استثمرت بها بعض الشركات عالمياً فإنها تكتب على مواقعها ” نتعهد بأن نساهم … “، فشركة كسيسكو تصيغ الأثر من خلال Be the Bridge وهو عبارة عن سمة وتوجه تشمل حزمة من البرامج التنموية التي تعكس قوة ومكامن الأثر في مجالات كالتعليم، البرامج الإغاثية، الاستثمار في الإنسان، الابتكار، الاستدامة البيئية، التمكين الاقتصادي، وتعبر الشركة بأنها تركز في هذه المجالات التي تختبر فيها منتجاتها ومواردها المختلفة واستثماراتها وتعظم هذا الأثر مع المؤسسات غير الهادفة للربح من خلال الحلول التقنية المستدامة.
5- الأثر هو قصة وتعظيم دائرة الأثر أن نستمر بصبر وإيمان عميق في رواية القصة وتتبع التغيير.
6- الأثر هو وقت وأن نستمر لأجل التنمية، فالبرامج القصيرة المدى ربما تكون جيدة لكنها ليست الحل أو التغيير.
7- الأثر نتيجة إيجابية تظهر بعد فترة طويلة ربما تكون 3 أو 5 أو 10 سنوات بحسب حجم التحدي التنموي، يسبقه التمكين والتغيير وقصص تروى يوماً بعد يوم.
نختم بهذه المقولة لـ Dallas Crum مؤسس مشروع الريادة الاجتماعية Vivid Root المتخصص بتوفير الماء لمن يحتاجه مع كل عملية شراء يقومون بها، يقول ” الفكرة هي أن تلهم الأخرين لتحيا أكثر وضوحاً “.
مدير لإدارة المسؤولية الاجتماعية، أمارس الكتابة حول شغفي بممارسات المسؤولية الاجتماعية لتصحيح المفاهيم حولها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال