الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أُنشِئت الهيئة العامة للمنشآت الصغيرة والمتوسطة – المعروفة باسم “منشآت” – في عام 2016 مع انطلاقة الرؤية ضمن التغييرات التطويرية للهياكل التنظيمية في القطاعات الحكومية. وبما يتوافق مع أهداف واستراتيجيات رؤيتنا الطموحة. الغرض من تأسيس “منشآت” هو تنظيم وتنمية ودعم ورعاية هذا القطاع الاستراتيجي لاقتصادنا ورفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي كما هو مخطط له ضمن الرؤية من 20% إلى 35% بحلول عام 2030.
اثناء ملتقى الميزانية 2020 في مدينة الرياض يوم 10 ديسمبر 2019، بادرت “منشآت” – في المعرض المرافق للملتقى – بتقديم جلسة حوار جانبية بعنوان “ميزانية 2020 وتمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة”. كان عرضها التوضيحي غنيّ بالتعريف عنها وعن برامجها التي تُقدِّمها لدعم رُوّاد الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة.
نوايا الهيئة صادقة ومحاولاتها جادة في المساهمة في بناء منظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة منذ تأسيسها. وهذا أمر لا يمكن التشكيك فيه. بعد مرور أكثر من ثلاث سنوات على انطلاق “منشآت”، بادرت الهيئة بالاستجابة للالتزام بما جاءت به ميزانية السعودية 2020 باستراتيجية تحقيق كفاءة الإنفاق الحكومي. وأيضا، تمكين القطاع الخاص – الذي يضم المنشآت الصغيرة والمتوسطة – للقيام بدوره المُفترض في المساهمة بشكل فعّال في الحراك الاقتصادي للمملكة. والذي من خلاله تستطيع الرؤية الوصول للكثير من اهدافها مثل خلق الوظائف وتنويع مصادر الدخل.
وبما أن تطلعات الرؤية ضخمة وواعدة والوقت يمضي مُسرعاً نحو عام 2030، أتت الميزانية بدفعة رائعة لهيئة “منشآت” لكي تدخل مرحلة أكثر تركيزاً في نشاطها في دعم منظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة.
والسؤال هنا: ماذا نتوقع من هيئة “منشآت” أن تقدم في المرحلة القادمة؟
هيئة “منشآت” من أنشط الجهات الحكومية في أداء عملها. لذلك من المتوقع– بعد أن نجحت في إرساء أسس بناء المنظومة من برامج وأنظمة – أن تبدأ “منشآت” التركيز على نوعية مخرجات ما أنجزته من خلال فكر ومحتوى ومنهج عمل غير نمطي نحو تحقيق تطلعات الرؤية. وذلك من خلال أربع خطوات رئيسة في المنظور القريب:
أولاً:
متوقع من هيئة “منشآت” أن تترك مكانها الحالي – كلاعب رأس حربة – وترجع لمكانها الطبيعي كمُمَكِّن. حتى تخدم قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة كما ينبغي. وتباعاً، خدمة القطاع الخاص في العموم. وتنتهي من الترجمة الكاملة لسبب تواجدها كهيئة مهمتها الأساس تمكين المنشآت الصغيرة والمتوسطة بحمايتها والدفاع عن مصالحها.
ثانياً:
متوقع – بعد رجوع الهيئة لمكانها الطبيعي كمُمَكِّن – أن تركز على التنسيق مع كل الجهات ذات العلاقة للإنهاء على ما تبقى من التحديات التي تواجه المنشآت الصغيرة والمتوسطة بخصوص الإجراءات الحكومية والتي نبَّهت لها الهيئة عدة مرات. وهذه وقفة شجاعة – ضمن مبدأي الشفافية والتصحيح – تحسب للهيئة. هذا الموضوع قد أشار اليه وحذر منه – ضمن عدة تحديات أخرى – البروفيسور الشهير مايكل بورتر – من جامعة هارفارد العريقة – في دراسة مقطعية قام بها حول تنافسية المملكة لثلاث أعوام متتالية (2010-2009-2008) ودور ريادة الأعمال والمنشآت الصغيرة والمتوسطة. وأشارت ثماني دراسات ضخمة قامت بها أكبر البيوتات الاستشارية ما بين عامي 2008 و2018 الى ما أشار اليه البروفيسور بورتر.
ثالثاً:
متوقع من الهيئة – بحكم الالتزام بكفاءة الانفاق وتمكين القطاع الخاص – أن تبدأ في تشجيع القطاع الخاص والجامعات أن يمارسوا مسئوليتهم في تخفيف الحمل عن كاهل “منشآت” في مسألة تقديم برامج تدريب وارشاد وملتقيات وورش عمل بغرض دعم أصحاب المنشآت الصغيرة والمتوسطة. وذلك بعد أن وضعت الهيئة – وتحملت تكاليف جمَّة – في تأسيس هذه البرامج.
وهنا يأتي دور هام جداً للجامعات – على سبيل المثال – في مساعدة هيئة “منشآت” من خلال تملُّك وتشغيل وتطوير كثير من هذه البرامج خاصة بعد صدور نظام الجامعات الجديد. وأيضاً تناول مجال الابتكار وريادة الاعمال لأن مكانه الطبيعي هو الجامعات. وبذلك تهتم “منشآت” – بعد الاطمئنان أن الجامعات تقف بجانبها – في التركيز على رعاية المنشآت في السوق.
رابعاً:
متوقع من “منشآت” أن تبدأ أخذ موضوع الأرقام والإحصاءات بشكل علمي بغرض معالجة أي تقصير أثناء تقوية منظومة المنشآت الصغيرة والمتوسطة. فعلى سبيل المثال، ذُكر أن عدد المنشآت الصغيرة والمتوسطة وصل الى 551 ألف منشأة وتمثل %99.7 من العدد الكلي للمنشآت بالمملكة وهو رقم مُبْهِر بلا شك. ستحاول “منشآت” الإجابة على أسئلة كثيرة مثل هل هذا الرقم يمثل عدد منشآت أم عدد سجلات تجارية؟ وهل هذا الرقم يحكي كم عدد المنشآت العاملة والمتعثِّرة والعاطلة بل والمُتستِرة؟ وأمام هذا العدد، كم عدد المنشآت التي خرجت من السوق وما أسباب خروجها، وكيف ستقوم “منشآت” في مساعدتهم على الاستمرار في النشاط؟ أو على الأقل كيف ستساعد أصحاب هذه المنشآت في الخروج من السوق بسلام؟ الأرقام موضوع كبير وعميق لأن من خلاله يكون الفحص والتصحيح. وهذا سيجعل “منشآت” – المُمَكِّن – قادرة على جعل المنظومة تتحرك نحو المستقبل بشكل أكثر فاعلية.
دعوة ميزانية 2020 للالتزام بكفاءة الإنفاق وتمكين القطاع الخاص أتت في وقتها. وكأن “منشآت” – التي نعتز بها وبمنسوبيها – كانت تنتظرها بفارغ الصبر حتى تبدأ بمراجعة جذرية لدورها في خدمة تحقيق مستهدفات رؤية 2030. فالوصول لنسبة %35 كمساهمة حقيقية وفاعلة لقطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة في الناتج المحلي، يُحتِّم على “منشآت” أن تنهي على التحديات (أو تخفف من وطأتها) أمام المنشآت الصغيرة والمتوسطة، تمكين القطاع الخاص في دعم هذه المنشآت وأصحابها. ودعم الجامعات لتناول موضوع الابتكار وريادة الأعمال بشكل جاد.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال