الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لا أعتقد أن هنالك تفسيرا محددا لمفهوم القوة، كونه مفهوم متعدد المحاور ومن الصعوبة بمكانٍ قياسه، لكن هنالك من يشير دائما الى أن القوة هي القدرة على خلق التغيير، وذلك ما جسده تماما صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، عندما أحدث تغييرا تاريخيا في المنطقة المحايدة المقسومة بين السعودية والكويت ( الخفجي والوفرة)، بتوجيه من القيادة الرشيدة، من خلال الاتفاقية التي وقعها الثلاثاء الماضي ممثلا عن حكومة المملكة مع الكويت والملحقة باتفاقيتي تقسيم المنطقة المقسومة والمنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة بين البلدين.
العمل الجاد هو سمة صاحب السمو الملكي الأمير عبدالعزيز بن سلمان وزير الطاقة، هكذا عرفته الخفجي ويعرفها منذ أكثر من ثلاثة عقود. كلما حل في المحافظة الصغيرة أحدث تغييرا هائلا، منذ الشريك الياباني، وتاليا مع دخول أرامكو.
يأتي الرجل الهادئ ويترك بصمة لايمكن لأهالي المحافظة نسيانها، والمبهج أنه يفعل ذلك بصمت.
أقل مايقال عن الاتفاقية التي وقعها أمس إنها اتفاقية تاريخية وجوهرية وفي مجملها نوعية بما تحمله الكلمة من معنى، وتضع حدا لمسائل ظلت عالقة بين البلدين لما يربو عن 50 سنة شهدت خلالها الكثير من التحديات الفنية والتشغيلية لشركات البترول العاملة في المنطقة، واستخدمت أحيانا من أطراف خارجية ووسائل إعلام مغرضة لمحاولة ضرب العلاقة بين البلدين الشقيقين دون جدوى.
حجم التحديات التي واجهتها الشركات كبيرة، وأحيانا تكون معقدة ومتشابكة وتتراوح بحسب الظروف وألقت بظلالها على ثروة بترولية هائلة تقدر بنحو 500 ألف برميل يوميا أصبحت متوقفة منذ 4 سنوات.
صحيح إن المشكلة فنية في جوانب كثيرة، وفي جوانب أخرى بيئية، لكن الأمر الأكثر أهمية هو وضع الأمور في نصابها بتقسيم المنطقة المحايدة المقسومة بين البلدين بشكل أكثر وضوحا.
وهكذا أصبحت المنطقة في شمال الخط الفاصل تتبع سياديا للكويت، والمنطقة في جنوب الخط تتبع سياديا للمملكة.
لا يمكن إغفال دور صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في حسم الملف والتوصل إلى هذا الاتفاق التاريخي، وهو ما أشار إليه سمو وزير الطاقة في تصريحاته بعيد التوقيع، كما نتذكر تصريحاته لوكالة بلومبيرج في أكتوبر 2018 عندما قال” لا يمكننا حل مسائل عالقة بين البلدين منذ 50 عاما في أسابيع قليلة، أنا أعتقد أنها مسألة وقت”.
وبالفعل، قد حان الوقت لتوقيع الاتفاقية من أجل إغلاق ملف استمر أكثر من خمسة عقود، وهو ما يؤكد عزم البلدين على تعزيز التعاون المشترك وضخ المزيد من الاستثمارات.
إن من شأن الاتفاقية أن تفتح آفاق واسعة للمنطقة وتعزيز صادراتها النفطية، إلا إنه يتعين على شركة أرامكو لاعمال الخليج، ذراع الحكومة السعودية في المنطقة، تغيير استراتيجيتها، بحيث تتوسع في أعمالها من خلال إنشاء مراكز أبحاث نفطية، إذا يطمح أهالي المحافظة أن تكون الخفجي من ركائز رؤية 2030 فيما يتعلق بالصناعة النفطية، وما يرتبط بها من صناعات تحويلية ولوجستية خصوصا.
الخفجي لم تستثمر كما ينبغي، وأعتقد أن لها مستقبل واعد في هذا الإطار، فهي تمتلك مزايا تنافسية مذهلة، إذ بامكان شركة أرامكو لأعمال الخليج توفير اللقيم لإقامة مدينة صناعية في المحافظة التي تتميز بموقعها الجغرافي الاستراتيجي، كونها منطقة حدودية وساحلية، وهو ما سينعكس على اقتصاديات المحافظة، ويرتفع مساهمتها في الناتج المحلي الاحمالي.
معظم أهالي الخفجي يعملون في الشركات النفطية، وهو ما منحهم قوة شرائية كبيرة، وهذا الأمر سينعكس على اقتصاد المنطقة، ويشكل عوامل إضافية في استقطاب مزيدا من الاستثمارات، في ظل التغلب على التحديات العالقة بين البلدين، والتي لطالما كانت عائقا حقيقيا نحو المضي قدما في الأعمال المشتركة.
اليوم تبتهج الخفجي بتوقيع الاتفاقية التي تترجم حجم العلاقة التاريخية والأخوية بين البلدين اللذين يرتبطان بالدم ووشائج النسب والمصير المشترك.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال