الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كل عام وأنتم بخير .. انتهى العام 2019 كان عاماً هادئاً من الناحية الاقتصادية ، لم يكن سيئاً ولم تحدث اي أزمة اقتصادية عالمية كما سوّق لها اصحاب النظرة التشاؤمية ممن لا يفرق بين الكساد والتباطؤ والركود والأزمة وطريقة حدوث أي منهما وعلاقة ذلك بالدورة الاقتصادية .. الغريب انهم رحّلوا ذلك أيضا للعام 2020 وهكذا هو الحال من سنوات .. في كل الاحول لم تُسجل أي مخاطر او أزمات خلال العقد الماضي ، قليلا من القضايا المتشابكة والكثير من المكاسب وبعض من الأحداث القليلة التي لم تشكل فارقاً كبيراً في المحتوى الاقتصادي العالمي ونتائجه ، أجابت على تنبؤاتهم الأرقام الفعلية والتقديرات المُحققة ، تعاظمت نسب الإنتاجية وتقلصت نسب البطالة العالمية الى مستوى قياسي في حدود 4.9%.
تباينت معدلات الناتج المحلي الاجمالي في حدود التوقعات وانعكس ذلك ايجابا بنموه في معظم اقتصاديات الدول النامية وهناك نماذج لدول نامية استطاعت ان تحقق معدلا عاليا غير مسبوق في الناتج المحلي الإجمالي ونسبة متوسط دخل الفرد الى الناتج الاجمالي وذلك لأنها وظفت جيدا ميزاتها النسبية وطبقت نماذج اقتصادية جديدة ، وفي الإجمال لم يحدث ما يهدد الاقتصاد العالمي فقد قفز اجمالي الناتج المحلي الحقيقي العالمي من 33.59 ترليون دولار في عام 2010 الى 85.91 تريليون دولار في عام 2018 كما ارتفع نصيب الفرد من اجمالي الناتج المحلي من سالب 2.87 دولار عام 2009 الى 1.84 دولار في عام 2018 ، بيد ان التحديات الأكبر اقتصاديا كانت في مناطق النزاعات الحربية.
في غضون العشر سنوات الماضية تباينت تحديدا عددا من الاحداث الاقتصادية التي وان كان تأثيرها محدودا الى ان من ابرزها ما شهدته الأسهم الأمريكية في مايو 2010 من هبوط حاد انخفض معه مؤشر داو جونز الى 998.5 نقطة في غضون دقائق وما لبث ان قام السوق بالتصحيح ليغلق عند نسبة 3% وفيما بعد تبين ان سبب ذلك هو أمر بيع بقيمة اكثر من اربعة مليار دولار من قبل صندوق مشترك توالت الاحداث مثل أزمة منطقة اليورو وملف خروج بريطانيا من الاتحاد الدولي والتي لم تنتهي حتى يومنا الحاضر إضافة الى المعركة التجارية بين بكين وواشنطن.
شهد العام 2011 وفاة مؤسس شركة ابل ستيف جوبز وشهد العام 2014 الطرح الأولي لعملاق التجارة الالكترونية علي بابا في عام 2014حيث جمعت الشركة 25 مليار دولار وبلغت سعر السهم 68 دولار في يوم الافتتاح واغلق على 94 دولار وفي يناير من العام 2015 شهدت الأسواق العالمية هبوطا حادا في أسعار البترول من 114 دولار في يونيو 2014 الى 46 دولار في يناير 2015 وما لبث ان عاود الصعود حتى وصل في ابريل 2015 الى 62 دولار و في عام 2017 سجل البيتكوين اعلى مستوى قياسي تجاوز 21 الف دولار واغلق بنهاية العام على نحو 14500 دولار كما شهد العام 2019 الطرح العملاق لأكبر شركة نفط في العالم وهي شركة أرامكو السعودية والتي تجاوزت قيمتها السوقية اكثر من 2 ترليون دولار .
العام الجديد 2020 يحمل أيضاً نظرة تفاؤلية يشوبها الرغبة الدولية لتحقيق كفاءة اقتصادية عالية واستقرار اقتصادي وتنمية مستدامة، عام خال من المخاطر الاقتصادية كما يأمله المجتمع الدولي ،هناك جدية في تحقيق اعلى المكاسب والنمو والازدهار وتوجه اكبر نحو تعزيز برامج الصحة الشامل وتقليص معدلات الفقر والرفاهية وجودة الحياة والاستثمار في رأس المال البشري والتقنية .
اجزم ان قمة العشرين التي ستعقد في الرياض في نوفمبر من هذا العام ستكون نقطة ضوء العالم ، البوابة نحو خطة عمل تنفيذية عالمية لمعالجة اغلب واكبر القضايا الشائكة كتغيير المناخ والمخاطر البيئية التي تهدد الرخاء العالمي وغيرها من الملفات المهمة ، ومن هنا تأتي استضافة ورئاسة المملكة لقمة دول العشرين بأبعدها المتعددة في تعزيز قوة ومكانة المملكة في العالم ولاعبا رئيسيا في الأسواق العالمية ، ومن المتوقع ان يشهد اقتصاد المملكة في العام 2020 استمراراً في المحافظة على معدلات نمو الناتج المحلي غير النفطي والذي يعد أحد اهم الجوانب المكتسبة مؤخراً والذي اسهم في تعزيز كفاءة أداء المالية العامة وصولا الى التحسن في أداء معدلات النمو الاقتصادي واسهامات إنتاجية أوسع للقطاع الخاص وتعزيز القدرات الاستثمارية وسوق العمل وعليه فإن المعطيات تؤشر الى الاستمرار في تنفيذ برامج القطاع الخاص من خلال تقديم حزم من الدعم والتحفيز وتعزيز القدرات التنافسية لهذا القطاع وتعزيز دوره التنموي ، إضافة إلى الإجراءات المتعددة والشاملة لتحسين مناخ الاستثمار والأعمال للوصول الى تحقيق مستهدفات رؤية المملكة 2030، وكذلك مواصلة خلق البرامج التنموية والصناعية من خلال الاستمرار في اداء كفاءة الانفاق الاستثماري وتعزيز اسهامات برامج التخصيص وتحفيز القطاع الصناعي وتحقيق مرونة الاعمال ومبادرات التمويل وعليه فإن هناك حاليا قاعدة داعمة نحو ذلك المكونات تتعلق بالحوكمة والمعايير والجودة وهذا يصب في نشوء الشركات الإنتاجية الناشئة وتولد المزيد من الأنشطة الصغيرة والمتوسطة ، وتحقيق المزيد من المكاسب ذات قيّم مضافة في تنوع مصادر الدخل وجذب استثمارات واسعة وتوليد المزيد من فرص العمل .
مجمل القول : لم تكن هناك مفاجآت اقتصادية غير سارة في العام 2019 او حتى خلال العقد الماضي بل على العكس من ذلك ارتفعت وتيرة الأداء الاقتصادي العالمي والجهود الدولية متواصلة لاحتواء التباطؤ الاقتصادي العالمي المتوقع لكنه يبق في حدوده الآمنة كما هو الحال في الدورة الاقتصادية التي تبدأ عمليات التعافي بعد مرحلة التباطؤ . وفي المقابل يبق الاقتصاد السعودي محافظا على مكتسباته ونموه متجاوزا العديد من التحديات التي واجهت منظومة الإصلاح .. كل ما في الامر اننا بحاجة الى دعم النظرة التفاؤلية واكتساب الواقعية عند أي تحليل او دراسة اقتصادية لنصل بتضافر الجهود الى المزيد من النجاحات الاقتصادية والتنموية ، كل التوفيق والسداد لبلادنا الغالية بقيادة خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد عَرّاب رؤيتنا المباركة حفظهما الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال