الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
كيف سيساعد الاستثمار في الطاقة في نمو الناتج المحلي في السعودية؟، هذا سؤال هام وللاجابة عليه لابد من فهم العلاقة بين النمو الاقتصادي واستهلاك الطاقة فهو مفتاح سياسات الطاقة، فكيف ستحفز سياسات الاستثمار في الطاقة نمو الناتج المحلي السعودي؟
يرتبط النمو الاقتصادي بالطلب على الطاقة، فمع نمو الاقتصاد يزداد الطلب على الطاقة وينتعش أكثر إذا تنوعت مصادرها. أما اذا كانت الطاقة مقيدة، فإن هذا النمو سيتراجع.
هناك ثلاث محاور أساسية يرتكز عليها الاستثمار في الطاقة أولها تأثير كفاءة الطاقة على النمو الاقتصادي، فمع زيادة التمدن والنشاط الصناعي تزداد الحاجة إلى الطاقة وبالتالي الحاجة إلى الاستثمار فيها وهذا سيؤدي إلى التوجه إلى التقنيات والابتكارات والتي تؤدي إلى تحسين نوعية الطاقة المقدمة إلى المنشآت وهذا ايضا سيؤثر بالشكل الايجابي على تطور كفاءة الصناعة وبالتالي تطور مخرجات الصناعة.
بالنسبة للأفراد فهناك زيادة في الطلب على منتجات مثل الثلاجات، وآلات الغسيل، ومكيفات الهواء، لذلك فإن التقدم في إضاءة LED والأجهزة الذكية وغيرها من التطبيقات سيقلل بشكل كبير من كثافة الطاقة للأسر. أيضا ستؤدي التغييرات في تفكير المستخدمين إلى زيادة الكفاءة ولا يقتصر ذلك على إدراك سلوكهم (مثل إطفاء الأنوار ومكيفات الهواء في حالة عدم استخدامها)، بل استفادتهم من الابتكارات مثل المستشعرات الأوتوماتيكية والأجهزة الخاضعة للتحكم، والتي ستساعد بشكل كبير على رفع كفاءة الطاقة وعدم هدرها.
المحور الآخر هو الاستثمار في مصادر الطاقة المتجددة والذي يعد ضرورة للنمو الاقتصادي، فعندما نفكر في كمية الوقود التي نحتاجها لتشغيل سياراتنا أو مقدار الكهرباء التي نحتاجها من مخرج التوصيل لتشغيل أجهزتنا أو كمية الغاز الطبيعي أو الفحم في محطات توليد الكهرياء فإننا نبدأ بشكل طبيعي بالتفكير بكمية مدخلات الوقود المطلوبة. ولكن مع مصادر الطاقة المتجددة فإن المقاييس تكون مختلفة، فنحن لا نقيس كمية الوقود التي ستحرك توربينات الرياح أو الوقود الذي سيشغل الألواح الشمسية وإنما نقيس كمية الطاقة الصادرة منهم.
هذه السياسات ليست مسؤولية وزارة الطاقة لوحدها، بل هي مجموع لممارسات جهات حكومية اخرى اضافة الى القطاع الخاص ومن ضمنهم رواد الأعمال وايضا الأفراد عن طريق احداث تحول في الأعمال. فعلى سبيل المثال بائع التجزئة ممكن أن يصبح منتجًا للطاقة وذلك حينما يقوم بتركيب الألواح الشمسية على سطح متاجره. كذلك التحول في السوق وذلك بجذب المستهلك إلى المنتجات الخضراء (كالمكيفات التي تعمل بالطاقة الشمسية) والمنتجات القابلة للتدوير وبأسعار تنافسية وبخيارات متعددة تناسب جميع طبقات المجتمع.
فرض الأنظمة والقوانين الحكومية سيساعد بشكل ايجابي على توجه المستهلك الى حلول الطاقة ذات الكفاءة العالية والتقليل من التلوث والانبعاثات الكربونية، كمنع استخدام البلاستيك في اماكن محددة وفرض رسوم على استخدامه كما هو الحال في الدول المتقدمة. تقديم مكافآت تحفيزية أو استثناءات من الضرائب للمنشآت والمنازل التي تتبنى حلول الطاقة النظيفة.
وهنا ساشرح الموضوع بشكل اكبر، فلو على سبيل المثال تبنت وزارة الطاقة او مركز كفاءة الطاقة فكرة استبدال المنتجات القديمة الضارة بالبيئة والمستهلكة لكميات كبيرة من الطاقة بمنتجات صديقة للبيئة وحديثة تستهلك كميات اقل من الطاقة عبر حث المستوردين والمصنعين محليا باستقبال المنتجات القديمة وتقديم الجديدة بديلا عنها “مجانا” او بسعر اقل من السوق بنسبة تصل الـ 75% مثلا او قريبة منها لحث الافراد على استبدال منتجاتهم سيكون خيار في غاية الاهمية للجميع، حيث سيقلل استهلاك الطاقة وبالتالي يخف الضغط على الحكومة لتوفيرها في المقابل سيحصل المواطن او الوافد الذي لديه جهاز قديم على اخر جديد او بربع ثمن الجديد، بينما سيستفيد التاجر من ناحيتين الاولى امكانية تصدير الأجهزة القديمة الى اسواق اخرى لاتهتم بكفاءة الطاقة اضافة الى حصوله على تسهيلات حكومية من بينها: اعفاء من الرسوم الجمركية لهذه الأجهزة المقدمة مجانا اضافة الى اعفاء من الضرائب ومن الممكن ان يصل الامر الى اعفاء من المقابل المالي.
المحور الثالث هو أن أن نضع في اعتبارنا التوجه إلى اقتصاد الخدمات بالإضافة إلى الاقتصاد الصناعي. أثبتت الدراسات أن الاقتصادات المتقدمة تميل إلى أن تصبح اقتصادات للخدمات، ومعروف أن كثافة الطاقة في قطاعات الخدمات أقل بكثير من القطاعات الصناعية، حيث يساهم قطاع الخدمات في الولايات المتحدة على سبيل المثال، بنحو %80 من الناتج المحلي الإجمالي الوطني. في الصين والهند، وهما مؤخرًا من أعظم محركات الطلب على الطاقة، ستزيد حصة الخدمات في الناتج المحلي الإجمالي %10 خلال العقدين المقبلين.
يجب أن نضع في اعتبارنا أنه حينما تتقاعد الأجيال الأكبر سناً وتجد شركات الطاقة التقليدية نفسها تنافس شركات التكنولوجيا والذكاء الصناعي الأصغر سناً والتي تتحكم الآن في الصناعة، ومع حقيقة مستقبل الكربون المنخفض، وفي ظل انخفاض أسعار النفط، فإنه بلا شك سيكون الشباب هم قلب تحول الصناعة والطاقة الذي سيأخذنا إلى تقنيات جديدة تساعد في تبسيط حياتنا وخفض التكاليف.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال