الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تحالف جديد بدا يتشكل تحت مسمى الدول المطلة على البحر الاحمر، وهذه التحالفات ليست جديدة فكثير من الدول التي تلتقي في المحيطات والخلجان تنشيء فيما بينها تحلفات او اتحادات من اجل التعاون فيما بينها.
والاسبوع الماضي انضمت السعودية ومعها سبع دول هي السودان وجيبوتي والصومال واريتريا ومصر واليمن والاردن، في تحالف مجلس الدول العربية والافريقية المطلة على البحر الأحمر، قد يربط الكثيرين بين الاحداث السياسية التي تحدث في المنطقة ان هذا المجلس ربما يكون سياسيا او عسكريا، ولكن في الحقيقة هو تحالف لتوفير المزيد من الامن لهذه الشواطيء لعبور الناقلات والسفن بعيدا عن أي مضايقات او استفزازات وفتحها امام الملاحة العالمية لتكون بوابة الى العالم.
هذا ثاني تحالف للسعودية، الاولى كانت مع دول الخليج العربي وتحققت من خلالها الكثير من الانجازات التنموية، وهاهي الان تدخل في تحالف آخر للمزيد من الطمانينة لعلاقاتها التجارية مع الكثير من الدول، خاصة وان الاستفزاز الايراني في مضيق هرمز لا يزال قائما، ويهدد الحركة الملاحية ويعرقل التجارة ما بين الشرق والغرب وحتى افريقيا، وهذا التحالف الجديد لن يفيد السعودية فقط في تنشيط حركتها الاقتصادية بل سينعش الموانيء المطلة ويعيد لها عافيتها من التطوير والتحسين خاصة وان دول مثل اثيوبيا واليمن وجيبوتي والصومال لا تزال تحاول ايران السيطرة عليها فكريا وجعلها بلدانا متقوقعة مع نفسها، وتدخلها في صراعات مذهبية وتبعدها عن التنمية.
ربما هناك عدة عوامل ساعدت في قيام هذا التحالف، من اهمها بوادر انتعاش اقتصادي في هذه البلدان، فمثلا في جيبوتي تتسارع وتيرة النمو الاقتصادي ابتداء من 4 في المائة في 2017 وبلغت 7 في المائة العام الماضي، ويتوقع ان يكون محرك النمو هو تصدير خدمات النقل والخدمات اللوجستية، والتي تدعمها البنية التحتية للتجارة، فضلا عن نمو القطاع الصناعي فيها وتطور الصناعة الناشئة لتصنيع بدائل الاستراد، وهي بلد عاشت في حروب وصراعات، يهمها الان ان تنهض تنمويا.
اما الصومال التي تحاول تركيا ان تبتلع اقتصادها مستغلة بذلك ضعف اقتصادها وتقديم وعود غير حقيقية من استثمارات، وهذا البلد يحاول ان ينهض الا ان الصراعات الداخلية لا تزال تشكل عائق في تنميته، فإنضمامه لهذا التحالف سيمنحه القوة والفرص وتبادل الخبرات بين الدول الاخرى المجاورة وتحسين اقتصادها، وعلى الرغم من ان تركيا تحاول من خلال اللجنة الاقتصادية المشتركة بين البلدين، الا ان هذه الحملة من الواضح انها دعائية، ليرتفع رصيدها من الديون الخارجية الى نحو 5 مليارات دولار وهو ما وصفه صندوق النقد الدولي بأنه عبء لا تستطيع الصومال تحمله، فمن المرجح انها ستتجه بقوه نحو التنمية والاستفادة من انضمامها لهذا التحالف لتنعش اقتصادها وتستكمل بنيتها التحتية.
ويحاول السودان ان يقف على قدميه بثبات بعد ان تجاوز ازمة الاطاحة بالرئيس الاسبق عمر البشير وهو يحاول رفع اسمه من قائمة الدول الراعية للإرهاب. يقول وزير المالية السوداني إبراهيم بدوي انه يامل تحويل اقتصاد السودان من الراعي للارهاب الى اقتصاد سلام معتبرا ان بلاده كانت ضحية السياسة سواء على المستوى المحلي او الخارجي، واصفا إياه بالمعاق، خاصة وانه فقد 80 في المائة من ايرادات النقد الاجنبي بعد انفصال الجنوب كما فقد ثلاثة ارباع آباره النفطية بما يقدر 50 في المائة من ايراداته العامة، وهو احوج لاي تكتلات او تحالفات اقتصادية.
اما الاقتصاد الاردني والذي يعاني من استمرار البطالة وارتفاع نسبة الفقر، ورغم تحسن اقتصاده العام الماضي الا انه لا يزال يعاني، وهذا التعافي ليس مؤشرا كافيا، وارتفع الدين العام الى اكثر من 41 مليار دولار، مايعني انه بحاجه الى المزيد من الانتعاش الاقتصادي والتدفقات المالية. ولا يختلف الحال في اليمن عن بقية البلدان التي تعاني من انهيار اقتصادها منذ ان تدخلت ايران ومولت الحوثيين فقضت على الاخضر واليابس فيها، وهذه فرصة على طبق من ذهب لتستعيد عافيتها ضمن منظومة مشتركة وتستفيد من بعض الدول التي اقتصادها قوي. ويعيش الاقتصاد فترة اصلاحات شاملة في جميع النواحي، ومن الطبيعي ان يتأثر الاقتصاد المصري مع هذه المغيرات الاقتصادية وهناك مؤشرات ان ينمو الاقتصاد المصري بنسبة 6 في المائة العام المقبل.
اهمية مجلس الدول المطلة على البحر الاحمر وخليج عدن اضافة الى كونه مشروع تنموي اقتصادي، فهو يهتم بالامن في هذه الممرات المائية وحماية السلع العابرة، وتنشيطها وايضا المنافسة عالميا مع الدول الاخرى التي تتشابه معها في مثل هذه التحالفات مثل رابطة الدول المطلة على المحيط الهندي، ومن شان المجلس الجديد ان يعزز التعاون الاقتصادي والاستثمار في التنمية الاجتماعية، والتعاون الاقتصادي الاقليمي، من بينها تطوير المصالح المشتركة وتبادل المنفعة، وتبادل الخبرات والموارد البشرية بين البلدان وتخفيف قيود التنقلات، ويهمنا في هذا التحالف الجديد ان يستفيد من التكتلات والتجارب السابقة لدول سبقتها في مثل هذه المجالس او الرابطة، ولا يكون عملها تقليدي وشبه سنوي لا يلتقون الا في المناسبات ، انما من المهم ان تتفرع منها مجلس اخرى تهتم بشؤون اخرى مثل التعاون التجاري وتطوير الشواطئ والممرات وايضا معالجة الكثير من المشاكل التي تقع فيما بينها في الشان الساحلي، ربما تتحول هذه الرابطة التي ستكون مقرها الرياض، احد النماذج الجديدة في تكوين شراكات استراتيجية تخدم كل الدول التي معها. ربما المجتمع الاقتصادي يترقب لأول إجتماع لرؤوساء الرابطة او المجلس لمعرفة هويته واهدافه
—————
jamalbanoon@gmail.com
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال