الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في كل مرة يتحدث فيها وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان في المحافل المحلية والدولية يبهرنا دائما بأسلوبه الثري والعميق والمتسلسل الذي يصل بكل بساطة إلى عقل ووجدان كل من يستمع له. ولكنني لم أره كما رأيته في جلسة نقاش قمة المستقبل للاستدامة 2020، أحد فعاليات “أسبوع أبوظبي للاستدامة 2020”, وبمشاركة كوكبة من صناع القرار وقادة قطاع الطاقة ورواد الأعمال والمبتكرين من جميع أنحاء العالم.
فقد أوجز سموه في هذه الجلسة بشكل مذهل رؤية المملكة وخططها وانجازاتها في استدامة قطاع الطاقة في عدة دقائق بشكل يثبت في كل مرة أنه ليس مجرد وزير وإنما “عراب الطاقة” في المنطقة بل وفي العالم أجمع. لأنه يعلم أن تغيير منظومة الطاقة في مجتمع اعتاد أن يرتبط مفهوم (الطاقة) لديه بـ (النفط) ليس أمرا سهلا وأن التغيير يأتي أولا بتغيير طريقة التفكير. وللوصول إلى ذلك يجب أن تحاكي عقلية المجتمع وتؤثر عليه الذي لن يستجيب لك إلا إذا اقتنع بمبدأك واعتقد أن سمو الأمير نجح في الوصول إلى ذلك الهدف بأحاديثه ورسائله التي تعكس شغفه وطموحه من خلال عمله الدؤوب في تغيير منظومة الطاقة في أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم وبطريقة واقعية.
“ما تملكه المملكة العربية السعودية مختلف إلى حد ما مقارنة بالدول الأخرى ويجب أن تكون الفكرة الشاملة لسوق الطاقة العالمي حاضرة دائمًا في ابتكار مزيج الطاقة، والمعتمد على الغاز والطاقة المتجددة، واستراتيجية الطاقة الخاصة بك” هذا ما ذكره سموه في حديثه عن تبني المملكة لاستراتيجية جديد في مزيج الطاقة والتي تخطط لإضافة 60 جيجاوات من الطاقة النظيفة إلى الشبكة الوطنية بحلول عام 2030.
ومن هذا ستأتي 40 جيجا واط من محطات الطاقة الشمسية الضوئية و16 جيجاواط من توربينات الرياح و2.7 جيجا واط من الطاقة الشمسية المركزة، إلى منظومة الطاقة. تعتبر المملكة من بين أكبر 10 منتجين للغاز على مستوى العالم بحوالي 900 مليار متر مكعب من احتياطيات الغاز المثبتة. وقد أكد سمو وزير الطاقة أنه بحلول 2030 سيتم تطوير قطاع الغاز في المملكة بشكل كبير وسنحقق باذن الله نتائج عظيمة فيما يتعلق باستخدام الطاقة المتجددة.
الكثير يعتقد بأن أهداف سياسة مزيج الطاقة تقتصر فقط على التخفيف من الانبعاثات وتوفير مصادر طاقة مختلفة وفي الحقيقة فإن الهدف مزدوج، حيث سيلعب دورا كبيرا في اقتصاد المملكة وستكون هناك فرص للتصنيع لتقنيات الطاقة النظيفة بل وحتى تصديرها للخارج إلى جانب تصدير السوائل الهيدروكربونية التي ستحرر بعد استخدام مزيج الطاقة. والشيء بالشيء يذكر ففي حديثنا عن الاقتصاد يجب أن نذكر هنا مبادرة الاقتصاد الدائري الكربوني التي تبناها سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان والتي لاطالما يفتخر بها لأنه ينظر إلى الكربون على أنه مادة لها قيمة، والتي يمكن تصنيعها والاستفادة منها وتحقيق الدخل منها. وقد غطيت جزء من هذا الموضوع في مقالات سابقة وذكرت فيها بعض الاقتراحات لتحفيز القطاعات المختلفة والأفراد للتوجه إلى طاقة أكثر نظافة وملائمة للبيئة.
هل سمعتم بمصطلح Saudi CAFE أو معيار CAFE من قبل؟ هو جزء من البرنامج الوطني لكفاءة الطاقة والذي يهدف إلى تحسين كفاءة استهلاك الوقود في المملكة بنسبة تصل إلى 4% سنويًا إلى 55% من إجمالي استهلاك الوقود في قطاع النقل البري بحلول عام 2025. هذا البرنامج سيمكن المستهلكين من توفير الأموال وتقليل استهلاك الوقود الأحفوري وتعزيز دور المملكة في مكافحة تغير المناخ.
وها نحن نجني اليوم نتائج هذا المجهود فقد أظهرت البيانات الصادرة مؤخرًا عن الوكالة الدولية للطاقة (IEA) أن المملكة خفضت انبعاثاتها بمقدار 15 مليون طن من ثاني أكسيد الكربون (CO2) أي بنسبة 2.7 في المائة في عام 2018 وبذلك احتلت المرتبة الرابعة كأسرع انخفاض في الانبعاثات في مجموعة العشرين من البلدان. وهذا أمر مهم لأنه يعتبر أول تخفيض كبير في السياسة العامة لانبعاثات ثاني أكسيد الكربون في المملكة في الوقت الذي تترأس فيه المملكة العربية السعودية مجموعة العشرين وتستعد لاستضافة قمة قادة المجموعة في نوفمبر من هذا العام وعلينا أن نعمل معا في تبني هذه الاستراتيجيات في ممارساتنا و أعمالنا للمساهمة في انجاح مبادرات قادتنا في قمة العشرين.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال