الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
أجرى رئيس وزراء اليابان السيد شينزو آبي الأسبوع الماضي زيارة لثلاث دول خليجية وهي المملكة العربية السعودية, الإمارات العربية المتحدة, وسلطنة عمان, في وقت تمر فيه المنطقة واليابان بتغييرات كبيرة تجعل العلاقة بين اليابان ودول المنطقة ذات أهمية أكبر من أي وقت مضى وتكمن أهمية العلاقة في رأينا في ثلاث محاور.
المحور الأول
المحور الأول والبديهي هو أمن الطاقة بالنسبة لليابان التي تستورد 87% من إجمالي احتياجاتها من مصادر الطاقة المختلفة و90% من وارداتها من النفط تأتي من منطقة الشرق الأوسط. هناك عاملان يمثلان تحدي كبير لليابان في كيفية ادارة أي نقص في امدادات الطاقة من المنطقة. العامل الأول يتمثل في ضغط الولايات المتحدة الأمريكية عليها لكي توقف وارداتها من إيران بشكل كامل وقد تم ذلك بالفعل. توقفت اليابان عن شراء النفط الإيراني لإرضاء” الولايات المتحدة واستعوضت الفاقد بشراء كميات من النفط من المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة ومعالجة فرق الخام لكي يتماشى مع المصافي اليابانية بشرائها خامات إضافية من الأكوادور و الكاميرون وخلطها.
العامل الثاني في محور تحديات أمن الطاقة عدم جاهزية مخزون النفط الاستراتيجي لليابان في بعض الشهور من السنة لتعذر الوصول إليه في فصل الشتاء. حسب دراسة أجرتها الحكومة اليابانية لأختبار جاهزية مخزون النفط الاستراتيجي بعد تعرض أحد ناقلاتها النفطية لهجوم قبالة مضيق هرمز في يونيو من العام الماضي, استنتجت أن 20% من مواقع التخزين العشرة صعب أو مستحيل الوصول الية في فصل الشتاء.
لذلك أحد أهم زيارة رئيس الوزراء شنزو ابى هي زيادة السعة التخزينية للموردين داخل اليابان وذلك يخدم جميع الأطراف.
المحور الثاني
المحور الثاني هو المحور الدبلوماسي. اليابان تتمتع بقدر كبير من الثقة من جميع الأطراف ذات المصلحة في المنطقة, تحديدا” الأمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية, إيران, والولايات المتحدة. كل تلك الأطراف ترحب بوجود وسيط يمكن اللجوء إليه إذا دعت الحاجة لتهدئة درجة الحرارة الجيوسياسية وترى اليابان في سلطنة عمان شريك إقليمي في هذة الجزئية.
المحور الثالث
اليابان تواجه خطر ديمغرافي حيث متوسط عمر الفرد وصل الى 48.8 سنة مقارنة بما دون الثلاثين لتعداد سكان دول مجلس التعاون من مواطنين و وافدين. وما يفاقم الوضع الديمغرافي أن عام 2019 فاق عدد الوفيات في اليابان عدد المواليد بمقدار 500 ألف نسمة ولأول مرة في تاريخ اليابان الحديث (1899) يأتي تعداد المواليد أقل من مستوى 900 ألف نسمة. نصف إجمالي الثروة اليابانية المقدرة ب 17 تريليون دولار يسيطر عليها المعاشيين الذين بطبيعة الحال يمثلون شريحة اقتصادية غنية جدا” ولكنها غير فعالة في النشاط الاستهلاكي للاقتصاد. بل على العكس, وكبار السن في اليابان يزيدون من حجم الدين العام حيث تلتزم الحكومة برعايتهم الصحية من خلال برامج الرعاية الاجتماعية الحكومية التي من المتوقع أن تصل تكلفتها عام 2040 الى 25% من إجمالي الناتج المحلي.
في نفس الوقت, تسعى دول الخليج الى استشراف مستقبل اقتصادياتها ما بعد عهد النفط والاستعداد لذلك واليابان كدولة فقيرة الموارد تمثل أحد أحسن أمثلة اقتصاد المعرفة في العالم. فاليابان تحتاج القوة الشرائية الهائلة والشابة لسكان منطقة الخليج, ودول الخليج تحتاج لخارطة الطريق اليابانية التي جعلت منها ثالث أكبر اقتصاد في العالم رغم عدم امتلاكها للموارد الطبيعية لا سيما النفط.
لذلك نرى أن زيارة رئيس الوزراء الياباني للمنطقة هي بداية لمرحلة جديدة في العلاقة بين دول المنطقة واليابان نابعة من حاجة كل طرف للآخر في إطار المصلحة المشتركة التجارية, الجيوسياسية, والاقتصادية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال