الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
منذ سنوات قريبة بدات السلطات العمالية في السعودية تخفيف القيود عن العمالة الوافدة التي تعمل لدى القطاع الخاص، وذلك بتقليص صلاحيات الكفيل، إبتداء بالرسوم التي تستحصلها مقابل إصدار أي تأشيرة عمل ومنح الوافد العامل فرصة الانتقال الى مؤسسة أخرى دون موافقة الكفليل في حال انه كان في النطاق الأحمر، والاحتفاظ بجواز سفره بعد أن كان الكفيل هو الذي يحتفظ بها.
وحفظت للعامل الوافد حقوقه التي كان يشتكي منها سابقا مثل انهاء الخدمة دون انذار او عدم تضمينه في التأمين الطبي والزام الشركات بالالتزام بدفع مرتباته الشهرية دون تأخير من خلال حسابه المصرفي، ومن اجل المزيد من الفرص، اطلقت الحكومة السعودية الأشهر الماضية برنامج الاقامة المميزة، وهذه تعني ان الوافد الذي يحصل على هذه الاقامة سيكون كفيل نفسه ويتميز بالعديد من الخدمات مقابل رسوم يدفعها لمرة واحدة للحصول على اقامة دائمة، ووفق النظام يعامل المستفيد معاملة المقيم من تطبيق الاحكام الضريبية والنظامية الأخرى، وفي نوفمبر الماضي منحت السلطات السعودية الاقامة المميزة لاول دفعة عددها 73 شخصا من 19 جنسية.
المراقب للخطوات السعودية تجاه العمالة الوافدة، يلاحظ انها تقترب من الغاء الكفيل تدريجيا من فتح سوق العمل حرا، مع إبقاء المهن والوظائف الادارية والمناصب للسعوديين، ومرات كثيرة يتحدث الوافدون هل يمكن ان تلغي السعودية نظام الكفيل؟، ومثلما فتحت تأشيرات السياحة والعمرة وجعلته سهلا، ولا تربطه بشركات سياحية او حتى شركات عمره وتركت للزائر حرية الاختيار للمؤسسة التي تخدمه لينضم اليها حين وصوله، هل يمكن ان نرى في المستقبل القريب وضمن رؤية السعودية 2030 التي تهدف الى رفع كفاءة سوق العمل وخلق المزيد من الوظائف للسعوديين.
الخطوات الأخيرة للاقامة المميزة كان من أهم اهدافها القضاء على ظاهرة التستر التجاري التي تعاني منها المملكة وتحاول ان تقض عليه من خلال البرنامج الوطني لمكافحة التستر التجاري الذي صدر العام الماضي، ويهدف لمعالجة التستر في كافة القطاعات وتطوير الأنظمة والتشريعات المتعلقة به، وتحفيز التجارة الإلكترونية واستخدام الحلول التقنية، كما يهدف لتنظيم التعاملات المالية للحد من خروج الأموال وتعزيز النمو في القطاع الخاص وتوليد وظائف جاذبة للسعوديين وتشجيعهم للاستثمار وإيجاد حلول لمشكلة تملك الأجانب بشكل غير نظامي في القطاع الخاص.
فعليا التستر التجاري في السعودية ظهر منذ 40 عاما في السعودية حينما فتحت أبواب الاستقدام من الخارج والتجارة فيها، وتسبب في اغراق سوق العمل بعمالة رديئة البعض منهم كان جشعا فأفرزت لنا بطالة وسلع مغشوشة وبيئة طاردة لعمل السعوديين وحدث هذا حينما كان الكفالة نشطة وكان الكفيل السعودي يحقق ثراء غير مشروع منها من خلال التستر التجاري، بحيث يكون النشاط للعامل الوافد وتكون الاوراق والمستندات امام الجهات الحكومية فقط بأسم السعودي، وهذه التجربة اعطتنا معلومات غير صحيحة عن حال الاقتصاد السعودي ما جعلته في وقوائم متأخرة في قائمة المنظمات التجارية الدولية.
ومنذ ان بدات الاصلاحات الاقتصادية بعد 25 إبريل من عام 2016 حملت رؤية السعودية 2030 المزيد من الاصلاحات لجسد الاقتصاد السعودي طالت جميع المناحين ونقلت السعودية الى مراكز متقدمة عالميا، ولعل أحدثها على الإطلاق التقرير الذي صدر عن مجموعة البنك الدولي في تقرير المراة وانشطة الاعمال والقانون وصنفت الاولي خليجيا والثانية عربيا وحصلت على نحو 71 درجة من اصل مئة في مقياس التقرير ونفت 12 إصلاحا من الانظمة واللوائح المرتبطة بالمرأة.
أقول طالما ان تخفيف القيود على العامل الوافد، وقد نتج عنها الكثير من المعالجات لخلل اقتصادي كان موجود، فماذا يمنع ان نتخذ خطوة نحو الامام بما أن الغاية تصحيح سوق العمل السعودي، بحيث يسمح للوافد ان يحضر الى السعودية ونحدد رسوم تأشيرة العمل، ويحضر بنفسه ليبحث عن عمل او يتفق مع أي مؤسسة او شركة ترغب التعامل معه، فيكون فقط عقد العمل هي الوثيقة التي تسمح له الحضور، ياتي بنفسه ويبحث عن العمل، دون أي تكلفة على الكفيل من رسوم او إقامة ويكون كفيل نفسه ولا تلزم الشركات بنقل الكفالة.
هذه الخطوة قد تبدو صعبة او مستحيلة، انما هذا لا يمنع ان يدرس الموضوع من كافة جوانبه ونضع مصلحة البلد فوق كل شيء، وبالتالي تكون الحاجة لهم في الاماكن المهمة والضرورية، وحتى الاعمال البسيطة والمهن والحرف الصغيرة والاعمال الدونية يمنح لهم تأشيرة عمل تمكنه من الحضور والالتحاق بأي شركة وفق عقود وانظمة.
على يقين ان تحرير سوق العمل والغاء الكفالة سوف يفتح الكثير من فرص العمل امام السعوديين، فالذي يعيقهم حاليا هو التحايل الذي يقوم به الكفلاء بوضع عماله في غير تخصصه في اماكن اخرى مستخدمات مسميات ووظائف لا يمكن ان تعارضه الجهات الحكومية، ومنها ترتاح وزارة العمل من النطاقات التي اخترعتها منذ سنوات حيث ان هذا النظام فقط معمول به في السعودية، وساعدت في خروج الكثير من المؤسسات التجارية نتيجة قفل ملفها او تعثر نشاطها.
شاهدنا بعد الاصلاحات السعودية لبعض انظمتها وقوانينها، غادر نحو مليوني وافد، حينما تقرر السعودية الغاء الكفالة سيغادر العدد الفائض، وتتحسن احوال سوق العمل ويصبح السوق اكثر رشاقة من الترهل الموجود حاليا من خلال 13 مليون وافد، لست ضد وجود العمالة الوافدة فالبحث عن الرزق حق مشروع لكل شخص وبيئة السوق السعودي جاذبة للعمل، انما اطلب بالتقنين والتنظيم ومراجعة بعض الانظمة والقوانين وتعديلها بما يتناسب مع رؤيتنا الطموحة.
————
jamalbanoon@gmail.com
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال