الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نظر زيد عبر الإطلالة الساحرة على مضيق البسفور من شقته في منطقة -أردوغ- التركية وفي عينه حسرة وإنكسار شديد، حيث كانت هذه النظرة -رسمياً- هي الأخيرة له في شقته هذه، بعد أن قررت المحكمة الأردوغية الحجز على شقته لسداد الرسوم والخدمات والضرائب المترتبة عليها والتي تعادل أكثر من ضعف قيمتها!!، كل هذا لم يكن زيد يعلم عنه شيئاً، فقد اتبع كل الخطوات التي ذكرها له “رجب” -معلم الشاروما- السابق في جدة، والذي تحول إلى سمسار عقارات بعد أن وجد الإقبال على العقارات التركية بالخليج أكثر من الشاورما. وبينما كان زيد يغادر المبنى، وجد أمامه عبيد الشاب السعودي الثلاثيني الهادئ، واقفاً مع ثلاثة من شعب أردوغ في بهو المبنى، وتنامى إلى سمع زيد كلمات انجليزية ركيكة يقولها عبيد للأردوغيين مثل: انها شقتي أنا، رقم الشقة مذكور بالعقد، كيف تبيعونها لشخص آخر!!.
هذه المشاهد الخيالية المقاربة جداً لواقع بعض -المستثمرين- برواتبهم ومدخراتهم وحتى تسييل محافظهم في العقارات التركية!. تحذيرات الحكومة السعودية من خلال سفارتنا في أنقرة أصبحت أمراً دورياً نشاهده على صفحات التواصل الإجتماعي والقنوات الرسمية، ولكن رغم ذلك يصر البعض على الإستمرار في شراء العقارات هناك، ومع الأسف أنهم يعودون للسفارة السعودية للشكوى بشأن النصب والإحتيال، وحينها لا ينفع الندم، لأن العقود موقعة وموثقة وكلها بطبيعة الحال تدين المستثمر السعودي -الأعمى حرفياً- عن الحقيقة.
وهنا نسأل أنفسنا: ماهي الحقيقة، هل سنضيع على انفسنا فرصاً استثمارية في تركيا من أجل القيل والقال، أم نستمر ونحاول ان نستعين بمحامين محترفين هناك لتدقيق العقود والتأكد من عدم وجود ثغرات فيها. أرى أن نحاول استقراء الموضوع من زاوية البائع التركي، الذي يرى في المستثمر السعودي فرصة لا تعوض، لإستحلاب مداخيله ومدخراته تدريجياً، واغراءه بتخفيضات مخطط لها مسبقاً في حال جلب مستثمرين أخرين من خلاله، ثم يفاجئه هو وأصدقائه بالورقة الرابحة الأخيرة -العقد العميق- وهو تعبير عن -ماوراء العقد- من بنود مشار إليها وأنظمة غير مرفقة مع العقد، تؤدي إلى الحق الكامل في مطالبة العميل بالرسوم والضرائب وغيرها من البنود الخارجة عن قيمة العقد. أو إعداد العقد من الأساس بطريقة غير نظامية ولا تقبلها أي محكمة في حال الشكوى، وذلك ليتم بيع الشقة عدة مرات للعديد من المغفلين الذين لم ولن يحميهم قانون أو سفارة.
السؤال الهام الأن: لماذا يتجرأ البائع التركي على ذلك مع المستثمر السعودي تحديداً، ولماذا لا يفعل الأمر ذاته مع المستثمر الأمريكي أو الاسرائيلي أو الأذربيجاني الذين يستثمرون في تركيا بتجارة الدخان والسلاح وحتى الممنوعات الأخرى. ويجدون كل الحماية من الحكومة التركية. بإختصار لأن طبيعة العلاقات مؤخراً تجعل من السعودي هناك شخصاً -لا دية له- لدى نظامهم، بمعنى أن التحقيقات والجهد الأمني والقانوني لحماية السعودي في تركيا، أصبحت في أدنى مستوياتها، وأتذكر هنا حادثة اختطاف السيدة السعودية في اسطنبول عام 2019، والتي لم تنتهي على خير إلا بعد تدخل شقيقها البطل الذي غامر بحياته وقام بعمل مكيدة للمختطفين ومن ثم القبض عليهم من قبل الشرطة على مضض!!.
وقبل تدخل هذا البطل، لم يكن هناك أي تحرك رسمي حقيقي من الأتراك بل مجرد إجراءات ورقية، حتى صحافتهم لم تهتم بالأمر. وهذا يؤيد مقولة -لا دية له-، وبإختصار إذا نصب عليك البائع التركي، فلن يطارده القانون إلا بمسائلة بسيطة وسيعتبرها مجرد خلاف تجاري، بينما هو يعلم في الحقيقة في قرارة نفسه، بأنها عملية نصب محترفة.
وعليه فإنني أوصي المستثمر السعودي بالتأني قبل أن يصدق أوهام الاستثمار العقاري في تركيا أو الخليج أو غيرها، بالنظر بعين الإعتبار إلى الإستثمار في السعودية، في مدنها الجديدة، والسياحة والترفيه، وأفكار شبابها، وشركاتها الناشئة، وسوق الأسهم، الأراضي، المواشي، والزراعة وغيرها من أوجه الإستثمار، سواءً القصير المدى أو البعيد المدى، و هو القرار الأسلم، لتنمية وحفظ رأس مالك، وماء وجهك أيضاً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال