الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الهايبرلوب Hyperloop هي تقنية نقل عام راهنت عليها كفكرة وطورتها شركة فيرجن وذلك من خلال تأسيس شركة “فيرجن هايبرلوب ون” في الولايات المتحدة. وبطبيعة الحال فإن اي شركة تمتلك تقنية جديدة كهذه تحتاج لمباركة وشراكة مع دولة -مستهلِكة- ثرية شابة كالسعودية والإمارات؛ لتكون شرارة البداية لهذه التقنية والتي سيكون سعرها في أعلى درجاته للإصدار الأول. حيث لن تجد مثل هذه التقنيات رواجاً لدى دول أوروبا، أو الولايات حتى الغنية داخل امريكا، أو حتى لدى الحكومة الفيدرالية التي لم تتمكن حتى الآن -في إطار النقل- من توفير الدعم اللازم لموازنات الولايات الهامة لصيانة الطرق والكباري القديمة، والتي تم بناؤها من خمسينيات القرن الماضي او قبل ذلك بكثير.
أثناء الزيارة والجولة الكبيرة لصاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بالولايات المتحدة، والتي كان من ضمنها زيارة مخطط لها مسبقاً لشركة “فيرجن هايبرلوب ون”. تفاجأ الجميع أن نموذج الهايبرلوب الأول كان متوشحاً بالشعار السعودي بطريقة ابداعية. وكأن لسان حالهم حينها يضع سوق السعودية على رأس أولوياتهم لرفع أسهم الشركة، لا سيما ان السير ريتشارد برانسون مؤسس و رئيس الشركة الام كان حاضراً ومتحمساً لشرح التقنية، وكأنه مندوب مبيعات في العشرينات من عمره!!
وفجأة انتهى كل شيء. انطوى الهايبرلوب وتقوقع على نفسه في قفار أمريكا، كنتيجة للبروبجندا الشهيرة التي وقعت في أكتوبر 2018 والتي نتلمس الان انها افادتنا ولم تضرنا؛ حيث انكشفت معها الوجوه. وبكل عزيمة وحزم وقتها، استمر شبابنا في تنفيذ الخطط والبرامج وإيجاد بدائل محلية او عالمية لأي شركة -عزفت- عن توقيع الاتفاقات وبدء الأعمال المتفق عليها مسبقاً معنا. واتفقنا ضمنياً حينها ان جهة التصنيع التي تؤثر في قرارها بروبجندا عند – توريد- تقنية؛ بكل تأكيد ستؤثر فيها أي بروبجندا مستقبلية عند – الدعم الفني- او قطع غيار.
وهذا يجعلنا نتخيل انه سيأتي وقت نجد فيه أنابيب الهايبرلوب وكانها أنابيب مهترئة خاوية بعد توقفها لرفض الشركة -الام- ان ترسل لنا قطع الغيار لهذه التقنية الوليدة، وسيكون ردهم حينها: نعتذر لأننا لن نتعامل مع دولة تتحرك ضدها بروبجندا حتى لا تسقط اسهمنا في السوق. وهي حجة فيها تحوط مبالغ فيه طبعاً.
سأعرج قليلاً على العام 2001 وذلك بعد البروبجندا الشهيرة ضد السعودية لما كان يسمى بحادثة 9/11 والتي تم تبرئة السعودية حكومة وشعباً منها قبل عدة ايام، وذلك بعد صدور الأحكام النهائية لقانون جاستا ضد النظام الإيراني، الذي كان فعلياً هو المخطط والمنفذ للعملية وهو المخطط والمنفذ لإلصاق التهمة بالسعودية؛ وهذا أدى إلى توقف مؤقت وشلل أحياناً لكافة العمليات التجارية بين السعودية والشركات الأمريكية. وهذا كان الهدف الرئيسي للنظام الإيراني؛ بأن ننعزل عن العالم كما هم منعزلون. وهنا سأذكر حادثة تجارية شهيرة لشركة كنت أعمل بها، عندما رفضت شركة أمريكية بعد 9/11 ان ترسل قطع غيار لإصلاح تقنية هم جهة تصنعها لصالح الشركة السعودية؛ وهذا ما وضع المستثمر السعودي في مأزق شديد وخسائر متراكمة كانت تحتاج لقرار جريء.
تلك التقنية كانت في مجملها تقريباً 90% مجرد هيكل معدني مع بوابة وبعض التفاصيل الفنية الصغيرة. وهنا كان القرار الجريء من المستثمرين السعوديين بتصنيع تلك التقنية -محلياً- والتخلي الكامل عن الاستيراد من المصنع الامريكي الذي عاد للتواصل بعد -موت- البروبجندا؛ فوجد ان السعودي لم يعد بحاجة له؛ في مشهد قد يعجز اباطرة هوليوود عن إنتاجه بالشكل الذي حدث فعلياً.
هذا ما كنت اتمنى حدوثه مع عودة هايبرلوب لمحاولة جني ثمار النخلة، كنت اتمنى من السعودية ان تلبي دعوتهم للتفاوض حول توقيع العقد ثم نقوم -بتطفيشهم- بطلب مبلغ تعجيزي منخفض جداً لتوريد التقنية؛ مع خطة واضحة لتوطينها خلال خمسة سنوات محلياً. وهذا ما سيرفضونه طبعاً. وحينها ستنتهي العلاقة بيننا وبين هايبرلوب بهدوء كما انتهت مع ايلون مسك وشركته المتخصصة بتصنيع السيارات الكهربائية “تيسلا”.
ولكن الحقيقة مع الأسف، كانت مخالفة لذلك، حيث عاد رئيس “شركة فيرجن هايبرلوب ون” لزيارة السعودية، بعد -موت- البروبجندا الأخيرة، وقام المسؤول بإقفال الصفقة بكل كرم مع شركة فيرجن بهدوء وحميمية في إطار صورة ضيق جداً، وتم الافصاح عن ذلك بتغريدة مقتضبة بلا تحليلات او توضيحات؛ وهذا يوحي لنا بأن الهايبرلوب ابن ضال، خرج تحت شمس الظهيرة وعرج عائداً عشية إلى حضن امه. أو كأن الهايبرلوب دواء مجرب ونافذ لوباء نخشاه كالكورونا!.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال