نحو ثقافة قوية

كما أوضحت في المقال السابق أن ثقافة المنشأة القوية تحافظ على حماسة الموظفين، وتجعلهم سعداء، ما يؤدي إلى زيادة الإنتاجية، وزيادة قدرة المنشأة على المنافسة في السوق. الثقافة تجعل المنشأة متماسكة كوحدة واحدة، تجعل الجميع يعمل لنفس المهمة بنفس الروح، فما الذي يجعل ثقافة المنشأة قوية ورائعة لتساعدنا في تحقيق هذه النتائج؟.

أولاً المصطلحات والقواعد المشتركة، السلوكيات والتسميات والعبارات التي يتبناها فريقك من أجل الوصول إلى التفاهم بسرعة، فمع مرور الوقت يبدأ الموظفون في تعلم الطرق التي تسير بها الأمور في العمل، كيف يتم جدولة الإجتماعات؟ ما مدتها؟ ما هي طريقة عرض المشاريع على العميل؟ ما هي طريقة تلقي وإرسال المهام؟ كل القواعد التي تسيّر العمل واضحة للجميع.

ثانياً وجود موظفين يعرفون قيم ومهمة المنشأة. من خلال متابعة الموظف لفترة من الوقت سيتضح إذا ما كان يتماشى مع قيم وأهداف المنشأة أم لا، أثناء مقابلات العمل يمكنك معرفة المرشحين الجادين الذين يرغبون في العمل في منشأتك لأسباب تتماشى مع القيم والأهداف الخاصة بالمنشأة. فعندما يكون الموظفون متحمسين لقيم ومهمة المنشأة، فإنهم يكرسون أنفسهم لتحقيق ذلك الهدف، يقول مارك زوكربيرج “السبب وراء قيامنا ببدء شركة هو أنني أعتقد أن الشركة إلى حد بعيد أفضل وسيلة للجمع بين أفضل الأشخاص ومواءمة حوافزهم حول القيام بشيئ رائع”. 

ثالثاً الثقة في مهارات الموظفين ونيتهم. فلكي يعمل الموظفون معاً بفعالية، يتعين عليهم الوثوق ببعضهم البعض، بدون الانفتاح والترابط اللذان توفرهما الثقة، تظهر أفكار أقل وأداء ضعيف وابتكار أقل. 

رابعاً الإيمان بحقيقة أن القرارات الجيدة يمكن أن تأتي من أي مكان بالمنشأة. فالموظفون الجيدون يريدون أن يكون لهم صوت وتأثير حقيقي على المنشأة واتجاهها، يريدون أن يتأكدوا أنه يمكن لأي موظف الفوز في نقاش مع أكبر مدير بالمنشأة، حيث تحقق المنشآت نجاحاً أكبر عندما يُمنح الموظفون هذا النوع من الحرية الذي لا يتقيد بتسلسل هرمي، هذه الحرية من أساسات جذب الأفراد الموهوبين الذين سيتناسبون مع ثقافة المنشأة. 

خامساً رؤية المنشأة نفسها كفريق وليس مجموعة من الأفراد. فالأفراد يرون أنفسهم منفصلين عن بعضهم البعض، كل فرد يعمل على المشروع المخول له ولا يقدم مساعدة إلا مضطراً، أما الفريق فيعمل معاً في جميع المشاريع المتعلقة بالعمل ويساعد بعضه البعض إذا تطلبت الحاجة، لا يهم من الذي يحصل على الثناء في النهاية، الفريق وحدة واحدة متماسكة وليست منفصلة. 

سادساً وجود الممارسات التي تنشر الثقافة بسهولة للموظفين الجدد. فلإنتشار ثقافة قوية في المنشأة يجب عليك توثيق الثقافة في صورة ممارسات واضحة، تكون سهلة المشاركة، ويتم تعزيزها بشكل دائم وإيجابي. 

أخيراً يجب أن نعلم أنه يتطلب بناء ثقافة قوية والحفاظ عليها جهداً ووقتاً مركزين، فالثقافة القوية ليست جامدة ولكنها حية يجب تعزيزها وتطويرها باستمرار.