الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في البداية، من المهم التوضيح أن الثيران في أسواق المال هم الأشخاص المتفائلين بمستقل الاقتصاد وسوق الأسهم بالتحديد. التسمية جاءت من حركة الثور عند الهجوم، حيث تكون من الأسفل إلى الأعلى في حركة صاعدة، ويقابلها حركة الدب الهجومية التي تكون من الأعلى إلى الاسفل في حركة هابطة، ولذلك أصبح توصيف “الدب” يعبّر عن المتشائم بحركة اسواق المال.
تمر الأسواق بصراع دائم بين الطرفين وهي في وضع كر وفر دائم، إلى أن يتغلب طرف على الآخر عدة مرات، فيكتسب ثقة مفرطة، تجعله يندفع بكل جنون مما يؤثر على اتجاه اسواق المال بشكل قوي مع الطرف المندفع. لذلك أسواق المال تنصب مصيدة قاتلة لهذا الجنون، تنهي به رحلة من الثقة العمياء والسلوكيات التي لا تحترم الثروات، بغض النظر عن كون الضحية من الدببة أو الثيران.
أقسى مصيدة للمتفائلين “الثيران” نصبها السوق السعودي كانت في فبراير للعام 2006، بعد موجة من الصعود القوي والغير منطقي لأسهم الشركات المدرجة، وكان ضحيتها نسبة كبيرة من المتداولين، بعدها استمرت المصائد، مرّة للمتشائمين ومرة للمتفائلين. وهذه طبيعة اسواق المال التي يحكمها في الأساس العرض والطلب، لكنه ولأسباب عاطفية وسلوكية، يبالغ المتداولين في نهاية كل اتجاه، مما يضطر السوق لنصب تلك المصائد حتى تعود الأمور الى طبيعتها على المدى الطويل. وهذا هو النطاق الزمني الذي يربح فيه مستثمرو الشركات القوية ويتجاوزون أثر كل هذه المصائد.
اليوم يمر السوق الأمريكي بأطول فترة اداء ايجابية في تاريخه، ولم يصادف المتفائلين مصيدة قوية منذ أزمة 2008، لكن مؤشرات اسواق المال الأمريكية تقول أنها ضاقت ذرعاً بهذه الارتفاعات ووصلت مرحلة المبالغة، وقد نُصبت المصيدة، حيث بدأت أسعار الشركات في الارتفاع المبالغ فيه، وبدأ بعض ملاّك الشركات القوية بالتخارج عند المستويات الحالية.
لا أحد يعرف سقف أو عمق تلك المصائد، ولا مدتها الزمنية، لكن في الغالب يكون ضحيتها الجيل الذي قرر بشكل متأخر ان يستثمر في أسواق المال، ويتعرض لخسارة كبيرة تخيفه من اسواق المال وتصنع عقدة كالتي عاشها أغلب جيل 2006 في سوقنا السعودي.
هناك نوع من مستثمري القيمة على وجه التحديد، يتواجدون عند مصائد الدببة فقط، بينما عند مصائد الثيران، تجدهم في موقف نقدي عالي، لأنهم لم يستطيعو توظيف أموالهم لغلاء السوق، أو وجدو فرص تخارج مغرية، تماماً مثل موقف شركة بيركشير هاثاوي التي يملكها وارن بافيت، فهي تملك الآن أعلى موقف نقدي في تاريخها، على عكس نهم الشراء الذي كانت فيه في عام 2009!
بشكل عام، المستثمر يجب ألا يهتم كثيرا لتلك المصائد التي تتشكل عندها القمم والقيعان، بل يكون تركيزه حول البحث عن شركات قوية تنمي ثروته، فهمها بشكل جيد، ومن ثم تقييمها والبحث عن مناطق شراء جاذبة. بشكل تلقائي سيجد نفسه في موقف نقدي عالي عند ارتفاع السوق بشكل كبير، والعكس في حال نزول السوق إلى مستويات سعرية مغرية استثمارياً.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال