الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“تطمح المملكة ممثلة بوزارة الطاقة باستغلال المواد الهيدركربونية الاستغلال الأمثل بما فيها الموارد التقليدية وغير تقليدية من النفط والغاز و التي ستحدث باذن الله نقلة نوعية في مجال الطاقة و الاقتصاد الوطني بشكل عام. في القريب العاجل سنعلن عن شيء سيكون مفخرة لكل من عمل في هذا القطاع”.
بهذه الكلمات بشر وزير الطاقة سمو الأمير عبدالعزيز بن سلمان الشعب السعودي بمفاجأة وأتتهم البشارة، أتت اللحظة التي أبهر فيها العالم بالاحتياطات الهائلة من الغاز الغير تقليدي في المملكة لتغير المشهد في الأسواق العالمية للغاز الطبيعي.
هذه البشارة جعلت الجميع يترقب بشغف بل أصبحت حديث المجتمع الذي يتفاءل ويتفاعل دائما مع رسائل سمو الأمير بلغتة الخطابية المميزة والتي غيرت طريقة تفكير المجتمع وأصبح أكثر وعيا وتقديراً لكل ما يخص الطاقة. وهذا ما دفعني لكتابة هذا المقال كامتداد للمقال السابق لأنني اعتقد بعد ما رأيته على مدى اليومين السابقين من تظاهرة الفرح والتفاعل الكبير بين السعوديين خاصة المهتمين بقطاع الطاقة بشكل عام مع بشارة سمو الأمير وخبر حقل الجافورة دليل على اهمية هذه البشارة.
تقدم المملكة في المشهد العالمي للطاقة بهذا الشكل القوي والملفت للأنظار يذكرني بالمقطع المشهور للخيل السعودي (أروغيت) في عام 2017 والذي فاز بكأس بيغاسوس، أغلى وأغنى شوط في سباقات الخيول في العالم على الإطلاق. فقد كان هذا الخيل طول فترة السباق في الترتيب الأخير وما أن قارب السباق على الانهاء بثواني حتى تقدم هذا الخيل العربي الأصيل جميع الخيول الواحد تلو الآخر وأصبح هو في المقدمة وفاز بالمركز الأول في اللحظات الأخيرة بطريقة آثار فيها اعجاب العالم أجمع.
الغاز الطبيعي هو أحد الموارد الطبيعية في المملكة والتي يجب استغلالها، فاذا لم يتم استغلالها فلا يمكن ان نسميها موارد. لذلك تدرك حكومتنا الرشيدة أن الغاز في المملكة له استخدامات اقتصادية هائلة يجب التعرف عليها وتقييمها وتطويرها كميا وكيفيا مع الاعتبارات الاستراتيجية والمعايير الاقتصادية لانها تدرك بأن الفوائد المتوقعة من هذه الموارد قد تضاهي فوائد صناديق الاستثمار. وتتأكد الحقيقة وتحتل المملكة المرتبة الرابعة في الاحتياطيات بين دول الغاز.
إن القفزة الكبيرة التي حققتها شركات الغاز الأمريكية غير التقليدية في العقدين الأخيرين (بدأ الإنتاج الأمريكي للغاز غير التقليدي في أوائل عام 2000) قد فتحت المجال أمام بلدان أخرى لتكرار نجاحها، بما في ذلك المملكة العربية السعودية والتي لديها الكثير من احتياطيات الغاز غير التقليدية وخصوصا أن العائد المحتمل لتطوير موارد المملكة قد يكون هائلاً حيث بدأت عملية التنقيب عن الغاز غير التقليدي في عام 2011.
والبحث عن الغاز الطبيعي أولوية رئيسية للسعودية، لأنها تسعى لتلبية الطلب المحلي على الكهرباء والذي سيقفز بحلول عام 2030 إلى الضعف بسبب الإصلاح الاقتصادي بالاضافة إلى خفض انبعاثاتها من الكربون. وكما هو معروف أن الغاز أكثر نظافة من النفط في توليد الكهرباء. ولكن هذا الأمر لن يجعل من إنتاج الغاز الصخري من الجافورة أمراً مستحيلاً، فالتقدم في التقنيات ستقلل من تكاليف الانتاج كضخ ثاني أكسيد الكربون أثناء عملية التكسير الهيدروليكي.
ومن المتوقع أن يبدأ انتاج الحقل في أوائل عام 2024 بنحو 2.2 مليار قدم مكعب قياسي يوميًا من مبيعات الغاز بحلول عام 2036 ، مع ما يقرب من 425 مليون قدم مكعب قياسي يوميًا من الإيثان وهو ما يمثل حوالي 40 بالمائة من الإنتاج الحالي. ومن المتوقع أيضًا أن ينتج الحقل حوالي 550 ألف برميل يوميًا من سوائل الغاز والمكثفات.
تتمتع المملكة العربية السعودية حاليًا بمكانة تُحسد عليها وهي الاكتفاء الذاتي من الطاقة لذلك فهي تعي بأن عليها تنويع محفظتها الهيدروكربونية وتأسيس موقع على المدى الطويل في سوق الغاز الدولي الآخذ في التوسع، وخصوصا أن استهلاك المملكة للغاز الطبيعي ارتفع بنسبة 60% تقريباً بين عامي 2007 و 2017، بحسب الدراسة الإحصائية لشركة BP، مما أدى إلى بناء محطات غاز جديدة. وما الغاز الغير تقليدي من حقل الجافورة إلا اضافة للغاز الخام غير المصاحب من حقول مثل واسط ،مديان، وفاضلي وغيرها. وتسعى المملكة لأن تتجاوز مرحلة الاكتفاء الذاتي وتتحول إلى التصدير في المستقبل مع ازدياد الطلب على الغاز الطبيعي.
يقولون أن القرن التاسع عشر كان «قرن الفحم»، وجاء بعده «النفط» فى القرن العشرين، وحاليا نعيش فى القرن الحادى والعشرين، حيث يشكِل «الغاز» المادة الرئيسة في خريطة الطاقة التي رسمت فيها المملكة امبراطوريتها العظيمة للانتقال إلى اقتصاد أكثر موثوقية واستدامة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال