الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سفينة العاشقين اللذين تجاوزا السبعين من العمر في رواية المبدع جابرييل جارسيا ماركيز ( الحب في زمن الكوليرا ( كانت ترفع علم الوباء الأصفر وهي تشق بكل هدوء وبطء حباب ماء النهر مجيئة وذهابا لا ترسو إلا للحظات للتزود بالوقود.
لم يجد العاشق القديم الثري حيلة للتفرد بسفينته وقضاء أيامه الأخيرة مع معشوقته العجوز التي أحبها مراهقا، وانتظرها أكثر من خمسين عاماً إلا باللجوء إلى خدعة الركاب وإخبارهم أن السفينة موبؤة بالكوليرا !
صدق الركاب الشائعة وغادروا السفينة هلعاً وخشية من الإصابة بوباء الكوليرا ، وخلت السفينة للعجوزين ليعيشا معًا لحظات العمر الأخيرة بعيدا عن أعين المتطفلين!
واليوم وفي زمن الكورونا لايوجد قصة حب رومانسية لهرمين كما في رواية ماركيز ، ولا وجود لعاشقين في سفينة الكوليرا ، ولكنها سفينة للاقتصاد العالمي يريد البعض وصفها بالموبؤة ، ولايوجد ركاب من البشر بل دول صغيرة وكبيرة بعضها متردد وبعضها خائف وبعضها مرجف ولكنها جميعًا لا تريد أن تغادر سفينة الاقتصاد العالمي !
الإعلام الغربي نهش في جسد الصين الاقتصادي نهشا أليما وبالغ في نقل صورة مرعبة عن الكورونا تجاوزت الواقع بكثير ، وصنعت من الكورونا فقاعة إعلامية كبيرة فاقمت من الضرر الذي لم يلحق بالاقتصاد الصيني وحسب بل بالاقتصاد العالمي برمته .
إن صح المجاز فما حدث لا يتجاوز أن يكون إنفلونزا اصابت أحد ركاب السفينة أراد الاستغلاليون أن يدفع ثمنها جميع الركاب بزعم حمايتهم من العدوى ومحاولة منهم لإنزال المريض من السفينة ولو بشكل مؤقت !
إذا كان العالم يصاب بالزكام إذا عطست أمريكا فإن العالم سيفقد الوعي تماما لفترة طويلة إذا مرضت الصين ، فالعالم مترابط أكثر من ذي قبل وكلنا يتذكر كيف هزت أزمة اليونان المالية العالم وهي التي لايتجاوز عدد سكانها أحد عشر مليون نسمة ، فكيف بالصين التي تصدر للعالم أكثر من مائة وخمسين مليون سائح صيني سنويا ، في اقتصاد حجمه ١٠٠ تريليون يوان ويوظف ٩٠٠ مليون عامل منهم ١٧٠ مليونًا من الموارد البشرية ذات الكفاءات العالية جدا ويتربع على أكثر من ٣ تريليون دولار من النقد الأجنبي.
العالم كله يدرك أن الانتقاص من الاقتصاد الصيني ذي المرتبة الثانية عالميًا بعد انتشار محدود جدا لفيروس الكورونا الجديد سوف يعود سلبا على العالم قبل الصين والتي ستتخارج من هذه الأزمة مع نهاية الربع الأول من هذا العام على الأرجح، وستتبوأ مكانة أعلى ولذا فالكبار متفقون على مشاركة الصين إنهاء محنتها الجزئية عاجلا فالعالم يدرك أن السفينة تتسع للجميع.
الصين تجاوزت من عدة عقود حالة “الدولة الكرتونية ” التي يطرب صوت عطاسها الدول الكبرى فتهرع لها بالمساعدات الاستغلالية ولكنها أصبحت كما قيل:
و كنتُ أعشقُ قبلاً لحنَ عطستِها
و صرتُ إن عطست ينتابُني الهلعُ!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال