الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يتميَّز مُنتدَى الدول الكبرى (مجموعة العشرين G20) بأنَّه نقطة التواصل بين الدول الصناعية والنامية من جهة، وبين مُنِتِجِي النفط من الدول التي تسير في ركب النمو الاستراتيجي كالمملكة من جهةٍ أخرى.
ويجب ألاَّ تأخُذَ المُتابِع الدهشة عندما يرى المملكة في مصاف الكبار؛ حيث إنَّ وزن المملكة الاقتصادي لا يتأتَّى فقط من الثروة النفطية الهائلة حيث يُقدَّر إنتاج النفط الخام بملايين البراميل يومياً أو من الاحتياطي المديد لهذا الذهب الأسود، بل إنَّ للمملكة قوَّةٌ صناعيةٌ وتجاريةٌ قادرةٌ على المنافسة في المستوى الدولي، وبشكلٍ خاصٍّ الصناعات التحويلية والبتروكيميائية.
كما أنَّ القطاع العقاري في المملكة يُعتبرُ أكثرَ من واعدٍ؛ خاصَّة في ظلِّ وجود كتلةِ سيولةٍ كبيرةٍ قادرةٍ على تمويل الراغبين بالشراء سواءً من قبل المواطنين أم الأجانب، الأمر الذي يضع العقار السعودي في مرتبةٍ راقيةٍ من حيث الفرص الاستثمارية.
هذا بالإضافة إلى أنَّ المملكة تُشَكِّل نقطةَ تلاقٍ بين القارة الآسيوية في الشرق، والقارة الإفريقية في الغرب، كما أنَّها خيارٌ حتميٌّ للنقل البرِّي وأنابيب النفط والغاز من الجزيرة العربية إلى العراق والشام، ومنها إلى المملكة.
ناهيك عن موقع المملكة البحري المُميَّز على ثلاثة بحار؛ بحر العرب جنوباً، والخليج العربي شرقاً، والبحر الأحمر غرباً؛ الأمر الذي قد منحها الإشراف على التجارة الدولية، ومنح موانِئَهَا الموقع الاستراتيجي الهام.
كلُّ هذه العناصر المترابطة والمتكاملة جعلت المملكة العربية السعودية ضمن الدول التي وقَّعت على وثيقة إنشاء مجموعة العشرين G20 في واشنطن بتاريخ 15 جمادى الآخرة 1420 هـ – 25 سبتمبر 1999م.
ولكن التساؤل الحقيقي الذي يطرح نفسه هنا يتركَّز في الغاية من هذه المجموعة؛ فما هو عملها الفعلي؟، وما هو الهدف من إنشائها؟
الواقع أنَّ مجموعة العشرين تضمُّ بين جناحَيْهَا عِدَّة أصنافٍ من الدول؛ فهناك الدول العظمى كالولايات المتحدة والمملكة المتحدة –كندا وأستراليا من الكومونولث- وروسيا، والدول الصناعية الكبرى كاليابان وألمانيا وفرنسا وإيطاليا وكوريا الجنوبية، والدول الأكثر نموَّاً كالصين والبرازيل والهند وإندونيسيا وتركيا، والدول المُنتِجَة للثروات الباطنية كالمملكة وجنوب إفريقيا والمكسيك.
كما يمكن تصنيف هذه الدول وفق قارَّاتها بحيث تشمل جميع أنحاء العالم بتنوُّعِهِ الثقافي والاقتصادي.
وبالتالي فإنَّ مثل هذا المنتدى الاقتصادي الكبير لا يهدف إلى جمع الدول ذات الوزن الاقتصادي الكبير، بقدر ما يهدف إلى إيجاد فرصةٍ للحوار بين الدول ذات المصالح الاقتصادية المُترَابِطَة والمُتَكَامِلَة.
فالدول العظمى تحتاج دائماً إلى مُحفِّزاتٍ اقتصاديةٍ كتلك التي تجدها في الدول الصناعية كشريكٍ من جهة وفي الدول النامية كسوقٍ من جهة أخرى، كما أنَّ الدول الصناعية والنامية تحتاج إلى مصادرٍ للطاقة تجدها لدى الدول التي تمتلك الثروات الباطنية.
وبالتالي فإنَّ مجموعة العشرين تُمثِّل فرصةً حقيقةً للوقاية من الأزمات المالية والاقتصادية؛ لأنَّها تجمع عجلات العربة الاقتصادية العالمية جميعاً.
فكيف يمكن للمملكة أن تستثمر رئاستها لمجموعة العشرين هذا العام؟
يبدو أنَّ المملكة تَمتَلِك فرصةً حقيقيةً للتعريف بمُخطَّطاتها الاقتصادية الاستراتيجية القادمة، وذلك بشكلٍ خاصٍّ في مجال التعدين والطاقة المُتجدِّدة والتجارة والصناعة؛ فهذه القطاعات بعيدةٌ عن ذهن المُتابِع أو المستثمر الدولي الذي قد يرى في المملكة مَصدراً للنفط الخام فقط، وهي الرؤية التقليدية التي بات من الواجب تغييرها لأنَّها لا تمثِّل الواقع اليوم.
فقد كان من الأهداف الأساسية لرؤية 2030 تلك الخطَّة التنموية الرائدة تنمية قطاع التعدين والطاقات المتجدَّدة وزيادة مساهمتهما في الاقتصاد الوطني (صـ47، الرؤية)، هذا بالإضافة إلى الانفتاح على التجارة الدولية وإعادة تأهيل المدن الصناعية (صـ48، الرؤية).
ويمكن للمملكة تحقيق أقصى استفادة من رئاستها لمجموعة العشرين عبر قيامها بالخطوات التالية:
1. توعية الدول العظمى لوجود تأثيرٍ هامٍّ ومتنامٍ للطاقات الصناعية والتجارية السعودية في المستقبل.
2. توفير الفرص الاستثمارية المرنة والمُثمِرَة مع الدول الصناعية التي تهدف إلى إيجاد مراكز آمنةٍ وبكلفٍ معقولةٍ لطاقاتها الإنشائيَّة والتصنيعيَّة.
3. توضيح الخطوات الكبيرة التي قطعتها المملكة بصدد إتاحة الاستثمار الأجنبي المباشر للدول النامية، وذلك بأسهل الشروط وأحدث المعايير العالمية، تلك المعايير التي تساوي بشكلٍ شبهِ تامٍّ بين المستثمر المحلِّي والأجنبي.
4. توعية دول مصادر الثروات الطبيعية إلى إمكانيات المملكة وخبراتها المتراكمة في مجال استخراج الثروات الطبيعية، وإمكانية التعاون مع تلك الدول في نشاط الاستخراج والتحويل والتسويق.
5. الحديث بشكلٍ عميقٍ عن الأهداف التنموية التي وضَعَتْهَا المملكة نُصْبَ عينيها لغاية عام 2030، وتوضيح الوسائل الواقعية القادرة على تحقيقها، بالإضافة إلى شرح ما تمَّ إنجازه من هذه الخطَّة حتى اليوم.
6. إتاحة مجال الاستماع لمقترحات أعضاء مجموعة العشرين فيما يخصُّ التخطيط الاستراتيجي للمملكة وأساليب التنفيذ.
7. تركُ البابِ واسعاً للتعاون مع دول مجموعة العشرين في مجال العلاقات التجارية الدولية، وبشكلٍ خاصٍّ الممرَّات البريَّة والمائيَّة، وخطوط النفط والغاز.
والله ولي التوفيق،،،
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال