الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نهاية الأسبوع الماضي اكمل سمو وزير الطاقة الامير عبدالعزيز بن سلمان 180 يوما كوزيراً للطاقة، حيث تم تعيينه في الثامن من سبتمبر 2019 وخلال الاشهر الستة الماضية على توليه ملف الوزارة مرت أحداث وتحديات تاريخية لم تمر على الوزراء الذين سبقوه في العقود الماضية. فحتى مع تباين الموقف الروسي من اتفاقية اوبك+، فإن ذلك لا يُقلل من إنجازاته التاريخية شيئاً. أما هبوط الأسعار نهاية الأسبوع الماضي عند 45 دولار لخام برنت فهذا جرّاء تأثير تفشي فيروس كورونا على اكبر اقتصادات العالم وحدوث اكبر صدمة للطلب منذ الأزمة الاقتصادية عام 2008، وليس بسبب الموقف الروسي. لاننسى أن متوسط سعر خام برنت في منتصف عام 2017 كان 46 دولار بعد 6 أشهر فقط من بداية اتفاقية اوبك+ لخفض الإنتاج ولم يكن الاقتصاد العالمي حينها يمر بمثل هذه الظروف الاقتصادية العصيبة.
** تباين الموقف الروسي “لا” يعني نهاية اتفاقية (اوبك+):
اتفاقية اوبك+ لم يضرّها تباين الموقف الروسي من زيادة تعميق خفض الإنتاج أثناء اجتماع اوبك الاستثنائي ال 178 واجتماع منتجي خارج اوبك الثامن مؤخراً، والذي كان من أكثر الاجتماعات أهمية لحاجة الاقتصاد العالمي الهش للإستجابة السريعة لمتغيرات السوق وتدنّي الطلب العالمي على النفط نتيجة لتفشي فيروس كورونا والحاجة إلى احتواء أكبر صدمة على الطلب منذ الأزمة المالية عام 2008.
ولا يمكن أن تكون اتفاقية اوبك+ أحد ضحايا فيروس كورونا، وهذا يعني أنه حتى ان لم توافق روسيا على تعميق اكثر للإنتاج فإن اتفاقية خفض إنتاج 1.7 مليون برميل مازالت قائمة وإن جهود التعاون بين منتجي اوبك وخارجها لم تنتهي إلى الآن. فالجهود مستمرة وانخفاض خام برنت إلى 45 دولار لا يعني أن أسعار النفط غير مستدامة لأن الاستدامة في الأسعار هي التي حافظت على تماسك الاقتصاد العالمي إلى الان وسط هذا التراجع الكبير في الطلب، ولاننسى أن سعر خام برنت تراجع إلى 27 دولار مطلع عام 2016.
هناك الكثير من الملفات المُعقّدة في وزارة الطاقة تمكن سموّه من ادارتها بكفاءة ومهنية، فالـ 180 يوماً مليئة بالأحداث التاريخية والتحديات التي قد لاتتكرر في تاريخ صناعة النفط، استطاع الامير عبدالعزيز تجاوزها بحرفية وبحكمه وبدبلوماسية، حيث حوّل تلك التحديات إلى إنجازات ونجاحات وهي كالتالي:
** تحويل هجمات 14 سبتمبر الى انجازات:
بالرغم من ان الهجمات التخريبية على مرافق النفط والغاز والناقلات في المملكة تكررت في عام 2019، إلا أن آخرها كان الأشد وطأة والأكثر تدميراً في تاريخ صناعة النفط، وهو هجوم 14 سبتمبر على اكبر مرافق النفط في العالم في بقيق وخريص والذي أدى إلى الإيقاف المؤقت ل 5.7 مليون برميل يوميا – قُرابة نصف انتاج المملكة. استطاع سمو وزير الطاقة أن يعمل بروح الفريق مع كوادر شركة ارامكو السعودية، ونجح في عودة تصدير النفط بعد 36 ساعة فقط من الهجمات، ونجح أيضاً في عودة الإنتاج بعد أسبوعين فقط لمستويات ما قبل الهجوم وهو ما أذهل خبراء الطاقة في العالم.
** استدامة أسعار النفط بغض النظر عن أكبر هجوم على مرافق النفط في التاريخ:
حتى مع حدّة الهجمات على مرافق النفط في بقيق وخريص، تم الحفاظ على توازن السوق واستدامة الأسعار، الاستدامة هي ما يحتاجه المنتجين والمستهلكين، في الماضي كانت مثل هذه الأحداث تخل بالتوازن وتسبب اضطرابات كبيرة في السوق، ولكن جاءت جهود سمو وزير الطاقة سبباً في تهدئة السوق وإزالة حالة عدم اليقين، حيث أنه عمل جاهداً على استمرار الإمدادات واستقرار الاقتصاد العالمي بعيدا عن تقلبات حادة في الأسعار.
** نجاح تاريخي لطرح ارامكو السعودية:
بالرغم من الهجوم الإعلامي الخارجي الممنهج ضد طرح ارامكو والتقييم المُجحف في قيمتها السوقيه على مدى ثلاث سنوات، نجح طرح ارامكو السعودية وتحققت هذه الرؤية والاستراتيجية الحكيمة وبُعد النظر على يد خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمين الأمير محمد بن سلمان حفظهما الله في المرحلة التي يُعتبر الاكتتاب فيها مناسب. فالموضوع نظرة استراتيجية واعدة قبل أن تكون نظرة استثمارية ربحية. ووصلت قيمة ارامكو السوقية بعد بداية التداول إلى 2 تريليون دولار خلافاً للتقييمات المُجحفة من بعض المُنظّرين العالميين.
شُمول إصلاحات الرؤية لطرح جزء يسير من ارامكو السعودية جاء في وقت مفصلي تحتاجه الشركة لتأمين مستقبلها لأنها لم تعد منظومة معزولة عن محيطها الخارجي وبعيدة عن الرقابة والتقييم المستمر. واخيراً فُتح الصندوق الأسود كما وعد ولي العهد.
جاء طرح جزء يسير من شركة ارامكو السعودية لضمان ديمومة هذا العملاق بالحيوية والكفاءة المطلوبة، وهذا لا يتحقّق إلا بأن تظهر كشركة تجارية طبيعية بقوائم مالية مُعلنة وبقيادة إدارية مُحترفة تعي تماماً أن هناك من يتابعها بدقة، ومجلس إدارة مُستقل وجمعية عُمومية تُقيّم وتُتابع مما يجعل الشركة تهتم اكثر بنوعية الطاقم الإداري فيها ومخرجاته.
اليوم نرى أن رؤية السعودية 2030 التي تُركّز في المقام الأول على تحضير المملكة لتتبؤ مكانتها في عالم الغد كوننا ضمن اقوى اقتصادات العالم، اصبحت ارامكو السعودية من ضمن الملفات التي شملتها إصلاحات الرؤية. الموضوع هنا يتعدى المنظور المادي – الذي يعتقده الكثير – بحكم مكانة المملكة كالمُورّد الأعلى موثوقية والعامل الأساس لاستقرار الاقتصاد العالمي.
** اتفاقية عودة الإنتاج من المنطقة المقسومة مع الكويت:
أحد أهم الملفات المتعثرة في وزارة الطاقة هو الاتفاق على استئناف إنتاج النفط من المنطقة المقسومة بين المملكة العربية السعودية والكويت في نهاية ديسمبر الماضي، حيث كان هذا أحد الملفات الراكدة منذ شهر اكتوبر عام 2014 بعد تعليق الانتاج للأسباب بيئية وتقنية.
** الإعلان عن تطوير حقل الجافورة العملاق للغاز:
جاء تطوير حقل الجافورة العملاق في المنطقة الشرقية كأكبر حقل للغاز الغير تقليدي يتم اكتشافه في المملكة بكميات كبيرة تقدر بنحو 200 تريليون قدم مكعب ليقفز بالمملكة إلى مقدمة منتجي الغاز في العالم تأكيداً أن السعودية ماضية قُدماً في تنفيذ استراتيجيات المرحلة، وكل ما يدعم متطلبات رؤيتنا الطموحة لاقتصاد اقوى وتنويع مصادر الدخل، وذلك لأن الغاز يلعب دوراً مهماً وحيوياً كإحدى أهم ركائز التنمية المستدامة.
** تجاوز اكثر اجتماعات اوبك تعقيداً ونقل جهود (اوبك+) الى السنة الرابعة على التوالي:
جهود سمو وزير الطاقة واضحة في استمرار التعاون بين منتجي أوبك وخارجها (اوبك+) والتي نقلت الاتفاقية إلى السنة الرابعة على التوالي عندما قاد وفد المملكة في الاجتماع الدوري 177 لمنتجي اوبك والاجتماع السابع للمنتجين خارجها مطلع شهر ديسمبر الماضي. بمهارة ودبلوماسية قاد اوبك+ الى توافق منقطع النظير والاتفاق على تعميق خفض الإنتاج إلى 1.7 مليون برميل يومياً حتى نهاية الربع الأول من عام 2020.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال