الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
نشر الزميل الإعلامي القدير نايف العلياني تغريدة قال فيها: فيروس كورونا يقال: في الأزمات تُصنع الثروات .. لذا علينا التفكير والبحث فقط، ثم أنه تواصل معي طالباً مني الشرح والتعليق .. سأتناول في هذا المقال التحليلي قراءة موجزة عن اقتصاد الأزمات وفن الفرص لعلها تجيب على تساؤله المشروع ..
بداية .. لطالما كان للاقتصاد الطرف الأهم في حياتنا لارتباطه وتداخله الوثيق بكافة العلوم والمجالات المختلفة ، أما في فلسفة الاستثمار فإن الاقتصاد يعمل بمنهجية مثيرة ، فهو مقنع أحياناً ومتباين من اتجاه لآخر فمثلا ًيرتبط الاستثمار بالمخاطرة بعلاقة مهمة حيث ان هناك من يرى انه كلما ارتفعت درجات المخاطرة كلما كانت العوائد اعلى ولذلك يتجه المستثمرون الذين يرغبون في العائد السريع او ممن لديهم قناعات وتجارب الى التركيز على هذا الجانب ومن هنا نشأت أفكار جديدة تتعلق برأس المال الجريء والذي أصبح مكوناً مهماً في الأسواق.
وفي المقابل يقال بأن رأس المال جبان وهذه النظرية تقودنا الى انه وحتى في حال توفر الفرص الأسهل اقتناصاً الا ان خطوات المستثمر تكون هادئة ومدروسة وخاصة عند أولئك الذين خاضوا تجارب قاسية فيما مضى ، نعم هناك مستفيدون من أي ازمة وهناك ايضا من يصنع الازمة ليستفيد ولكن في أزمة كورونا التحديات تختلف والآثار الاقتصادية اكبر من ان تتجاوز فرضية المخاطرة فعولمة اقتصاد اليوم مترابطة ومن سيتجاوز الأزمة لابد وان يناله منها نصيب !
ولذلك في اعتقادي الخاص من الصعب جداً وفي ظل هذه المعطيات والنتائج ان نحول أي مشكلة الى فرصة ممكنة كما ان علم الاقتصاد يُفرق كثيراً بين التحدي والمشكلة .. فالتحديات محفز يمكن تحويلها الى ممكنات وفرص أما المشكلة فهي ما ستبحث لها عن علاج فحسب .
على مستوى الاقتصاد الجزئي .. نعم فتاريخ السيرة العملية للأثرياء والشركات تقول بأن معظم من حقق ثروات طائلة كان نتاج لإقتناص الفرص والتعامل الاقتصادي المحترف مع الازمات بأسلوب حياة مُتقن فالتاريخ الاقتصادي من الناحية النظرية عادة ما يشير الى أن لكل أزمة ذروة ومن ثم فإنها سرعان ما تتراجع حدة أي ازمة أو تتلاشى نهائيا لتبدأ بعد ذلك مرحلة الصعود بيد ان غالب تلك النجاحات الثرية تلك التي تأتي من الافراد بالاستثمار في الأفكار الريادية والمشاريع المبتكرة كأحد أفضل الطرق للاستثمار في أوقات الأزمات كما ان العديد من الأنشطة الاقتصادية عادة ما تكون ارضاً خصبة بتوظيف الإمكانات التي من خلالها يمكن خلق الفرص الواعدة وذلك وفق نوعية الازمة وتداعياتها والتنبؤ العلمي بالمرحلة التي تليها فمحددات الطلب وتشكيل الممكنات هي ما سيقود الى النجاح ومن ثم الانطلاق بالهدف المطلوب تحقيقه الى واقع ، إن التعلم من التجارب واستثمار الاحداث نافذة مهمة لربط التحليل النظري والمنهجي باستشراف المستقبل وتصميم الاستراتيجيات واختيار التوقيت الاستباقي المناسب ومن ثم المضي قدما نحو النجاحات خطوة بخطوة مع المراجعة والتقييم المستمر بعوائد وقيم مضافة للفرد والمجتمع .
قال لي أحدهم ذات مرة : لم أكن أتوقع ذلك وليت الوقت لم يفت أو ليته يعود في إشارة الى انه فوت أحد الفرص ؟ قلت له : صاحب المبادرة يقفز لها لا تقفز اليه انها كالضباب اذا لم تحدد طريقك جيدا ستتوه او ستفقد الطريق وهكذا هي الفرص تلين لمن يقفز اليها بقوة شغفه وسرعة أحلامه ، ان الفرص اشبه ما تكون بمصنع صغير تبدأ بالسيطرة الكاملة على ما ستقرر إنتاجه وما هي المنتجات التي تختارها طوال عمر المصنع وكيف هي عوامل السوق التنافسية في هذه اللعبة ، لذلك دورك يبرز هنا بأن يُنتج هذا المصنع مُنتَجاً فريداً من نوعه يقدم قيمة حقيقية كبيرة لك وللمستفيدين ليحقق حتما فيما بعد عوائد مجزية.
مجمل القول : كورونا ليس نهاية المطاف وآخر الأزمات .. صحيح انه ضرب ويضرب بقوة لافتة ومثيرة للدهشة خالفت كل التوقعات ذلك لأنه أتى أولا من أحضان اقوى اقتصاديات العالم من جهة وثانيا أنه سريع الانتشار فهو سهل في الانتقال بالعدوى ، صعب التلاشي ، صعوبة تشخيصه وفاتورته باهضة .. الاقتصاد الحديث معقد بالعديد من القضايا المتشابكة وإدارة وصناعة الفرص لا تقتصر على الثروات بل على الموارد البشرية أيضا والتقنية وغيرها وصناعة الفرص وتحقيقها واسع سواء كان ذلك خلال الازمات او خارجها فالمهم هو الاستعداد الجيد والشجاعة واكتساب روح المغامرة والتحدي لأي فرصة ترى انها واعدة ومدروسة بعناية .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال