الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
قبل اجتماع “أوبك بلس”, المجموعة التي تضم المنتجين الأعضاء في منظمة أوبك والمنتجين الغير الأعضاء, الأسبوع الماضي كان الشغل الشاغل للمراقبين لقطاع النفط هو حجم الخفض الأضافي في الأنتاج الذي ستتوافق عليه المجموعة. وكان الجدل يدور حول ما أذا كان الخفض سيتراوح ما بين 300 الف الى 600 الف برميل لأعادة العرض والطلب لنوع من التوازن.
فاجأت روسيا العالم ليس فقط بعدم موافقتها على أي خفض أضافي في كمية أنتاجها, بل وبأعلانها انها أبتداء” من الأول من أبريل ستكون في حل من أي ألتزام مسبق بينها وبين أعضاء المجموعة. بذلك تكون قد عطلت أحد أهم الاليات التي كانت تحافظ على التوازن الهش في ميزان العرض والطلب على النفط منذ استحداثها في 2016. جاء رد الفعل سريعا” من المملكة العربية السعودية حيث قررت زيادة انتاجها الى 13 مليون برميل والأمارات العربية المتحدة الى 5 مليون. هذا كان متوقع بل مطلوب من كل من يريد الحفاظ على حصته السوقية في أسواق النفط.
السؤال, على ماذا تعتمد الأطراف في قراراتها الأخيرة في خوض ما يشبه بحرب انتاج النفط؟
روسيا
بررت روسيا تخليها عن أي أتفاق مسبق بالتحديد الذاتي لأنتاج النفط بأن أي خفض في الأنتاج في الماضي قد أفاد قطاع النفط الصخري في الولايات المتحدة الذي أزداد إنتاجه بـ 4.5 مليون برميل خلال الأربع سنوات الماضية فقط. روسيا تراهن على خروج الكثير من شركات النفط الصخري من الإنتاج عند سعر النفط أقل من مستوى الـ 42 دولار. تعتمد روسيا على مكامن قوة تضم الاتي:
*صندوق سيادي حجمة 175 مليار دولار.
*أحتياطي نقدي يقدر بـ 570 مليار دولار يمكنها من تحمل الـ 20 مليار دولار خسارة سنوية لو سعر النفط على مستوى الـ 27 دولار بحسب الفاينانشل تايمز.
*شبكة أنابيب لأمداد نفط والغاز للصين بتكلفة 55 مليار دولار ستكفل لها مبيعات مستدامه لأهم مستورد للطاقة.
قطاع النفط الصخري في أمريكا
الولايات المتحدة عموما” وقطاع النفط الصخري خصوصا” يكاد يكون الرابح الأكبر منذ 2016 حتى الان وهي الفترة التي كان اتفاق خفض الأنتاج بين أعضاء مجموعة أوبك بلس ساري. فصادرات الولايات المتحدة من الطاقة وصلت الى أعلى مستوى تاريخيا بصافي صادرات يومية وصل الى 935 الف برميل مما أدى الى زيادة الحصة السوقية للنفط الأمريكي عالميا” بـ 4% مقارنة بخسارة 3% لأوبك بلس.
روسيا تراهن على توقف الشركات العاملة في قطاع النفط الصخري نسبة لتكلفة الإنتاج العالية التي تتراوح في المتوسط بين 42-56 دولار وأيضا” على حجم الديون الكبير ذات العوائد المرتفعة للقطاع. لكن لدى القطاع العنيد مكامن قوة معتمد عليها ومنها:
دعم الإدارة الأمريكية لهذا القطاع لأهميته لحملة أعادة أنتخاب الرئيس دونالد ترمب نهاية العام الجاري. وقد صدرت تصريحات من مسؤلين بامكانية مساعدة القطاع أما بشراء ملايين البراميل من النفط مباشرة لصالح المخزون الأستراتيجي الأمريكي أو بتقديم أعفاءات ضريبية للشركات العاملة فيه.
*قطاع النفط الصخري يتكون من شركات خاصة وبالتالي اتخاذ القرارات التي من شأنها خفض تكلفة الإنتاج أسهل بكتير مقارنة بالحكومات, تخفيض العمالة أو بيع الإنتاج في سوق العقود الاجلة للنفط مثالا”.
*زبائن النفط الصخري الأمريكي يقدرون الجانب الجيوسياسي لمشترواتهم وأهميته ذلك للادارة الأمريكية وذلك يوفر بعض الحماية للقطاع خارج حسابات الأسعار.
السعودية والإمارات
المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة تحملتا الجزء الأكبر من مسؤولية الألتزام بخفض الإنتاج والحفاظ على ميزان العرض والطلب منذ العام 2016 بطبيعة الحال كونهما أكبر منتجين في منظمة أوبك. لذلك من غير المستغرب أن ردة فعلهما كانت على مستوى الحدث من حيث السرعة وحجم التأثير. تعتمد كل من السعودية والامارات على مكامن قوة متشابهة لحد كبير ومنها:
*تكلفة إنتاجية منخفضة جدا” مقارنة بالمنتجين الاخرين مما يعطيهما المرونة في البيع بالتخفيض لأسواقهم التقليدية.
*الأستثمار خلال الأعوام الماضية في منشئات تخزينية لنفطهم ليكون لوجستيا” أقرب للمستهلكين المهمين مثل اليابان والهند.
*الاستثمار في بدائل الطاقة مما أدى وسيؤدي الى تقليل الأستهلاك المحلي للنفط. ذلك يزيد كميات النفط المتاح للصادر مما يسمح لحد ما الحفظ على مستوى الدخل بالكم عوضا” عن السعر.
يقول المثل الأفريقي “عندما تتصارع الأفيال, تموت الحشائش”. في أي صراع بين العمالقة من المؤكد سيكون هناك ربح وبعض الخسارة حتى على العمالقة أنفسهم ناهيك عن الاخرون. لكن من المؤكد أيضا” أن النتيجة ستكون خلق واقع جديد سيحدد على ضوءه شكل ومضمون اتفاق مستقبلي جديد بين أعضاء أوبك بلس.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال