الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تجربتين ساعدتا السعودية في التعامل مع فايروس كورونا الذي اجتاح العالم واقلق مضاجع الحكومات، الا ان تعامل المملكة مع فايروس كورونا كان مهنيا ومحترفا ولم نرى ارتباك او حتى تراجع بعد اتخاذ القرار، رغم ان هذه التجربة لأول مرة تواجهها السعودية مع بقية دول العالم، ان تتوقف جميع الانشطة وحركة الناس.
والسبب الذي جعل السعودية تحظى بإشادة عالمية ومثيرة للاعجاب انها تمكنت ان تفرض قوانينها وانظمتها وتعليماتها دون الرجوع الى الدول او التجارب الاخرى، ووضعت خطة خاصة بها، والتجربتين التي اتحدث عنها هنا، هي المخزون المعرفي التي تتمتع به السعودية بفضل الحج والعمرة التي يفد اليها ضيوف الرحمن من كافة اصقاع الارض وتتعامل مع جنسيات وثقافات ولغات مختلفة مكنها في مهارة ادارة الحشود وضبطها، حيث انها تمتلك خبرة ودراية في كيفية ادارة حجم كبير من الحجاج والمعتمرين سواء داخل الحرم المكي او في الطواف وسرعة اتخاذ القرار في التعامل مع أي ازمة وطريقة معالجتها.
ونحن شاهدنا وكل العالم كيف كان يتم تفويج رمي الجمرات والصعود الى عرفات وتسيير الحافلات، ومن ثم مغادرتهم، هذه التجربة منحتها المزيد من التجارب لطريقة التعامل مع الحشود، لهذا حينما بدا فايروس كورونا يشكل خطرا على المجتمعات، كان اول خطوة اتخذتها اغلاق الحرم ومنع المعتمرين من السعي والطواف وحتى زيارة المسجد النبوي، والهدف منها مكافحة أي تجمع قد يؤدي الى انتشار المرض من خلال المصافحة او لمس المسطحات، وتلى ذلك العديد من الاجراءات التي تابعناها من اغلاق المطاعم ومراكز التسوق وتفعيل برنامج العمل عن بعد وكل التجمعات التي قد تتسبب في انتقال العدوى او انتشارها.
اما التجربة الثانية التي دعمت السعودية وجعلتها متفوقة على كثير من الدول المتقدمة فقد استحضرت السعودية طريقتها في التعامل قبل عدة سنوات في مطاردة الارهابيين واصحاب الفكر المتشدد الذين واجهتهم السعودية بطرق مختلفة حتى قضت عليهم وهي محاصرة الارهاب وتقطيع التواصل فيما بينهم وشددت عليهم الخناق من كل الجهات، ورأينا كيف ان الكثير منهم لجأ الى تفجير نفسه بعدما تيقن انه لن يستطيع تحقيق مراده، وبهذا استطاعت السعودية وبتفوق القضاء على الارهابيين بكل احتراف ومهنية بل انها كانت تكتشف خططهم وتوجه لهم ضربات استباقية مسجلة بذلك انجازات كانت محل ثناء واعجاب المجتمع الدولي.
واليوم حينما نقول ان السعودية تفوقت بامتياز على محاصرة فايروس كورونا فنقول ذلك بفخر واعتزاز فضلا عن مشاركة مختلف فئات المجتمع مع تعليمات وتوجيهات الدولة والتزامها في تطبيق التعليمات، ولمسنا ايضا كيف ان الاجهزة المعنية تعاملت مع الاشخاص الذين عادوا من الدول التي يوجد فيها وباء كورونا، ولم يفصحوا عند عودتهم منحتهم المهلة وطلبت منهم ضرورة الابلاغ او الابقاء في منازلهم، وحتى تعامل الاجهزة الصحية مع الاشخاص الذين بلغوا عن انفسهم، تم استجوابهم ومعرفة الاشخاص الذين كانوا معهم او اختلطوا بهم، وهو كما حدث في القطيف حينما تم اغلاقها وعدم خروج او دخول أي شخص منها، والغاية هي محاصرة الفايروس.
ونشرت وكالة “أسوشيتد برس” الأمريكية تقريرا، قالت فيه إن السعودية تطبق أقصى درجات “الحذر” من كورونا. ووصفت الإجراءات السعودية بأنها يمكن أن تدرس في كيفية كبح تفشي الفيروس، خاصة وأنه مستفحل في دول مجاورة ، وهو ما يجعلها تشعر بالقلق البالغ من إمكانية وصوله إلى البلاد.
وأشارت الوكالة الأمريكية إلى أنه رغم أن تقييد إجراءات السفر وحظر الطيران، يتعارض ظاهريا مع الخطط السعودية الأخيرة، التي تستهدف ضخ المزيد من الاستثمارات وفتح قطاعات السياحة والانفتاح الاقتصادي والاجتماعي على العالم، لتنويع مصادر الاقتصاد بعيدا عن النفط، إلا أنه يظهر في حقيقة الأمر “التزام” السلطات السعودية التام بحماية مواطنيها بغض النظر عن الخسائر الاقتصادية الناجمة عن ذلك.أما شبكة سي إن بي سي الأمريكية فقالت إن الإجراءات السعودية، تأتي ضمن خطة خليجية كبرى لكبح انتشار الفيروس.
حينما نعطي مثالا عن تفوق السعودية في معالجة ازمة كورونا، لا نقول ذلك مبالغة او انتقاصا من الدول الاخرى وخاصة المتقدمة، الا ان هذه الدول لم تسارع الى اخذ الاحتياطات اللازمة منذ بداية الازمة وظهور الفايروس وتباطأت كثيرا حتى بلغ العدد كبيرا في بلدانها من حيث عدد المصابين، فرنسا واسبانيا وحتى الولايات المتحدة تحركت متاخرا، انما تحدثت عن السعودية لانها تعد من الدول النامية التي تمكنت من خلال تجربتها واسلوب التعامل بحزم، في تخفيف عدد المصابين.
وبحسب مراقبين لحالات انتشار كورونا عالميا، نجد ان ايطاليا خلال اسبوعين فقط حتى 14 مارس تضاعفت من 90 حالة الى اكثر من 15 الف حالة، معدل الزيادة بلغت 100 في المائة بشكل يومي، بينما ساعدت الاجراءات التي اخذتها السعودية في انخفاض معدل الانتشار لديها من 37 في المائة قبل يومين الى 20 في المائة لتصل الى 14 في المائة معدل الانخفاض مقابل معدل الانتشار. وهو ما يشير الى نجاح خطة الحكومة في محاصرة الفايروس.
ولم تتوقف جهود الحكومة السعودية في الاجراءات الاحترازية بل انها امتدت يدها لتقف مع القطاع الخاص لمواجهة الاثار السلبية التي اضرت بالعديد من المنشآت الاقتصادية والتنموية وضخت 50 مليار ريال، رغم انها تخوض حربا صعبة في قطاع النفط مع بعض الدول ، الا انها قادرة على اعادة اسواق النفط الى طبيعتها لخبرتها في ادارة الازمات.
واعلنت مؤسسة النقد السعودي حزمة من الاجراءات لدعم القطاع الخاص المتاثر من اهمها دعم تمويل المنشآت الصغيرة والمتوسطة تستهدف التخفيف من آثار التدابير الاحترازية ودعم رأس المال العامل وخصصت 30 مليار ريال لبرنامج تأجيل الدفعات لصالح البنوك وشركات التمويل، مقابل تأجيل دفع مستحقات القطاع المالي لمدة ستة أشهر على قطاع المؤسسات الصغيرة والمتوسطة وفيما يتعلق بتمويل الاقراض الميسر للمنشآت الصغيرة والمتوسطة رصدت 13 مليار و200 مليون ريال.
يأتي ذلك مضافة له إيداع مبلغ يصل إلى 6 مليارات ريال لصالح البنوك وشركات التمويل لتمكين جهات التمويل من إعفاء المؤسسات الصغيرة والمتوسطة من تكاليف برنامج ضمانات تمويل قروض المنشآت الصغيرة والمتوسطة “كفالة” الى جانب دعم رسوم عمليات نقاط البيع والتجارة الإلكترونية, دعم رسوم المدفوعات لجميع المتاجر ومنشآت القطاع الخاص لمدة 3 أشهر، وذلك بقيمة إجمالية تفوق 800 مليون ريال، من خلال تحمل مؤسسة النقد لتلك الرسوم لصالح مقدمي خدمات المدفوعات المشاركين في المنظومة الوطنية.
وفيما يتعلق بالمنشآت المتأثرة جرّاء التدابير الاحترازية التي تم تبنيها في مدينتي مكة المكرمة والمدينة المنورة تقوم مؤسسة النقد حالياً بالتنسيق مع البنوك وشركات التمويل لتسهيل المدفوعات المتعلقة بتمويل هذه المنشآت. بقي القول ان تفاعل المجتمع مع هذه الاجراءات مهم جدا لتجاوز الازمة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال