الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الشدة تظهر معادن الناس، وفي الأزمات تظهر معادن الادارة. والأزمة التي تواجه إدارة العالم الآن ربما تكون هي الأزمة الأكبر والأخطر في القرن الحادي والعشرين. العالم ونحن معه يواجه تهديداً كبيراً من فيروس صغير لا تراه العين المجردة، والأشياء التي لا نراها أعظم خطراً من الأشياء التي نراها. إدارة الدولة والادارة في مؤسساتها تجد نفسها في موقف لا تحسد عليه، موقف عصيب يتطلب رباطة جأش وجرأة في إتخاذ قرارات صعبة، قرارت مدروسة وليست عشوائية، القرار الخاطيء يدفع المجتمع ومؤسساته ثمناً باهظاً، ومتخذ القرار لا يملك في وقت الأزمة رفاهية الوقت الذي يملكه في الأوقات العادية، في الأوقات العادية يجمع معلومات ويناقش ويحلل ويستشير وكل هذا يحدث في متسع من الوقت يصل إلى شهور وأحياناً سنوات. في وقت الأزمة يتخذ متخذ القرار قراره في أيام، وفي أزمة مثل أزمة كورونا لا يحصل على أكثر من عدة ساعات، أي تأخير يعني تضاعف الخسائر، وأي تردد يعني فرصة سانحة لتحول الأزمة إلى كارثة لا قدر الله. المعلومات هي وقود إدارة الأزمة، وكلما امتلك متخذ القرار القدرة على تجميع وتحليل معلومات صحيحة كلما كان القرار صائباً.
في تقديري وفي تقدير الكثيرين أن أزمة كورونا يتم إدارتها حتى الآن باحترافية واضحة على مستوى الدولة وعلى مستوى مؤسساتها، أكثر الأعداد وأكبر التجمعات في المملكة نشهدها في الحرمين المكي والنبوي، طبيعي جداً أن تتجه أنظار متخذ القرار نحو الحرمين فتتخذ إجراءات تكفل حماية المكانين من انتشار فيروس شرس ولا يرحم، تعقيم أرض الحرمين وإيقاف مناسك العمرة أمر فرضته الظروف والضرورات تبيح المحظورات، وأمان الحاج أو المعتمر في عنق بلد الحرمين، وعلى مر الزمان حملت المملكة أمانة الحرمين وأمانة زوار الحرمين بتفان وإخلاص برفقة عون الله وتوفيقه وبشهادة مسلمي العالم.
الجامعات والمدارس كانتا في الترتيب الثاني، أبناؤنا وبناتنا في قلب عيون متخذ القرار، تأمينهم واجب على الجميع، وكان القرار الصعب بإيقاف الدراسة في كل المؤسسات التعليمية، لم يكن قراراً عشوائياً، لم يكن قراراً بلا بديل، كان التعليم عن بعد هو البديل، وما أعظمه من بديل، بديل أتاح للمؤسسات فرصة استثمار إمكاناتها وتطوير مخرجاتها، لتشهد جامعات المملكة ومدارسها نشاطاً سيكون له آثاره الايجابية الكبيرة على أداء مؤسساتنا التعليمية بعد إنتهاء الأزمة بحول الله وقوته.
بعدها يأتي دور كل أماكن التجمعات من مراكز تجارية ومتنزهات وشواطيء، حتى نصل الى المؤسسات الحكومية ذاتها فيتم أيقاف العمل بها عدا المؤسسات الأمنية والصحية والعسكرية، وفي هذه المؤسسات مواطنين ومواطنات يخدمون وطنهم في أصعب الظروف وأبداً لن ينسى لهم وطنهم تضحياتهم العظيمة. يتزامن مع هذا كله تقديم 50 مليار ريال دعماً للقطاع الخاص والمنشآت المتوسطة والصغيرة في مواجهة أزمة تأثيراتها متنوعة وشاملة.
حتى هذه اللحظة نجحنا في إدارة الأزمة، لكن الأزمة مازالت قائمة وربما تتفاقم في الأيام المقبلة، مزيد من الضغوط في إنتظار متخذ القرار، والكثير من الخيارات الصعبة تقف على الأبواب، وكثير من التضامن مطلوب حتى نعبر تلك الأزمة بسلام وبأقل خسائر ممكنة، الله معنا وفي الشدة يظهر معدن الادارة وتظهر معادننا ومعادننا بعون الله أثمن من الألماس والذهب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال