الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ردد الكثير في وسائل التواصل الاجتماعي بأن ما يشهده وضعنا الراهن من احترازات جراء تفشي فايروس كورونا، هو فرصة لإعادة النظر في كثير من أمورنا الحياتية، الشخصية منها، والاجتماعية، والمهنية، ويمتد ذلك إلى الصعيد الاقتصادي. فقد يكون بها العديد من الفرص، فقد قيل بأن الفرص تولد من رحم الأزمات، وهو ما قد ينطبق على التجارة الإلكترونية الآن.
من المعلوم أن مثل هذه الظروف والأزمات ينتج عنها تغير في ثقة المستهلك وسلوكه كنوع من التكيف مع الوضع المفروض. نتيجة للرغبة في تقليل الاحتكاك المباشر كسبب رئيس لانتقال الفايروس، يتجنب كثير من المستهلكين ممارسة التجارة التقليدية، لتكون التجارة الإلكترونية هي البديل لحصولهم على ما يحتاجونه من سلع وخدمات، مما يؤدي إلى زيادة الضغط على المتاجر الإلكترونية أو تلك المتاجر التقليدية التي توفر خدمة الطلب أونلاين والتوصيل.
في مختلف أنحاء العالم، تتزايد عمليات التجارة الإلكترونية في مثل هذه الأزمات، ومن أمثلة ذلك بروز منصة (علي بابا) من خلال زيادة العمليات التجارية في عام ٢٠٠٢م و ٢٠٠٣م إبان تفشي فيروس (SARS). أما في المرحلة الحالية، فشهدت العمليات تزايداً في كل من الولايات المتحدة وأوروبا والصين، وبلا شك أن الوضع لدينا قد لا يختلف عنهم، فكثير من المستهلكين قد شرع في الاستعانة بتطبيقات شراء المواد الغذائية والمستلزمات الصحية وغيرها، وذلك تكيفاً مع متطلبات الظرف الراهن و الاحترازات المفروضة، ولعل دعم برنامج مؤسسة النقد مؤخراً لرسوم نقاط البيع والتجارة الإلكترونية تأكيدٌ على أهمية هذا القطاع في الوضع الراهن، لكن ما حقيقة تأثير ذلك على المتاجر الإلكترونية والممارسين؟!
قد يعتقد البعض بأن هذه فرصة لجني وتحقيق الأرباح، وأنه سينعكس إيجاباً على قطاع التجارة الالكترونية بشكل مطلق، إلا أنه من المحتمل أن يكون لذلك تبعات غير جيدة، إذ أن تزايد عدد العمليات الإلكترونية على المتاجر بصورة مفاجئة قد يفوق طاقتها، وقد لا تستطيع معه الوفاء بالتزاماتها من خلال تقديم الخدمة أو تقديمها بالشكل الأمثل، فها هي شركة أمازون قد أعلنت عن رغبتها بالاستعانه بمائة ألف عامل نتيجة لزيادة الطلبات، فماذا سيكون عليه الحال بالنسبة للمتاجر الصغيرة والمتوسطة لدينا، أو حتى الشركات التي لم تكن تعتمد على التجارة الإلكترونية بشكل رئيس؟!
كما لا يغفل في ظل هذا التزايد، ما قد يتولد من مشاكل قانونية قد يكون سببها عدم جاهزية البعض للبيع من خلال التجارة الإلكترونية أو بسبب حداثة النظام الحاكم لهذا القطاع، حيث أن هناك علاقة طردية مثبتة بين زيادة العمليات والمشكلات القانونية، والتي يتعلق جُلّها بحماية المستهلك، أو عدم التزام المتاجر بالتزاماتها العقدية كالتوصيل وأداء الخدمة في الوقت المحدد، أو تلك الالتزامات التي يفرضها عليها النظام من إفصاح عن معلومات أو سياسات الاستبدال والإرجاع وغيرها.
في رأيي، أنها فعلاً قد تكون فرصة للمتاجر الإلكترونية و الشركات والمتاجر التقليدية التي تمارس التجارة الإلكترونية والممارسين، لكنها ليست مقصورة على جني الأرباح المادية، بل تمتد لتقييم وتقويم وضعها في مختلف النواحي، فبعض الأخطاء وجوانب القصور قد لا تظهر في الظروف الاعتيادية. كذلك هي فرصة للجهات المعنية بحماية المستهلك، للتعرف على جدوى ما يوفره النظام الجديد من حماية للمستهلك ومدى مساهمته في منع حدوث النزاعات.
وعلى الرغم من أن المستهلك اليوم لجأ إليها غير مختاراً، فمن الممكن أن يجعلها خياره الأول، وذلك إذا ما استحسن التجربة و استشعر مميزاتها، ووجد فيها ما يفي باحتياجاته.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال