الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في اللحظة العصيبة في حياة أي مجتمع، لا تستطيع قيادته أن تخبئ عنه حقيقة الموقف. ولكن هل راعت هذه الحقيقة حقوق الإنسان؟
في مواجهة انتشار فيروس “كورونا”، كانت خطابات القيادات في أوروبا – زعيمة العالم في حقوق الإنسان – لمجتمعاتها صريحة وقاسية وبلا خارطة طريق. وكأن هذه القيادات تقول لمجتمعاتها بأن ليس لديهم شيء ليفعلوه لهم سوى ما تمليه عليهم الظروف. وهو ليس جديد عليها. فقُبيل الحرب العالمية الثانية تحدث رئيس الوزراء البريطاني “ونستون تشرشل” وأعلنها صراحة بأن ليس لدى حكومته ما تقدمه لمواجهة العدو “غير الدم والتعب والدموع والعرق”.
فعلى سبيل المثال، رئيس وزراء بريطانيا “بوريس جونسون” قالها وبصراحة مستفزة لم تراعي المشاعر الإنسانية لسكان المملكة المتحدة بأن “تجهزوا لفقد احبة لكم”. المستشارة الألمانية “أنغيلا ميركل” لم تكن أقل قسوة حيث أعلنت بأن الفيروس سوف يصيب 60% الى 70% من سكان ألمانيا ولم تعطي خطة لمواجهة هذه الكارثة. الرئيس الفرنسي ماكرون يقول لشعبه بأن فرنسا في حرب. وركز في خطابه على العقوبات الصارمة التي يمكن أن يتعرض لها مواطني الجمهورية الفرنسية في حال عدم التقيد بالقوانين. أما رئيس وزراء إيطاليا “جوزيبي كونتي” الذي أستمرأ التصريحات المرعبة المتتالية وكان آخر تصريح له قائلا بأن عدد الإصابات المرتفع جدا لم يصل ذروته بعد وأن إيطاليا ستشهد خطر كبير جدا في الأسابيع القادمة.
ما يحصل في أوروبا سقطة مدوية للحراك التنويري الذي كلف القارة الأوروبية صراعات على مدى 400 عام انتصارا لترسيخ المثل العليا والقيم لنهضة الإنسان والتي ظهر زيفها الان تجاه حقوقه التي طالما حاربونا بها.
حتى في منطقتنا – للأسف – لو قرأنا خطاب المرشد الإيراني، سنجد شكل آخر من الصراحة الاستعلائية والتي يشوبها التشتت والتهرب من المسئولية تجاه شعبه. فقد ذَكّرَ المرشد العام – في خطابه الذي القاه بمناسبة عيد النيروز الفارسي – شعبه بالمصائب التي واجهوها في وقت لا يحتاج المواطن الإيراني أن يتذكر مصائب حلت به ولكن أن يطْمَئِن الى ما حضّرته دولته لمواجهة المصيبة التي يعيشها الان – وهو انتشار فيروس “كورونا” – للحفاظ عليه وعلى صحته وحقوقه في الغذاء والدواء والرعاية.
ولتبرير العجز، اعترف المرشد في خطابه بهشاشة نظامه خاصة مع تواجد اقتصاد يعاني من قضايا متعددة وعميقة. وألقى باللوم على بعض قيادات نظامه التي وصفها بالغرور والغفلة. محاولا أن يستنجد بالشباب والبحث العلمي – جزافا – لصنع ما أسماه ازدهار الإنتاج وطفرته. حتى تتحقق نقلة نوعيّة وتغيير حقيقي في حياة المجتمع الايراني.
أما المملكة فالوضع مختلف تماما. خطاب القيادة السعودية – وهو موروث منذ عهد المؤسس الملك عبد العزيز رحمه الله وغفر له – يُظهِر مدى المسئولية الواعية والكاملة تجاه شعبها. لقد كان لخطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز (حفظه الله) – في 19 مارس 2020 – وقع إيجابي عالي التأثير في رفع معنويات المواطن والمقيم في المملكة. الخطاب كان مختصر ومحدد وطُرِح بهيبة ملك حازم، محب وعطوف، مظهرا فيه خارطة طريق. مما يبطل تماما أي قلق أو حيرة.
“أخواني وأخواتي .. أبنائي وبناتي .. المواطنين والمقيمين على أرض المملكة العربية السعودية”، بهذا النداء بدأ خادم الحرمين خطابه. كمّ التواضع الذي ظهر في تعريف علاقته برعاياه – والتي شملت المواطن والمقيم وبمساواة كاملة – أنهت على أي توتر محتمل في صفوف المجتمع وقبل الانتهاء من الخطاب.
وبالرغم من كفاية جملة النداء هذه لتنهي الخطاب، كان خادم الحرمين الشريفين – حفظه الله – صريح وصادق في خطابه. ووضّح بأن العالم الذي نحن جزء منه يعيش مرحلة صعبة. وبالرغم من قسوتها ستمر بإذن الله. ثم طمئن الجميع بأن دولته ستستمر في اتخاذ كل ما يتطلب لمواجهة هذا الموقف. مع التأكيد بأنه حريص جدا على توفير كل ما يحتاجه الإنسان على هذه الأرض المباركة “من دواء وغذاء واحتياجات معيشية”. وأن دولته ” تبذل كل إمكانياتها لاتخاذ التدابير الضرورية للمحافظة على صحة المواطن والمقيم”.
كما أبدى – حفظه الله – امتنانه وتقديره للمواطن والمقيم في المملكة على ما أظهروه من تجاوب مع الأجهزة ذات العلاقة – التي شكرها أيضا – في محاربة انتشار المرض. وأيضا أثنى على قوة وثبات المجتمع السعودي في هذا الموقف الصعب. ولإنجاز ذلك، طلب من الجميع “التكاتف والتعاون ومواصلة الروح الإيجابية وتعزيز الوعي الفردي والجماعي”.
أمام خطابات قادة – خاصة في الغرب المدعي الإنسانية والمدافع عن حقوقها – تُشيع الهلع في مجتمعاتها، أو تتنصل من المسئولية فيكون وقعها هو الداء وأكثر رعبا من فيروس “كورونا” نفسه، كان خطاب خادم الحرمين – المدعوم بمصداقية ملوك المملكة الذين إذا قالوا فعلوا – دواء للقلوب والنفوس للمواطن والمقيم (الإنسان) على أرض المملكة.
خطاب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان – حفظه الله – درس في الإنسانية وتأكيد على حق الانسان في الحماية والحياة الكريمة، ونموذج يُحْتذى به للكثير من القادة في هذا العالم الذين عجزوا أو تعاجزوا عن اعتبار حقوق الإنسان الحقيقية كأساس خطاباتهم الموجهة لشعوبهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال