الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
متى هي آخر مرة أمسكت قلماً وورقة وكتبت نصاً ؟ الإجابة متفاوتة وفقاً لأهمية ذلك في نشاطاتنا اليومية فإذا كنت شغوفًا بالتقنية وتعتمد عليها كثيرا فلربما كان ذلك منذ وقت طويل ، الاقتصاد الرقمي هو المستقبل وأزمة كورونا المستجد أفرزت اهمية كبيرة نحو التعليم والتدريب والعمل عن بعد ، لقد خلفت تعليقاً وقتياً لقوة العمل والتي تُعد احد اهم عناصر الانتاج وأضحى الفراغ الوقتي بالبقاء في المنازل والابتعاد الاجتماعي فرصة مواتية للتعلم والعمل وصقل المهارات عبر وسائل التقنية المختلفة فهل من اشكالية في ذلك؟ وهل البنى التحتية لتقنية المعلومات وتحملها لأساليب العمل والتعلم عن بعد جيدة؟ وهل لا يزال هناك قصور ثقافي في تقبل هذه النوعية من الانتاج ؟ حسناً ..
وفقاً للتقارير هناك تباين في مدة تداعيات هذا الفايروس مما يتطلب معه مواجهة هذا التوقف بالمزيد من الاداء في قوة العمل عن بعد هذا سوف يحرز انفراجة في الاداء الاقتصادي وممارسة إيجابية للأنشطة المختلفة ، فايروس كورونا لم يكن سوى ناقوس خطر وأشارة تحذير بأهمية التحول سريعًا في (نماذج الاعمال) من جهة ومن جهة اخرى خطوة هامة للبدء في اتخاذ إجراءات اكثر للتحول الكامل نحو الاقتصاد الرقمي، هناك فجوة بين عدة ابعاد : البنى التحتية للتقنية، ثقافة الممارسات والابتكار والابداع الرقمي ونماذج الاعمال، حقوق الملكية الفكرية، مجانية البيانات ، دعم المبدعين، أمان وسلامة الاستخدام.
وبردم هذه الفجوة سنكون اقرب من اي وقت مضى للتحول من الانتاج التقليدي الى الانتاج الرقمي الذي يراهن الاقتصاد الحديث على دوره نحو الأفضل ، طبيعة هذه المتغيرات في تصوري ستعيد تفاصيل المشهد الاقتصادي كثيرا وستعيد في ذات الوقت صياغة فلسفة الاسواق وثقافة العمل اي ان اقتصاديات سوق العمل العالمية ستتضمن مفاهيم جديدة اكثر رحابة للأعمال التي تتم عن بعد ولا شك بأن جائحة كورونا ستفضي الى واقع اقتصادي جديد يرتكز على التكلفة الربحية، الفاعلية والتنافسية والأسواق الجديدة والتي يجب تعمل برتم رقمي في كافة الأساليب.
نعم هناك شركات كبرى حققت قفزات غير مسبوقة في التاريخ الاقتصادي الرقمي مثل جوجل وأمازون ومايكروسوفت في معظم اعمالها التي تتم عن بعد لكن الأهم هو استكمال كافة الجوانب التي تحفز على ذلك وتهيئة البنى التحتية اللازمة، لقد عاش معظمنا خلال هذه الجائحة تجارب متباينة مع وسائل التعلم عن بعد والتي أظهرت الحاجة الماسة الى تعظيم هذا الدور بالعمل على جوانب جديدة كمراكز البحوث التقنية ومركز للابداع التقني والابتكارات وصقل مهارات العاملين لتحقيق كفاءة اداء اعلى اضافة الى تعزيز القدرات التي تتعلق بالبنى التحتية على كافة المستويات والمنصات المختلفة .
الاقتصاد الرقمي مع تداعيات كورونا فرض على المجتمعات مكانته المهمة كخيار قادم واضحت فكرة الالتقاء عن بعد تحت أي عمل أو لقاء أو ندوة أو برنامج تدريبي في ظل هذه الظروف أمراً حتمياً وفي الاقتصاد الحديث لاتزال النظريات في صراع وأولويات فيما بين الحاضر والمستقبل بيد ان الخلاصة ان نتائج الاقتصاد الرقمي هي الأقل تكلفة للشركات والمنظمات في جانبها الانتاجي والربحي وسيعزز من كفاءة ذلك خدمة الإنترنت والسباق التقني المتطور يوما بعد يوم.
من هنا فإنه وبلا شك يبق الاستثمار في مكونات الاقتصاد الرقمي جاذبة ومحفزة وعائداتها ضخمة وعندما يأتي العمل عن بعد من خلالها فهذا يعني اننا امام قوة عمل جديدة ستحقق معدلات عالية من الاداء ويقلص من نسب البطالة وصولا الى ثقافة تحترم وتشجع العمل عن بعد كقيمة مضافة لأي ناتج محلي اجمالي، ستخلف جائحة كورونا اضرارا على قطاعات الاعمال المختلفة هذه حقيقة قد تتقلص خلالها الوظائف في معظم الشركات حول العالم بشكل واسع لكن الخيارات تبق ضمن فلسفة وسياسة تلك الشركات إما بالتحول الجديد او الركون الى الأمنيات انها مرحلة التغيير فحسب ..
بعض المخاوف التي تشير الى ان التوجه للأعمال عن بعد قد يقلص من حجم الوظائف في جانب العرض يمكن التغلب على هذه المخاوف في الدخول مجددا لها من الباب الآخر فما لم يتم أشغاله مكانياً لواجبات وظيفة ما يمكن تأديته بجودة ودقة عالية عن بعد وهذا سيعيد ايضا فلسفة الوظائف والأجور التي تختلف كليًا اي ان الاداء المستقبلي لكتل الانتاج سيعتمد على الكم التنفيذي والجودة لا على ساعات الحضور والانصراف وهو ما يتيح فرصا جديدة للعمل .
مجمل القول : في بلادنا الغالية وبدعم مباشرة من سيدي ولي العهد وبتوجيه خادم الحرمين الشريفين حفظهما الله هناك جهود مميزة تضافرت جميعها في تفعيل المبادرات والانجازات الرقمية من خلال مستهدفات التحول الرقمي وهو ما اسهم في ايجاد فرص عمل رقمية مستدامة وزيادة في المحتوى المحلي والاقتصاد الرقمي هذه خطوات غير مسبوقة تؤشر الى المضي قدماً نحو ذلك بكل جدية واهتمام.
وفي المقابل يبق العمل والتعلم عن بعد هو حجز الزاوية في اقتصاديات ما بعد كورونا هذه هي الحقيقة المتوقعة .. وعليه فإن عملية التحول الانتاجي الرقمي اجمالاً هي في الواقع عملية انسجامية تكاملية بين عدة مكونات وتشكل تحديًا كبيرًا يتطلب المزيد من تضافر الجهود والدعم المعلوماتي للبيانات والتمويل وأفقية البنى التحتية وتعزيز ثقافة العمل عن بعد من خلال منظومة متكاملة تنفيذية تدريجية محليًا واقليميا ودوليًا وصولا الى ثقافة عمل جديدة واعمال مرنة شاملة ، اليوم تغيرت كثيرًا مفاهيم الأمية من القراءة والكتابة الى استخدام التقنية والتي يراهن عمالقة الاقتصاد الرقمي على انه المستقبل الاقتصادي الجديد .
قدم كورونا فرصة جديدة واسعة ليست لحظية بل انها ستمتد الى ما بعد كورونا والخيار القادم سيغير من مفاهيم واداءً الاقتصاد الذي يعتمد على التقنية انها فرص الحاجة التي ولدت من رحم الظروف كي نتعلم منها تغيير وتطوير المستقبل على نحو أفضل .
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال