الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
جاءت كورونا فقلبت الدنيا رأساً على عقب، وفي الوقت الذي يتوجس فيه الأفراد خيفة من كورونا وخطرها تقف المؤسسات على أطراف أصابعها تحسباً لواقع قد يعصف بكل أحلامها ويجعل حلمها الوحيد هو البقاء على قيد الحياة. كل مدير في كل مؤسسة وفي كل مستوى إداري يحمل هم كورونا 24 ساعة في اليوم، كل مدير ينام ويحلم بكورونا وأحيانا قد يتحول هذا الحلم ليصبح كابوس مزعجا. ولأن أزمة كورونا قد تطول بذاتها أو أثارها؛ لذا يحتاج المدير أن يتحمل مسؤولياته ويظهر استحقاقه للمكان فمعدنه يظهر في زمن الشدائد، والأزمات تتطلب مهارات وقدرات تختلف عن تلك التي تكون وقت الدعه والاستقرار.
مهارة إدارة الضغوط هي أهم ما تحتاجه الادارة ويحتاجه كل مدير في هذا الوقت العصيب. الضغوط تأتي من كل إتجاه وتتصاعد حدتها كل يوم، من المؤسسة ومن الموظفين ومن السوق ومن العملاء ومن الجهات الرسمية ومن العالم كله.
المدير الذي يعشق الروتين ليس له ولا لروتينه مكان في زمن كورونا، التعامل مع كورونا يستلزم قدرة بدنية عالية ومرونة كبيرة، مرونة في الحركة ومرونة في إتخاذ القرارات ومرونة في إلغاء القرارات ومرونة في تعديل القرارات، أن تختار بين خيارين أحلاهما مرّ هو من المسلمات في زمن كورونا والاصرار على عدم الخسارة هو الانتحار بعينه.
مثلما يشكل أهل السياسة خلية لإدارة الأزمة، على المدير أن يسلك مسلكهم، خلية يجتمع فيها كل العناصر وكل الاتجاهات وتعبر عن فكر متنوع وتصورات مختلفة، المدير في هذه الحالة في أمس الحاجة إلى الإنصات إلى من حوله، هذا لا يمنع أن يكون المدير مستبداً في زمن كورونا فالإدارة الاستبدادية تنشط في وقت الأزمات، لكن الاستبداد ليس المقصود به فرض الرأي فقط، الاستبداد الاداري في زمن كورنا يعني فرض الرأي الصحيح، بعد الانصات إلى الجميع.
قدرة المدير على إدارة المعلومات في زمن الأزمة ستكون فاصلة في تحقيق النجاح أو حصد الفشل، المعلومات هي رأس مال المدير في زمن كورونا، المعلومات الصحيحة والمحدثة ستمكن المدير من إتخاذ قرارات صحيحة، العشوائية في تجميع وتحليل المعلومات لن تؤتي أكلها في زمن كورونا، يجب أن تكون هناك آلية إحترافية في تجميع وتحليل وعرض المعلومات.
المدير المتردد أو المسوف سيتكون نهايته على يد كورونا، الأحداث تتصاعد كل يوم، والتأخير في إتخاذ قرار ما قد يكلف الجلد والسقط. زمن كورونا هو زمن الشجعان ولا مكان فيه لغيرهم.
المدير سيتعامل مع موظفيه عن بعد، والادارة عن بعد لها أصولها، برامج وأدوات التواصل الالكتروني سيكون لها كلمتها في الادارة عن بعد، والتواصل الإلكتروني في هذه الحالة لن يتحمل الكثير من التفاعلات المعتادة عن قرب، الأدوار والمسؤوليات والتوجيهات يجب أن تكون واضحة ولا تحتمل التأويل، عندما لا يكون لدى الموظفين فهم واضح لما هو مطلوب منهم، سيكونون أقل انخراطا في العمل، أقل حماسا، وسيقضون وقتهم في ارتكاب الخطأ تلو الآخر، عندما يعرف الموظفون ما هو متوقع منهم في العمل سيكونون أقل قلقا وأقل ارتباكا.
التغذية المرتدة المنظمة أساسية في تفهم الأوضاع ومتابعتها، التقارير المكتوبة أو المسموعة أو المرئية باحترافية والمتبادلة بين جميع الأطراف ستصنع الكثير من الفارق، وجود مواعيد نهائية للمهام والقدرة على تتبع عملية التقدم التي يحرزها الموظفون في إنجاز مهامهم اليومية والأسبوعية والشهرية يجب أن تكون بطريقة منظمة ومتسقة؛ كثير من الفجوات وأوجه القصور ستطل برأسها أمام المدير في زمن كورونا، وكثير من الأشياء ستكون بحاجة إلى إعادة التفكير بعد كورونا.
قدرة المدير على إدارة الموظفين ستتكشف في زمن كورونا، قدرته على بث الهدوء والطمأنينة في نفوسهم، قدرته على تنظيمهم، قدرته على توجيههم، قدرته على تصحيح أخطائهم، قدرته على تحفيزهم، قدرته على إستنفار قدراتهم الابداعية وتشجيعهم على صناعة أفكار خارج الصندوق تصلح للتعامل مع كورونا، قدرته على توزيع جهدهم لو فرض عليه العمل بنصف طاقة موظفيه، وقدرته على الاختيار فيما بينهم لو خيرته كورونا بينهم. علاقة جديدة تتشكل بين المدير والموظف في زمن كورونا وعلى أساسها يتشكل مستقبل كلاهما ومعهما المؤسسة. وفي كل الأحوال كورونا ستجري عملية فرز وعلى نار هادئة للمديرين في مؤسساتنا.. والبقاء للأقوى والأذكى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال