الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تعد سياسة التجريم والعقاب من أهم أدوات المشرع والمنظم التي يواجه بها جرائم التشهير والمساس بالحياة الخاصة والإضرار بها عبر وسائل التواصل الاجتماعي والإعلام المرئي والمسموع، ومع تطور مواقع الإنترنت واستحداث منصات إجتماعية حديثة, أفرد المنظم في سبيل مواجهة الجرائم المرتكبة عبر مواقع التواصل نظام خاص بها وهو نظام مكافحة جرائم المعلوماتية الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/17) بتاريخ 08/03/1428هـ.
وبنظرة فاحصة في نظام مكافحة جرائم المعلوماتية نجد أنه أشار في نصوصه إلى تطبيق العقوبات في الحق العام ضد مرتكب تلك الجرائم، مثل تعزير المدعى عليه بالسجن مدة لا تزيد عن سنة، وبغرامة لا تزيد على خمسمائة ألف ريال، أو بإحدى هاتين العقوبتين، وفق أحكام المادة (3) من النظام، ومصادرة الجهاز المستخدم في ارتكاب الجريمة، وفق أحكام المادة (13) من النظام، وإغلاق المعرّف المستخدم في ارتكاب الجريمة إغلاقًا نهائيًا أو مؤقتًا، وفق أحكام المادة (13) من النظام. أما عقوبات الحق الخاص فتتمثل فيما يريده المدعي من إلزام المدعى عليه بتعويض يقدر بقدره، أو إلزام المدعى عليه بنشر اعتذار في ذات المعرف المستخدم في ارتكاب الجريمة، وفق تقدير المحكمة.
وتجدر الإشارة إلى أنه يحق للمتضرر من تلك الجرائم التقدم إما بشكوى لقسم الشرطة الواقع به محل إقامة المدعى عليه، ثم إحالة الشكوى للنيابة العامة؛ للتحقيق مع المدعى عليه، ومن ثم إحالة ملف القضية إلى المحكمة الجزائية المختصة بنظر هذا النوع من القضايا. وما يميز هذه الطريقة هو مطالبة المدعى عليه في الحق العام من قبل النيابة العامة بصفتها جهة الإدعاء، والحق الخاص من قبل المدعي. كما يجوز للمتضرر من تلك الجرائم التقدم مباشرة بدعواه القضائية ضد المدعى عليه أمام المحكمة الجزائية المختصة، ولكن هذه الدعوى ستكون قاصرة على المطالبة بالحق الخاص, مع ملاحظة توقع الرد وعدم القبول لهذه الدعوى لكونها لم تمر على النيابة العامة للتحقق من المخالفة وجديتها.
أما الجرائم المرتكبة عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع، فهي خاضعة لأحكام نظام الإعلام المرئي والمسموع الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/33) وتاريخ 25/03/1439ه، ونظام المطبوعات والنشر المعدل الصادر بالمرسوم الملكي رقم (م/32) وتاريخ 03/09/1421ه المعدل بموجب المرسوم رقم (أ/20) وتاريخ 11/04/1433ه، المجرم لأية أفعال تسئ للآخرين أو تشهر بهم عبر أي وسيلة إعلامية.
وتختص لجان نظر مخالفات النشر الإلكتروني والسمعي والبصري بوزارة الإعلام، بنظر الدعاوى في الجرائم المرتكبة عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع كالتلفاز والإذاعة. وذلك بعد قيام المتضرر بالتقدم بالدعوى إلى الأمانة العامة للجنة مخالفات النشر الإلكتروني والسمعي والبصري، حيث تقوم الأمانة بإحالة ملف الدعوى إلى اللجنة الإبتدائية لبدء جلسات نظرها.ويؤخذ على بعض اللجان هو البطء في نظر القضايا إما لكثر القضايا الواردة وقلة الإعضاء والدوائر المختصة أو لأسباب إدارية أخرى.
وتتمثل عقوبات الجرائم المرتكبة عبر وسائل الإعلام المرئي والمسموع، في تغريم المدعى عليه بمبلغ لا يزيد عن عشرة ملايين ريال، وفق أحكام المادة (17) من نظام الإعلام المرئي والمسموع. والإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة تزيد على ستة أشهر، وفق أحكام المادة (17) من نظام الإعلام المرئي والمسموع. وإيقاف البث، وفق أحكام المادة (23) من اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع. و تعليق أو إلغاء الترخيص، وفق أحكام المادة (23) من اللائحة التنفيذية لنظام الإعلام المرئي والمسموع، وذلك في الحق العام. أما الحق الخاص فتتمثل عقوباته في إلزام المدعى عليه بتعويض المدعي، وإلزامه بنشر اعتذار في ذات الوسيلة الإعلامية المستخدمة في ارتكاب الجريمة وفق تقدير اللجنة.
أخيرا فلاشك أن الجرائم الإلكترونية والإعلامية أغرقت المحاكم بالقضايا إما بسبب التجاوزات البذيئة من بعض المتهورين, أو بسبب الحساسية المفرطة لدى بعض المتلقين, وفي كل الأحوال فإن الإقبال على التقاضي هو الوجه الحضاري للدول, عوضا عن مباشرة الناس لحقوقهم تجاه بعضهم البعض, الأمر الذي يفاقم المشاكل ويضاعف أثرها.
كما نلاحظ أن تشابه القضايا التي تنظرها اللجنة في مخالفات النشر مع القضايا التي تنظرها المحاكم الجزائية في القضاء العام يجعلنا نميل إلى توحيد جهة التقاضي والنظام ودمجهما بما يحقق وحدة الهدف والموضوع والجزاء, كما أن هذا المجال القانوني يحتاج إلى معرفة
الأحكام الموضوعية في هذا الشأن فوجود مدونات قضائية من اللجنة خصوصا يسهّل علينا معرفة التفسير القضائي للأحكام النظامية, وذلك حتى يتم التوازن بين حماية السمعة وحرية التعبير و حتى يستطيع الناس معرفة درجات القيود القانونية لحرية الكلام التي تعفو وتعاقب عليها اللجان والمحاكم المختصة.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال