الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يمر العالم بأكمله وبحجمه الحالي بظرف لم يعهده من قبل.
وكان من الطبيعي أن يمتد أثره للأسواق المالية حول العالم.
كذلك من الطبيعي أن تقلق لهبوط قيمة المحفظة – ومن ثم تحتار حول التصرف السليم.
وبعضكم ربما يرغب أن يستغل فرصة الهبوط لتحقيق أرباح بعد انتهاء الأزمة.
ليس هذا ما يجب التركيز عليه حاليا.
إن الهبوط الحاد في الأسواق حاليا ليس بسبب الضعف الاقتصادي – وفقا لسوزي أورمان الكاتبة والمستشارة المالية الأمريكية الشهيرة
بل إن الاقتصاد كان قويا.
إن المتسبب في هذا الإنحدار هو الهلع والمخاوف الصحية وليس المخاوف المالية.
وهناك فرق جوهري بين الخوفين.
عليك النظر بشمولية للوضع كله وليس من زاويتك أنت وحدك، ليس المهم هو الأسواق صاعدة أو هابطة.
السؤال الهام: هل أنت “جاهز ماليا” لإدارة مصاريفك في الفترة القادمة.
كثير قلقون بشأن وظائفهم. حتى لو وظيفتك ستظل مكانها ولن يتم الإستغناء عنك هل تضمن أن المنشأة ستكون قادرة على الإستمرار والوفاء بالتزاماتها؟.
ماذا ستفعل؟
أولا: هل عليك أقساط منزل؟ أو أقساط قروض أخرى؟
الحل تواصل مع البنك أو الجهة المقرضة، اشرح الوضع واطلب منهم إعادة الجدولة أو تأجيل الأقساط دون جزاء
ثانيا: هل عليك إيجار مستحق سواء منزل أو تجاري؟
الحل: تواصل مع صاحب العقار وأبلغه بعدم قدرتك على السداد الفوري؟ في حال رفض اطلب منه التعاون والتقاسم بحيث تدفع أقل من المطلوب وتقسط الباقي، بحيث لا هو تضرر تماما ولا أنت.
ثالثا: تواصل مع جميع الجهات اللي عليك لهم أقساط مثل السيارة أو التأمين أو أجهزة منزلية وقم بالسابق.
طبعا ابدأ بالأقساط الكبيرة واحدا واحدا ولو تم التفاهم على أكبر قسط وخارج معك فلا داعي لإكمال السلسلة.
لماذا ننصح بهذا؟
أولا: من أجل الأمانة التي نحملها مع الدين. الله تعالى يأمرنا بأداء الأمانات إلى أهلها وسداد الدين
ثانيا: من أجلك أنت. التهرب يسيء إلى سمعتك كمقترض ويضرك مع البنوك ويخفض تقييمك الائتماني مما يضعف فرص حصولك على أي قرض فيما بعد.
ثالثا: لأن الاقتصاد منظومة متكاملة. فلو كل واحد تهرب من السداد فإن المؤسسات المالية تتضرر وينعكس هذا على قدرتها الإقراضية للغير، وتضطر البنوك فيما بعد لتغيير وتشديد سياستها الإئتمانية على الجميع فيما بعد.
تذكر أننا كلنا في نفس المركب، ولو كلنا صلحنا وأصلحنا لصلح الحال والعكس صحيح. لا تعتقد أنك شخص واحد وسلوكك لن يؤثر كثيرا في المنظومة، لأنك لو فكرت بهذه الطريقة فغالبا غيرك سيفعل نفس الشيء.
وكل هذا يمكن تلافيه أو تخفيف حدته لو عندك صندوق طوارئ يغطي مصاريفك لمدة ثمانية أشهر. اليوم هو وقت استخدام أموال الطوارئ في حال انهاء خدماتك الوظيفية أو تعثر الآخرين عن سداد مستحقاتك.
رابعاً: بعضكم مشترك في جمعية مع الأصدقاء أو الأهل
عن نفسي لا أحب فكرة الجمعية رغم أن هدفها التعاون. لكن أرى أن الدخول في معاملات مالية مع الأصدقاء غالبا ما يتسبب في مشكلات أو خلافات لا يمكن للقضاء التدخل فيها.
عموما لو أنت في جمعية حاول أن تصفي مالك وما عليك بحيث لا تتشابك أمورك المالية مع الغير في هذه الأوقات.
تذكر الهدف الأساسي من الفلوس في حياتك: الأمان
الهدف من الفلوس ليس امتلاك كل ما نحلم به! ليس شراء كل ما يعجبنا!
خامسا: بالطبع لا نعرف كم سيستمر مسلسل الأزمة الصحية، والأولوية هي الحفاظ على صحتك والنجاة من العدوى ومحاولة تقليل انتشار المرض بالبقاء في منزلك.
لكن ماذا لو عليك الخروج؟ ماذا لو أنت مضطر للاختلاط في الشارع ومكان العمل لاستمرار أمانك المالي؟
لست وحدك.
لماذا يهمك موضوع التراجع والانحسار الاقتصادي؟ ليس فقط لأن الوظائف تفقد. بل لأن عودة الوظائف بعد فقدانها هو عملية بناء شاقة وغير فورية ولا سريعة. أصحاب الأعمال والمنشآت يمرون حاليا بفترة من التفكير العميق وفلترة الأفكار ورغبة قوية في تقليص المصروف. ولا أحد يلومهم لو قامت المنشأة بتقليص عدد الموظفين والاقتصار على الموظف الأساسي الذي لا يمكنها الإستغناء عنه
إن مصطلح التراجع أو الإنحسار الاقتصادي recession يشير إلى هبوط في قدرة الاقتصاد ويستمر لمدة ٦ أشهر على الأقل
وهذا يتكرر في المتوسط كل ٤ إلى ٥ سنوات
وهناك ما يسمى بالركود الاقتصادي depression وقد يستمر لمدة ١٠ سنوات وممكن يحدث كل بضعة عقود. أشهر مثال هو ركود القرن الماضي من ١٩٢٩-١٩٣٩ (المشهور بالثلاثاء الأسود)
من حوالي أسبوعين تم الإقرار بأن الاقتصاد الأمريكي دخل في حالة انحسار
وبالنظر للظروف الراهنة فإن مستوى اللايقين uncertainty عالي فيما يتعلق بالمدة والتوقعات
لو أنت موظف قطاع عام أو وظيفتك مضمونة إلى حد ما – أدعوك أن تستمر في الإدخار بصندوق الطوارئ لأنك قد تحتاجه قريبا
لو أنت صاحب أعمال أو منشأة ادعم موظفيك بتقليص وقت الحضور الى ساعتين يوميا، زودهم باحتياجات التعقيم، ادفع رواتبهم في موعدها، تقرب منهم. مصلحتكم مشتركة.
لو أنت مستثمر، فالأوضاع الراهنة تقلباتها عالية جدا لكن أيضا الأصول أسعارها رخيصة.
1) ابدأ بالاستثمار التدريجي المنتظم بمبالغ قليلة (قليلة جدا) dollar cost averaging
2) توقف عن متابعة ومراقبة الأسواق يوميا، التوتر سيؤثر على قراراتك
3) السوق محتمل يهبط أكثر فكل شي حاليا مرتبط بأخبار الفيروس وتصريحات السياسيين
4) لا تبع الآن! لو محفظتك جيدة ومنوعة أو مستثمر في أسهم توزيعات قوية أو صندوق مؤشر كبير فأنت في وضع طبيعي. المسألة مسألة وقت.
في النهاية نأمل أنت تنتهي الأزمة سريعا وعلى خير وأن نتعلم منها الدروس الهامة في صحتنا وأموالنا وسلوكياتنا.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال