الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
تخوض دول العالم أجمع مع جائحة كورونا (كوفيد 19) التي شرقت بالعالم وغربت به، وإن كانت الحرب الصحية هي مربط (الفايروس) – على شاكلة مربط الحصان – فإن موقعا آخر يخوض به العالم معركة أخرى، هو ميدان الاقتصاد الذي تهاوت مؤشراته وأرقامه تبعا لتطورات الجائحة، ونتائجها الموسومة بأعداد الوفيات، ورعب تصاعد عدد الإصابات، ومخاوف انهيار الأنظمة الصحية في بلدان عديدة. وفي الاقتصاد هناك إمكانيات عرض السلع، وتنافس الطلب، وحكايا الأمن الغذائي.
وطننا الغالي المملكة العربية السعودية، كان سباقا للتصدي لجائحة كورونا من خلال قرارات سيادية جريئة وغير مسبوقة مثل تعليق دخول المسافرين، وقف المدارس، وتعليق الحضور للمقرات الحكومية، مرورا بوقف الصلاة في المساجد، والحرمين الشريفين، وإقامة عزل لعشرات الآلاف من العائدين من الخارج، وفرض حظر جزئي لجميع المناطق، وقد كان لهذه القرارات الأثر الكبير في تقليل أعداد المصابين، واقتراب انتهاء المشكلة بفضل الله ثم بفضل المرونة في الجهاز الحكومي، والأثر الملموس لرؤية المملكة 2030 التي (رشقت) طريقة عمل الحكومة، وجعلتها قادرة على الحركة السريعة، واتخاذ القرارات في وقت قياسي.
في مثل هذه الحالة الطارئة التي يعيشها العالم حاليا، لابد من النظر إلى قضية الأمن الغذائي والسلعي. وبنظرة سريعة نكتشف القوة التي تتمتع بها بلادنا من خلال إنتاج عديد من السلع محليا، وخاصة السلع الغذائية مثل القمح، والألبان، والبيض، والخضروات، وطيف واسع من الأغذية المعلبة مثل الأجبان، واللحوم، والمخبوزات، والتي ظهرت وفرتها في الأسواق بشكل طمأن الناس، بحيث لم نر – ولله الحمد والمنة – أي مظاهر لنقص سلع أو مستلزمات. ولاشك أن جهود وزارات البيئة والمياه والزراعة والتجارة والبلديات بدت واضحة في ضبط الأسواق، وملاحقة الاستغلال والاحتكار من خلال الجولات التي تعلن بشكل يومي.
من واقع تجربتي في القطاع الزراعي، وبحكم أني أحد المنتمين له، وأحد مؤسسي الجمعيات التعاونية الزراعية، فإنني أقول بثقة أن بلادنا نجحت في تأمين الغذاء بكفاءة، ليس من اليوم، ولكن منذ اليوم الذي قررت فيه الاستثمار في القطاع الزراعي رغم كم الانتقادات الداخلية والخارجية. صحيح أن تجربتنا تحتاج دائما إلى التقويم والتعديل في حال انحرف المسار، لكن الواقع والتجارب والأزمات أثبتت أن أي بلد لابد أن يؤمن احتياجاته الغذائية من أرضه، وعلى الأقل أن يكون هناك حد أدنى لذلك. لقد رأينا كيف تم تأمين أغذيتنا من مناطقتنا الزراعية الرياض والقصيم وحائل والجوف بكل كفاءة وجودة. لقد أثبتت الأزمة الحالية أهمية تعزيز الاستثمار الزراعي بعد أن رأينا (الحمائية) تظهر في أغلب دول العالم، كما أن استمرار أزمة كورونا في العالم يمكن أن يدفع كثير من الدول لتقييد تصديرها مستقبلا. لقد رأينا كيف أعادت الدولة القطاع الزراعي خلال السنوات الأربع الماضية، وأعادت زراعة القمح مع وقف الأعلاف، وأطلقت برنامج الزراعة الريفية الذي رصد له أكثر من 12 مليار ريال. نعرف أن نتائج هذا المشروع لن تظهر حاليا، لكنها البداية التي ستكون داعما للأمن الغذائي.
نشد على يد معالي وزير البيئة والمياه والزراعة معالي المهندس عبد الرحمن الفضلي في قيادة القطاع الزراعي نحو آفاق أوسع من خلال توسيع القاعدة الزراعية الأفقية، واستثمار البنية التحتية السابقة في تكثيف الزراعة في البيوت المحمية، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة خاصة تلك التي تهتم بالتصنيع الغذائي في المناطق الزراعية، ومعالجة إشكاليات التسويق، ودعم الجمعيات الزراعية، ولعل في أزمة كورونا الحالية ما يدفعنا إلى مزيد من العمل لسد الثغرات، واستثمار الإمكانيات، وتطوير القدرات التي تعود على الوطن والمواطن بالخير والرفاه. حمى الله بلادنا وقيادتنا وشعب المملكة من كل مكروه، أدام علينا نعمة الأمن والأمان والاستقرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال