الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
واجهت صناعة الطاقة المتجددة رياحاً معاكسة شديدة، والتي كان من المتوقع حتى وقت قريب أن تتمتع بنمو سريع، وذلك نتيجة لثلاثة أحداث مصيرية والتي تندرج تحت مسمى الصدمات الاقتصادية، بدأت بوباء كورونا (COVID-19)، وانهيار أسعار النفط، والانكماش المالي العالمي. وتعتبر هذه الأحداث مترابطة ويعزز بعضها بعضاً. ومن السابق لأوانه أن نكون قادرين على تقييم مدى درجة التأثير، ولكن على حسب أقوال الخبراء في قطاع الصناعة والطاقة؛ أنهم يتوقعون انكماشًا كبيرًا على المدى القصير تليها فترة إصلاحات على مدى السنوات القليلة القادمة التي تعيدنا إلى نفس الصورة والخطط الأولية أو ربما أفضل من ذلك.
والنتيجة الأكثر وضوحا لهذه الصدمات تم ذكرها في تقرير ماكينزي، الذي ذكر أن التوقعات العالمية لمشاريع الطاقة الشمسية لعام 2020م قد تم تخفيضها بسبب تأثير جائحة كورونا. حيث خفضت التوقعات للمشاريع من 129.5 جيجاوات إلى 106.4 جيجاوات، بانخفاض قدره 18%. وبناء على هذه التوقعات سيكون العام القادم عامًا صعبًا بالنسبة للطاقة الشمسية. ويمكن أن نفترض أن الضرر الاقتصادي الناجم عن الوباء والانهيار المتزامن في أسعار النفط سيدفع العالم إلى الركود في عام 2020م.
ويمكن أن السبب وراء هذه التوقعات هي تباطؤ النمو الاقتصادي في الصين، مع قيام صندوق النقد الدولي بتخفيض توقعات نمو الناتج المحلي الإجمالي للصين بنسبة 0.4%، الأمر الذي من المحتمل أن يكون له تأثير على الاقتصاد الصناعي ككل، بما في ذلك صناعة الطاقة الشمسية. في الشهر الماضي أعلنت الحكومة الصينية عن تأجيل المزاد الضخم للطاقة الشمسية لعام 2020م من أوائل مايو إلى يونيو، وقد يؤدي انتشار وباء كورونا الذي نشهده اليوم إلى مزيد من التأجيل. كما أن بعض الشركات الصينية المصنعة للألواح الشمسية أعلنت عن تأخير الإنتاج بسبب الوضع الراهن.
في الحقيقة أن توقعات تخفيض الطلب التي يحركها الاقتصاد، والتي من المرجح أن تشمل جميع أنحاء العالم، ستضر بمنشآت الطاقة المتجددة الجديدة. سوف يقوم أغلب المستثمرين بإمساك ميزانياتهم وتأجيل بناء مشاريع جديدة. ستقوم الشركات التي تصنع الخلايا الشمسية وتوربينات الرياح وغيرها من تقنيات الطاقة المتجددة بالتخلي عن خطط نموها وتبني إجراءات جديدة للتقشف. لكن على الأقل في بعض الدول يتم استمرار مشاريع الطاقة المتجددة لأسباب أخرى غير نمو الطلب، مثل أهداف الطاقة المتجددة في قوانين ولوائح الدولة، وهي بالفعل قيد التعاقد أو الإنشاء.
والقاعدة تقول ” أنه عندما يضرب الركود، لن تمضي جميع الخطط كما هو مخطط لها”. لذلك على الرغم من أن الجميع يتوقع ركوداً اقتصاديًا قويًا في هذا العام والعام المقبل، إلا أنه حتى اليوم يتم تطوير وتمويل المشاريع التي سيتم تنفيذها في عام 2021م. والأمثلة كثيرة على ذلك؛ في السعودية والإمارات والهند والولايات المتحدة واليابان وأستراليا. لكن باعتقادي أن طرح مثل هذه المشاريع سيمر ببعض العقبات، منها أسعار الطاقة الضعيفة مع التفاوض على اتفاقيات شراء الطاقة، وانهيار أسعار صرف العملات، والتصنيفات الائتمانية لبعض الدول، والتي قد تضر بشدة باقتصاديات الاستثمارات الجديدة عبر مجموعة واسعة من الدول.
لم نر بعد ملامح عالم ما بعد جائحة كورونا، لذلك هناك حاجة للتعاون الدولي لمعالجة أوجه القصور ونقاط الضعف التي قد تتأصل مع مرور الوقت، ويجب أن تعكس الاستجابات للأزمات الاعتماد العالمي المشترك. يجب توجيه الاستثمارات بشكل علمي ومدروس وبخطط بعيدة المدى، وسيتطلب ذلك الضغط على المجتمعات والاقتصادات. مشاريع الطاقة المتجددة تعتبر طموحة، لكن يمكن تحقيقها من منظور أوسع، حيث ينظر إلى الطاقة والمجتمع والاقتصاد والبيئة كأجزاء من نظام فريد وشمولي.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال