3666 144 055
[email protected]
فايروس كورونا والذي ذاع صيته هذه الأيام وتحدث عنه الأطباء والاقتصاديين وغيرهم وحيث ان هذا الفايروس قد احدث ايضاً مشاكل قانونية ومنها فسخ العديد من العقود مما تسبب بخسائر كبيرة لكثير من الشركات العالمية و المحلية بسبب هذا الوباء فعلى سبيل المثال لا الحصر.
افصاح صندوق جدوى ريت الحرمين عن تعليق عقد إيجار فندق “ثروات الأندلسية” بسبب فايروس كورونا، حيث قام المستأجر بتاريخ 9 مارس 2020م بفسخ عقد الإيجار المبرم وذلك نظراً لتغير ظروف سوق الضيافة في مكة المكرمة وتعليق العمرة.
نظرية الظروف الطارئة في العقود او ما يطلق عليها باللغة الانجليزية The Theory of Emergency Conditions
تعود لفترة قديمة بسبب تشعب العقود وتعقد الأمور التي تتناولها وأيضا حاجتها لفترات زمنية طويلة لتنفيذ الالتزام. ولقد بدأ التعامل مع نظرية الظروف الطارئة استنادا إلى مضمون قاعدة “تغير الظروف”. وقاعدة تغير الظروف تقوم على أن العقد به شرط ضمني يجعل بقاء العقد واستمراره منوطا ببقاء نفس الظروف التي تم التفاوض عليها ثم إبرام العقد في ظلها. وهذا يعني أنه إذا تغيرت هذه الظروف للدرجة التي تجعل تنفيذ العقد فيها مرهقا لأحد الأطراف فإنه وبسبب تغيير الظروف فلا بد من تعديل أو تغيير العقد ليزول عنه الحيف الناشئ من هذا التغيير المفاجئ والذي لم يكن في حسبان المتعاقدين وقت إبرام العقد..
والشريعة الاسلامية وضعت أسسا جوهرية تتحدث عن نظرية الظروف الطارئة منها“ الضرر يزال، و الضرر يدفع بقدر الإمكان ، و لا ضرر ولا ضرار وغيرها.
ويعتبر من أقدم الأبحاث التي أكدت على اعتراف الشريعة الإسلامية بنظرية الظروف الطارئة ما قاله الفقيه الفرنسي الكبير ادوار لامبير في المؤتمر الدولي للقانون المقارن الذي انعقد بمدينة لاهاي سنة ١٩٣٢ حيث أكد على أن : نظرية الضرورة في الفقه الاسلامي تعبر بصورة أكيدة وشاملة عن فكرة يوجد أساسها في القانون الدولي العام في نظرية الظروف المتغيرة، وفي القضاء الاداري الفرنسي في نظرية الظروف الطارئة. وفي القضاء الإنجليزي فيما أدخله من المرونة على نظرية استحالة تنفيذ الالتزام تحت ضغط الظروف الاقتصادية التي نشأت بسبب الحرب، وفي القضاء الدستوري الامريكي نظرية الحوادث المفاجئة.
إن نظرية الظروف الطارئة تعد حالة استثنائية بالنسبة للقوة الملزمة للعقد ولإرادة أطرافه، والتي تستمد وضعها وقوتها وسندها من المبدأ القائل ” إن العقد شريعة المتعاقدين” ووفقا للشروط والضوابط المعينة التي يتفق عليها أطراف العقد.
وللظروف الطارئة شروط والتي تنطبق على فايروس كورونا منها :
أولا: أن يكون الظرف طارئ أو الحدث استثنائي وهو ذلك الظرف الذي يندر حصوله بحيث يبدو شاذا بحسب المألوف من شؤون الحياة، فلا يعول عليه الرجل العادي ولا يدخل في حسبانه
ثانيا : أن يكون الظرف الطارئ عاما ويقصد بعمومية الحادث “هو إن لا يكون الحادث استثنائي خاص بالمتعاقد بل هو عام على الناس او على فئة منهم كشركات الفنادق او المقاولين او شركات السفر والسياحة اوغيرهم
ثالثاً : أن المتعاقد ليس في وسعه دفع الظرف الطارئ
رابعاً : أن المتعاقد ليس له دخل في حدوث الظرف الطارئ
خامساً : أن يصاب المتعاقد بخسارة فادحة نتيجة حدوث الظرف الطارئ.
..وعلى ذلك يتبين أنه يجوز للمحاكم بسبب حدوث الظروف الطارئة كوباء كورونا التدخل لوقف العقد أو تعديله أو حتى فسخه… لدفع الضرر ولتحقيق العدالة القانونية والطبيعية بين الأطراف المتعاقدة بل ولكافة أطراف المجتمع الذي يتطلع للعدالة والعيش في رحابها والشعور بها.
© 2020 جميع حقوق النشر محفوظة لـ صحيفة مال
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734