الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“المال هو مثل الاكسجين للاقتصاد، والاقتصاد هو المعصرة الرئيسية للمال”.
اليوم فايروس كورونا باغت العالم وأربك الأمم، ووضع الجميع أمام امتحان صعب غير مسيس ولا مخطط له، وبالتالي أصبح امتحاناً حقيقياً للقيادات العالمية، أزال الهالات المزيفة عن البعض، وأعطى البعض شهادة مصدقة بالتميز في ادارة الأزمات، وبفضل الله وحمده، فازت المملكة العربية السعودية بالمكانة المستحقة لها، واتت الجائحة لتزيل الغشاوة عن عيون البعض، وهذا بكل مصداقية بشهادة الجميع- حتى الأعداء شهدوا بذلك-.
مع الحجر الصحي العالمي الذي عطل كل عجلات الاقتصاد الكبرى والصغرى، يقف قادة العالم امام معضلة كبرى وهي: أن أي قدر من التحوط لمنع انتشار الفايروس يعني المزيد من إضعاف وتعطيل لجزء كبير من الاقتصاد، بنفس القدر إن لم يكن بأضعافه، وبالتالي فإننا في العالم قاطبة أمام معادلة صعبة، الميزان فيها على كل الأحوال لا بد وان يميل أولا لصحة الانسان وسلامته من الضرر المباشر، ومن ثم مواجهة ومعالجة الضرر القائم – القادم لا محالة- جراء تفاقم وتبعات تعطل الأعمال، خاصة إذا استمر لأكثر من 4 – 5 أشهر قادمة.
وعليه فأن العالم كله لابد ان يدرس خيارات متعددة بين التراخي في الحجر على الاقل في بعض المنافذ الرئيسية للاقتصاد، مثلاً: البنوك، كتابات العدل، مواقع البيع الالكترونية، ونسب معينه ومحددة من الأداريين في المؤسسات الخاصه لتسيير جزء من الشريان الاقتصادي وذلك لسهولة السيطرة على العاملين فيها، مع التشدد وتغليظ العقوبات لمن لا يلتزم بشروط الوقاية. وهنا تختلف الدول فيما بينها في أسلوب المعالجة، فالدول التي تعتمد على انتاج سواعد الانسان ستكون الاكثر ضرراً، رغم انها في الاحوال العادية الافضل ديمومة للنمو الاقتصادي، وتأتي الدول التي تعتمد على الاقتصاد الريعي الأقل ضرر والأقدر على تحمل مدة أطول للحجر، ومع ذلك لابد ان تكون لديها خطط ودراسات مستعجلة لكيفية التراخي مع التشدد بشروط الوقاية.
هنا لابد من الاشارة الى انه وإن كان الوقت الراهن مع هذه الأزمة يأتي الاقتصاد الريعي افضل في تحمل الصدمات الاقتصادية، الا انه سيكون افضل لنا بكثير لوكنا نملك الميزتان: الريعي والانتاجي، لأن الانتاج الفردي والمؤسسي في المجالات الأساسية للحياة هو افضل علاج للفايروس الاقتصادي، وهذا ما كان ولايزال ينادي به سمو ولي العهد محمد بن سلمان حفظه الله، بل هو لب وجوهر رؤيتنا الوطنية فيما يتعلق بعملية الإنتاج للأفراد والمؤسسات، وانني على يقين بأن هذه الأزمة سوف تؤكد اكثر للمواطن صحة توجهات ولي العهد الاقتصادية .
ويؤكد معظم الاقتصاديين بالعالم أن الأثار السلبيه للوباء ستكون عميقه وتتطلب التركيز علي الأنتاج وبالذات المحلي، وسوف تثبت الايام صحة هذا من خلال ما سنراه بعد الازمة من التأكيد مرة اخرى على الإنتاجية، بل وتوجيه كل القطاعات الى الاهتمام بالإنسان ان يكون منتجاً اكثر منه مستهلكاً، من خلال برامح التنمية الشاملة بما في ذلك الاهتمام بالتنمية الصحية من مستشفيات ومراكز ابحاث تخصصية طبية، وصناعة طبية توفر الوظيفة وتضمن صنع الدواء المحلي.
والتأكيد سيشمل الاهتمام التحديات الرئيسية التي اثبتت الازمة وجوب الاهتمام بها، لأنها صمام الأمان في أي ازمة مستقبلية – لا سمح الله- واوجزها ويأتي في المقدمه العلم والاهتمام بشقيه النوعي والكمي وذروته من مراكز ابحاث متخصصه ويأتي كذلك في المقدمة كل الأساسيات الضرورية للحياة ومن ثم كل مايسهل التنمية المستدامة والشاملة وأوجزها هنا بما يلي:
1. التحدي الغذائي: من خلال الخزن الاستراتيجي الغذائي وتشجيع الزراعة خاصة في المناطق التي يكثر فيها الماء، ضمن دراسات علمية دقيقة توزان بين وفرة الماء وآليات استخدامه في الزراعة.
2. التحدي المائي: بالتأكيد تحدي ليس بسهل في ظل ظروف طبيعية تؤكد ندر الماء، لكن المزيد من الأبحاث حول آليات الاستخدام والترشيد والتنقية واستغلال مياه البحر والامطار … الخ
3. التحدي الصحي: من منشآت وتعليم ووقاية، علماً ان الوقاية المتشددة والتي تتدخل في اسلوب حياة الناس كممارسة الرياضة مع تضييق الخناق على كل ما يضر الصحة من ممارسات، فهذه كلها ستوفر من تكاليف العلاج لأمراض معينة نحن قادرون على التخلص منها.
4. التحدي التعليمي: بما يشمل الاهتمام بمراحل التعليم وفرز الافضل وضمان تعليم بحد أدنى جيد من التعليم والتدريب.
5. تحدي الإنتاج: من خلال تشجيع الافراد والمؤسسات على الانتاج ودراسة الميز النسبية لكل منطقة ومن ثم تفعيل دور امراء المناطق والمحافظين ورؤساء المراكز بأن يكون الانتاج الاقتصادي لكل دائرة من تلك الدوائر هي معيار النجاح لكل محافظ او حتى رئيس مركز.
6. تحدي المواصلات: من مطارات وطرق برية وسكك حديدية وموانئ والتي تعتبر الشريان الرئيسي الذي يتيح لكل المنتجين ومنتجاتهم بسهولة التحرك والاتصال واقلال التكاليف فيما بينهم وكذلك مع المستهلك النهائي داخلياً وخارجياً.
7. تحدي الاسكان: وهذا مهم واساسي، ولا اعتقد ان وزارة الاسكان منفردة ستتغلب عليه، بل لابد من تظافر الجهود مع كل الجهات الاخرى وقطاع البنوك والقطاع الخاص، ومثالاً على ذلك لو كل جهة حكومية وكل القطاعات الاهلية والخاصة ذات الحجم الكبير مع حوافز مشجعة، اهتمت بتوفير سكناً لمنسوبيها، وكل جهة قد تختلف شروطها عن الجهة الاخرى تبعاً للظروف والإمكانيات.
8. تحدي الطاقة: وهنا يأتي دور الطاقة البديلة وخاصة الشمسية، وتحفيز وتشجيع استعمالاتها وسن الأنظمة لها، وتنظيمها ما بين شركات الكهرباء والمستهلك من بيع وشراء وتخزين.
وقبل الختام اؤكد انه متى ما اعطيت هذه الاساسيات الاهتمام والتفضيل والسرعه فأن كل شي عداها سيتحقق تلقائياً مع الايام بأذن الله تعالى.
اجزم ان تعدد الندوات والمؤتمرات التي تبحث في سبل نجاح هذه التحديات مطلوب، لأنها المنفذ الرئيسي للمشاركة الشعبية والحديث مع الانسان الذي هو من سيتعامل مع كل هذه التفاصيل، وبالتالي وجب قياس نبضه ومتطلباته وما يحتاجه، لأن رضاه ورفاهيته هي هدف الرؤية الوطنية العملاقة. لذلك فإن الاهم هو رصد ما تخرج به هذه اللقاءات وتحويلها الى مراكز ابحاث متخصصة في دعم نجاح هذه التحديات التي من محاسن الصدف كما ذكرت سابقاً ان رؤيتنا الوطنية جوهرها ولب هدفها الإنتاج والتنمية المستدامة وكرامة الانسان ورفاهيته في هذا الوطن الغالي، وتحت راية لا اله الا الله، محمد رسول الله، والتي يقودها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي عهده صاحب السمو الملكي الامير محمد بن سلمان حفظهما ووفقهما الله لكل خير، وادام علينا المولى عز وجل نعمة الأمن والاستقرار.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال