الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لأول مرة في التاريخ هبط سعر النفط لخام غرب تكساس الأمريكي لدون الصفر. ليس فقط ذلك ولكن لوهلة, وصل الى سالب 40 دولار أمريكي للبرميل للبدء في فهم ما حدث, علينا أن نفكك عناصر الحدث ونتعرف عليها.
عقود النفط الاجلة
يتم تداول عقود النفط الأمريكي بشكل شهري في بورصة نايمكس بنيويورك ومن خلاله يلتزم البائع بتسليم 1000 برميل من النفط لكل عقد الى مراكز مستودعات التخزين المعتمدة لدى هيئة البورصة كما يلتزم المشتري باستلام الكمية نفسها عند موعد انتهاء العقد.
عوامل العرض والطلب وثالثهما التخزين
النفط, كما جميع السلع يتأثر بالعرض والطلب, لكن هناك عامل ثالث يلعب دورا” كبيرا” في أسعار النفط الفعلية حاليا” وهو عامل السعة التخزينية والنقل حول العالم. قفزت تعرفة التخزين في شهر مارس ما بين 50 الى 100% في بعض المراكزفي أوربا والولايات المتحدة.
حسب تقرير من وكالة رويترز, أرتفعت تعرفة تخزين الجازولين في مركز أمستردام-روتردام-أنتويرب لتخزين وتكرير النفط من 2 يورو للمتر المكعب الى 4 يورو في أول 3 أسابيع من مارس كما أرتفت تكلفة التخزين في كوشينغ بأكلاهوما الأمريكية من 20 سنت الى 50 سنت للبرميل بين فبراير ومارس حسب نفس التقرير.
أرتفاع تكلفة تخزين النفط تزامن مع أرتفاعات كبيرة في تكلفة ايجار ناقلات النفط العملاقة من 35-50 الف دولار بداية 2019 الى ما فوق ال 500 الف دولار يوميا” في مارس 2020 نتيجة الطلب لأستخدامها أما للتخزين العائم في عرض البحر أو لتوجه بعض المنتجين الكبار لتوصيل أكبر عدد من شحنات نفطهم لعملاءهم في خضم حرب النفط وأستراتيجيات المحافظة على الحصص السوقية. بالتالي أرتفاع تكلفة الشحن مع ندرة السعة التخزينية حول العالم تجعل من خيار شحن النفط لتخزينه غير مجدي.
معادلة العرض والطلب حاليا” غير مساندة لأسعار النفط كذلك وتخضع لعوامل متشابكة. العرض يحتاج الى قرارات جماعية من منتجين النفط لخفض الانتاج بشكل أكبر مما تم الاتفاق عليه مؤخرا”. من ناحية الطلب, فالأمر أصعب لأن لا أحد يعلم متى ستحدث نقطة ذروة جائحة كرونا وفي غياب أي أمصال أو علاج من هذا الفيروس, لن تعود الحياة لطبيعتها لأشهر عديدة. أهمية ذلك أن قطاع النقل والطيران يستحوذان على 68% من اجمالي استهلاك النفط , بالتالي ما لم تعود الحياة لطبيعتها سيظل جانب الطلب على النفط ضاغظا” على أسعاره.
إذًا ماذا حدث ولماذا وصل سعر النفط بالسالب؟
دفعت عقود النفط الاجله الملزمة للشاري باستلام النفط بالمشتريين بالتخلص منها بيعا” في 20 أبريل وهو تاريخ اخر جلسة تداول لعقد مايو. أقدموا على ذلك ولو بالخسارة لكي لا يجدوا أنفسهم وفي حوزتهم نفط لا يريد شراءه أحد ولا يجدوا مكان لتخزينه, ففضلوا البيع ولو بالسالب من مبدأ “جبرني على المر الامر منه”.
حتى المصافي التي يمكانها فعليا” أستخدام النفط فضلت التخلص بيعا” من عقود شهر مايو وأستبدالها بعقود شهر يونيو وما بعده لتفادي تكلفة التخزين. العامل الاخر الذي ضخم من حجم الانخفاض هو خوارزميات المضاربة التي معروف عنها انها تفاقم التذبذب في مثل هذة الحالات ويستخدمها المضاربين وصناديق التحوط للأستفادة من التذبذب في الأسعار وليس من أجل استلام السلعة نفسها. الجدير بالذكر أن المضاربة ينتج عنها اختلاف ما بين حجم المعروض والمطلوب من السلعة عينا” وحجم التداول في البورصات للتسوية المالية. وهذا الاختلاف أيضا” يلعب دور كبير في مفاقمة الارتفاعات والانخفاضات السعرية عند حالات التذبذب الغير عادي.
هل سيحدث نفس الشيء لقد شهر يونيو وما بعده؟ سيعتمد ذلك على التطورات في الثالوث المؤثرفي أسعار النفط حاليا”: العرض, الطلب, والسعة التخزينية.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال