الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الغيبوبة الطبية هو مصطلح يطلق على اجراء طبي يتم اتخاذه عندما يتعرض الدماغ لصدمة ما لوقايته من الضرر. يتم في هذا الاجراء حقن مادة مخدرة في الجسم ليدخل المريض في غيبوبة ينخفض بسببها احتياج الجسم لعمل الدماغ بصورة كبيرة مما يحافظ عليه لحين زوال مسببات الصدمة ومن يثم يعاد للمريض وعيه.
ما يحصل الان للاقتصادات هو عملية غيبوبة طبية اقتصادية لحين زوال الأزمة ومن ثم يعاد تشغيل العجلة الاقتصادية مرة أخرى. ومثل ما للاجراء الطبي من خطوات وأعراض جانبية، فإن للإجراء الاقتصادي خطوات وأعراض جانبية. وما تقوم به الدولة الان، تحت توجيهات خادم الحرمين الشريفين وولي عهده الامين، من ضخ سيولة مباشرة وإعفاءات غير مسبوقة في القطاع الخاص هو عين الصواب، لان الاقتصاد، كما حال الجسد البشري، يحتاج السيولة ليتعافى بسهولة.
ولكن يجب علينا ان نتذكر، انه ولاننا جزء رئيس من الاقتصاد العالمي، فان تعافي اقتصادنا مرتبط بتعافي الاقتصادات العالمية. ولذلك نرى قيادة المملكة الحكيمة لمجموعة دول العشرين لتكون النهضة جماعية، بدلًا من تعثر الجميع لسقوط البعض.
محاولة استشراف المستقبل الاقتصادي لعالم ما بعد كرونا صعب، وقد لا يتعدى التكهنات. الا انني خلال عملية البحث لكتابة هذا المقال، وجدت دراسة قام بها بنك الاحتياط في مدينة سانت لويس الأمريكية عام 2007 عن التأثير الاقتصادي لوباء الانفلونزا الأسبانية الذي ادى الى وفاة اكثر من 20 مليون شخص عام 1918. اعتمدت تلك الدراسة على مقالات صحفية نشرت في ذلك الوقت عن الآثار الاقتصادية لوباء الانفلونزا الأسبانية على الولايات المتحدة لعدم وجود بيانات اقتصادية دقيقة في حينه.
واول ما لاحظته هو التشابه الواضح بين ما نشر في ذلك الوقت وما ينشر الآن. فقد ركزت المقالات في ذلك الوقت على الآثار السلبية اقتصاديًا للوباء على قطاعي المطاعم والترفيه واثاره الإيجابية على قطاع الصحة. كما ادى ذلك الوباء الى ارتفاع اجور العاملين في الولايات الأكثر تضررا منه بسبب ان أغلبية الوفيات كانت في الفئة العمرية العاملة (من 20 الى 40 سنة) مما ادى الى زيادة الطلب على الأيدي العاملة مقابل قله في عرضها.
وخلصت الدراسة الى ان الآثار السلبية الاقتصادية لوباء سنة 1918 كانت قصيرة المدة، حيث تعافى الاقتصاد الأمريكي سريعًا. كما ان كثير من العناوين الصحفية التي نقرأها الان، تتحدث على ان الكساد الاقتصادي المتوقع بسبب وباء كرونا سوف يكون اخطر من الكساد الذي حدث بعد أزمة 2008. ومن مقارنة تاريخية بين تاثير وباء الانفلونزا الأسبانية اقتصاديا عام 1918 و تاثير الكساد الكبير عام 1929، نجد ان هذا التخوف لا أساس له. فما حدث عامي 1929 و 2008 هو خلل هيكلي في المنظومة المالية الاقتصادية في الولايات المتحدة امتد اثرها حول العالم، ولم يكن غيبوبة طبية، بل كان غيبوبة فعلية.
ولمن اراد البحث اكثر، هنا رابط البحث الذي تمت الاشارة له في المقال:
https://www.stlouisfed.org/~/media/files/pdfs/community-development/research-reports/pandemic_flu_report.pdf
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال