الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع توقف العديد من جوانب الحياة هذه الأيام في ظل جائحة كورونا عافانا الله وإياكم منها، من المهم أن نركز على الدروس المستفادة منها من جميع النواحي ومنها الناحية المالية. هذه الأيام توفر أغلب الأسر السعودية مصاريف متعلقة بالمناسبات الاجتماعية والتنقل والأكل خارج المنزل والرفاهيات عموماً، لذلك من المهم استغلال الفرصة لإعادة ترتيب الخطط المالية. الخبير المالي ديف رامزي -والذي عانى بداية حياته من الإفلاس وعاد من تلك الحالة ليصبح أحد أنجح المستشارين الماليين في أمريكا- ألف كتاباً يعد من أشهر المراجع عن الإدارة المالية بعنوان التحول المالي الكلي (Total Money Makeover)، يطرح فيه خطوات سبعة لتحقيق الاستقرار المالي، تلك الخطوات ساعدت مئات الآلاف من العوائل الأمريكية من الوصول لذلك الهدف بل وحتى من الوصول لمرحلة الثراء، معرفة تلك الخطوات مهمة وتأتي في وقت أحوج ما نكون فيه للتوفير وحسن الإدارة المالية و أطرحها لكم هنا حسب تناسبها مع وضعنا الحالي و منظومتنا الاجتماعية والمالية.
قبل البداية بخطة الاستقرار المالي، لابد أولاً من الجدية في الرغبة بالادخار وبتغيير الحياة المالية للأفضل وأن يرافق هذا إدراك بمدى فائدة التوفير على الفرد وأسرته ومستقبله بإذن الله، ويبدأ هذا بتحديد الأولويات التي تستدعي تلك المصاريف في حياة الفرد وهي غالباً لا تخرج عن أربعة أمور تسمى بالـ “الجدران الأربعة” ألا وهي الطعام، الخدمات، المسكن، والمواصلات، وأي مصاريف غير هذه الأربعة تكون لها الأولوية لاحقاً باستثناء ما يتعلق بالعلاج والصحة بلا شك. أما الخطوة الأولى نحو تحقيق الاستقرار المالي هي توفير ما بين 3000 إلى 3500 ريال ووضعها جانباً للحالات الطارئة لنسميه (صندوق الطوارئ المصغر)، هذا المبلغ لا يتم استخدامه إلا في الحالات الضرورية العاجلة التي تتطلب ذلك وفقط حال انقطاع السبل المالية الأخرى سواه، بشرط تعويضه في أسرع وقت ممكن عند نزول الراتب أو توفر الأموال، الهدف هنا هو ألا ينقص المبلغ عن 3000 ريال إلا للضرورة القصوى. يمكن الوصول لهذه الخطوة من خلال توفير ما يقارب 750 ريال شهرياً وإضافتها إلى صندوق الطوارئ، حينها يمكن إنجاز الخطوة الأولى خلال أربعة أشهر أو أقل إن كان بالإمكان توفير مبلغ أكبر شهرياً، ومن فوائد هذه الخطوة أنها تعيد شيئاً من التوازن المالي للشخص وتساعده على التأقلم مع ثقافة الادخار بالإضافة طبعاً إلى مساعدته وقت الطوارئ.
الخطوة الثانية هي تسديد جميع الديون الراهنة (باستثناء قرض المنزل) باستخدام طريقة “كرة الثلج”. في هذه المرحلة يتعين على الشخص تسديد ديون السيارة والبطاقات الائتمانية وأي قروض أخرى واحداً تلو الآخر ابتداء بالأصغر فالأكبر من ناحية القيمة، وهذه الطريقة معروفة عالمياً باسم “كرة الثلج” نظراً لطبيعتها التصاعدية. باستخدام هذه الطريقة يتمكن الشخص من الانتهاء من تسديد الديون كلاً على حدة بشكل أسرع وبالتالي تقليل عدد الدائنين في فترة قصيرة نسبياً، بالإضافة إلى الشعور بالإنجاز وتحقيق انتصارات مالية صغيرة بالتخلص من الديون وهذا يحفز على المواصلة بتسديد الديون حتى الانتهاء منها تماماً.
بعد إنشاء صندوق طوارئ مصغر وتسديد كافة الديون (عدا قرض المنزل)، تأتي الخطوة الثالثة وهي إنشاء “صندوق طوارئ أساسي” ويفضل أن يكون حساب بنكي فرعي يوضع فيه مصاريف 3 إلى 6 أشهر. هذا الصندوق هو لحمايتك بإذن الله من أي مفاجآت أكبر في الحياة كخسارة وظيفة أو تجارة أو تعطل السيارة. وطريقة حسابها كالتالي: لنفرض أن الراتب هو 10 آلاف ريال وأن المصاريف الشهرية الفردية والأسرية هي 7 آلاف ريال، حينها لابد من العمل على توفير ما بين 21 إلى 42 ألف ريال (7 آلاف مضروبة في 3 أو 6، وهي الفترة المعنية). هذه الخطوة مهمة جداً وتحقيقها يعتبر نقطة البداية الحقيقية لأي طموحات للوصول لمرحلة الثراء، قد تكون هي الخطوة الأصعب ولكن إنجازها بإذن الله يساعد على فتح أبواب الراحة والرخاء المالي.
حسب خطة الكتاب، فإن الخطوة الرابعة هي توفير 15% من الراتب للتقاعد، أما الخامسة فهي تخصيص حساب ادخار لتكاليف الدراسة الجامعية للأبناء والبنات، يمكن ألا نعتبر هذه الخطوات أساسية لدينا إلا إن كانت الأعمال الحرة هي مصدر الدخل الوحيد للفرد وكانت هناك نية لإدراج الأبناء والبنات في جامعات خاصة. أما والحمدالله في دولتنا الكريمة فالتأمينات الاجتماعية تقتطع جزءاً من الراتب الشهري للموظفين للتقاعد، والجامعات الحكومية توفر الدراسة مجاناً أو برسوم رمزية للمواطنين. بعد إنجاز الخطوات السابقة لا يبقى حينها بين الشخص وتحقيق الحرية المالية سوى قرض المنزل وهذه قد تأخذ وقتاً طويلاً، وإن لم يكن بالإمكان تقليل فترة القرض مع زيادة قيمته الشهرية فلا بأس طالما كان قرض البيت هو الدين الوحيد الباقي. أما الخطوة السابعة والأخيرة فهي تحقيق الثراء والعطاء! في هذه المرحلة لا يوجد للشخص ارتباطات مالية تعيقه عن تحقيق أهدافه وبناء ثروته، هنا بالإمكان البدء في مشاريع بسيطة أو استثمارها أو التبرع فيها أو توفيرها أو شراء ما تحب أو حتى السفر براحة مالك!
إن فوائد التوفير لا تعد ولا تحصى وهي عادة محمودة طالما أدى صاحبها واجباتها من زكاة وإنفاق وابتعد عن الصرف بإسراف في أوجه الرفاهية والكماليات، فشعور الطمأنينة المرتبط بعدم وجود التزامات مادية مريح جداً للعقل والجسد ويعين الشخص أن يوجه تركيزه على أمور أخرى أهم في الحياة، لعل من أولها القدرة على قضاء أوقات أفضل الأهل والأصدقاء تملأها راحة بال ورخاء، ولكن الالتزام بتلك الخطوات مهم جداً وأول خطوة تعين على تحقيقها هي الانضباط المالي وتخصيص ميزانية محددة لكل من “الجدران الأربعة” للمصاريف الشهرية، ومع التوفير المالي الحاصل لكثير من الأسر هذه الأيام في ظل أزمة كورونا، تعد هذه الأيام تعد فرصة مثالية لبدء حياة مالية جديدة أكثر استقرارا بإذن الله.
دمتم ومن تحبون بصحة وعافية، وكل عام وأنتم بخير.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال