الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في الأيام الماضية، أعلنت عدد من المنظمات الدولية كصندوق النقد الدولي ومنظمة التعاون الاقتصادي أن الأزمة الحالية ستكون نتائجها كبيرة للغاية و ستتجاوز أي أزمة مالية مر بها البشر منذ تسعون عام!
وللأمانة؛ هذه التصاريح مخيفة و تشاؤمية ولكن من يستقرىء الوضع الحالي بتمعن سيستخلص أن التعافي لن يكون سريعاً، وكما ذٌكر من الصعب أن يكون على شكل حرف (V) وإنما أقرب إلى شكل حرف (U).
ورغم كل ما حدث وسيحدث؛ فإن الأزمة ستمضي كحال الأزمات الأخرى التي واجهها البشر منذ القدم، المهم الخروج بأقل الخسائر واستخلاص الدروس التي تقودنا إلى بر الأمان.
السؤال؛ إلى أي حد سيتغير العالم بعد “فيروس كورونا” وهل ستعود الحياة طبيعية تماماً بمجرد انتهائه أو أن هناك شيء يخبئه القدر؟
لا شك أن نوع ودرجة التغييرات المتوقعة ستبنى على مدى طول الأزمة؛ فكلما طال إغلاق الاقتصاد كلما كانت المخاوف أكبر والتغييرات أعمق، وبطبيعة الحال سيكون الإنتعاش أبطئ.
إن النظام المالي بأساسه يحتاج إلى “السيولة” لكي يبقى نشيطاً، تماماً كحال الدم في جسم الإنسان، حيث يسبب تباطئ ضخ الدم إلى إضعاف حركة النظام المالي، وبما أن الاقتصاد العالمي دخل فعلياً في مرحلة الركود، فإن عدد من المتاجر والأعمال لن تقاوم آثار الأزمة وستخرج من السوق وبالأخص تلك التي لم تلحق بركاب التقنية.
وعلى إثر خسارة وخروج بعض المستثمرين من السوق سيتبع ذلك فقدان الكثير من الموظفين أعمالهم، وهو ما حدث بالفعل في الولايات المتحدة حيث فقد أكثر من 7 ملايين شخص وظائفهم.
وكما قيل “مصائب قوم عند قوم فوائد”، ففي مقابل الإستغناء عن شريحة من الموظفين رأى أصحاب الأعمال أنه لا حاجة لهم في ظل الأزمة، سيزداد الطلب على فئة أخرى، وأبرزهم العاملين في القطاع الصحي حيث ستخلق الأزمة فرصُ للمختصين في علوم الأمراض المعدية والفيروسات وخبراء المختبرات الطبية.
أضف إلى ذلك مساهمة الأزمة في دفع عملية التحول الرقمي وزيادة الطلب على المتخصصين في هذا المجال، وقد شهدنا مستوى التحول لانعقاد الاجتماعات الافتراضية والقيام بالأعمال عن بعد من أعلى المستويات، ولعل اجتماع قادة دول مجموعة العشرين الاستثنائي برئاسة المملكة مثال على ذلك.
أعتقد أنه من الدروس المستخلصة الذي يفترض على جميع الدول استيعابها؛ ضرورة التوازن بين انفتاح الدول على بعضها باتباع قواعد التجارة الحرة والعولمة الاقتصادية والاعتماد الذاتي على مقومات وموارد الدولة، لا شك أن الدول ذات الإكتفاء الذاتي تواجهه الأزمة بحال أفضل من تلك التي تعتمد على الغير بشكل قطعي. في الختام؛ أتمنى أن تنتهي هذه الأزمة قريباً ويخرج العالم باقتصاد نامي وقدرة إستباقية أعلى.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال