الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في ورشة عمل حضرها عدد من موظفي جهة سيادية وكنت مدرباً فيها، أوردت خلالها نقاشاً ممنهجاً عن إدارة الأولويات؛ وكان رد (الجميع) بلا استثناء هي ان صحته الشخصية وصحة محبيه هي العنصر الأهم لديه (الان) اما باقي طموحه واماله وتطلعاته ومشاريعه فهي تأتي أقل من مستوى أولوية الصحة بكثير. كل هذه المشاعر ستتراكم وستشكل قرارات رأس الدولة بأولوية (الأمن الصحي) أيضاً.
انه تغيير جذري في النظرة للحياة و الأهداف أرى انه سيؤثر على الاندفاع والحماس للعمل وريادة الأعمال او السعي لشغل مناصب او دراسة تخصصات او غير ذلك في العقل البشري بشكل عام. سيبحث الجميع قريباً عن المنطقة الآمنة خصوصاً في الجيل الذي سيتخرج من الثانوية العامة هذا العام، سيكون جيل دقيق متأني في اختياراته ناضج مبكراً بعد أن مر بهذه الأزمة التي اتوقع شخصياً ان التاريخ سيخلدها كأقوى أزمة اقتصادية واجتماعية في تاريخ البشرية.
لا يوجد أحد يمكنه التكهن بالأثر الاقتصادي والاجتماعي والبيئي لجائحة كورونا لأننا باختصار لا نعلم حتى الآن أمد بقائها؛ ولكن ما نؤمن به جيداً اننا سنتجاوزها وسنعود أياً كانت حالتنا بعد العودة. ولكن يجب ان ننظر عند العودة للعالم من زاوية مختلفة. ونسأل أنفسنا، كخريجين جدد، ماهي التخصصات الرابحة والمطلوبة بعد كورونا. ونسأل نفسنا أيضاً كموظفين على رأس العمل أو باحثين عن عمل، ماهي المهارات التي (يجب) ان احظى بها في فترة ما بعد كورونا حتى احظى باستدامة الرغيف.
إذا قلت للخريج الجديد، ان جميع التخصصات الطبية هامة فهي ليست مبالغة لأنه من المتوقع قطعاً ان تبدأ جميع الدول بالاستثمار برفع السعة السريرية لمستشفياتها وأيضاً زيادة عياداتها ومرافقها الصحية بنسب تتراوح بين ٢٠ إلى ٣٠٪ وذلك تحسباً لأي طارئ مستقبلي، كما اتوقع ان يزدهر توطين صناعة الأجهزة والمستلزمات الطبية وبالتالي سنحتاج إلى فنيين متخصصين في الأجهزة الطبية ليعملوا في مصانع عملاقة مملوكة لشركات حكومية غالباً. وقد تم الإعلان قبل أيام عن انشاء مثل هذه المصانع مما يؤيد ما أرمي اليه.
سيتوازي مع اهتمام الدول بالأمن الصحي؛ اهتمام كبير بالأمن الغذائي وذلك من خلال الاهتمام بجودة الغذاء والدواء كجانب وقائي وذلك يقودنا إلى تزايد الطلب على توظيف اصحاب تخصصات مثل الكيمياء والصيدلة وغيرها من التخصصات ذات العلاقة، حيث لن يتم التهاون مستقبلاً في كل ما تقدمه المطاعم والمقاهي وحتى أصغر كافتريا لنا من غذاء، وأيضاً الدواء عبر منافذه النظامية بالصيدليات والمستشفيات سيكون سليماً مصنوع محلياً او مستورد من شركات عالمية ولن ننخدع مجدداً في هذا الجانب.
نأتي لناحية طريقة تفكير المستهلك وصولاً للتاجر ثم صانع القرار بعد تجاوز أزمة كورونا من ناحية “نموذج العمل التجاري” او ال Business Model والتي تعتبر عنصراً من عناصر الإدارة الاستراتيجية. بكل تأكيد سيتم تحجيم وإيقاف اي توسعات في المحلات التجارية والمولات وبالتالي اتوقع انه لن يكون هناك نمو في وظائف المبيعات بل اتوقع انخفاضها، ولكن سيتم تعويضها بوظائف في مجال اللوجستيات والنقل وبالتالي ستجد الفرصة سانحة بدراستك واجتيازك لشهادات مهنية في مجال اللوجستيات بعد المؤهل العلمي لتكون مكملاً لخبراتك ومعارفك ومدخلاً احترافياً لتجد لنفسك مكاناً في بحر الخدمات اللوجستية.
ومن التفاؤل ان نتحدث عن عودة ازدهار القطاع السياحي، ولكن تكمن المشكلة في اهتزاز الثقة وطول أمد التعافي، وفق الله ابنائنا وبناتنا لخدمة البلاد والعباد وأرشدهم للصواب بتخصص يكفل لهم حياة كريمة.. مستدامة، وهذا الأهم.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال