الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
سأحاول تبسيط الأزمة التي يمر بها اقتصادنا السعودي حاليا على خلفية تراجع أسعار النفط بشكل كبير، وتداعيات جائحة فايروس كورونا العالمية. بداية فهم الموقف المالي للدولة لا يختلف كثيرا عن فهم الموقف المالي للشركات، وحتى على المستوى الشخصي.
قائمة الدخل توضح الايرادات والمصاريف، وقائمة المركز المالي توضح حجم القروض والاحتياطات. إذا انخفض الدخل، فمن الطبيعي أن يقابل ذلك تخفيض المصاريف، أو تمويلها من القروض والاحتياطات. وهنا تبدأ الدولة بمراجعة اولوية المصاريف وماذا تستطيع أن تؤجل أو تلغي، تماما كما حدث في عام 2016، عندما اتخذت بعض الاجراءات التقشفية، وسرعان ما ألغتها بعد تجاوز الأزمة. أولوية الانفاق والمصاريف ليست مالية بحتة، فاليوم الحكومة أنفقت بسخاء في مواجهة جائحة فايروس كورونا، بما يعادل 18% من الميزانية العامة، بحدود 177 مليار، لدعم القطاع الصحي والخاص والأفراد، وهذا يعطي مؤشر أن التقشف لن يؤثر على ظروف المعيشة الأساسية للمواطن.
صحيح أن المركز المالي للدولة يملك قوة تمويلية عالية، واحتياطات متينة لتمويل المصروفات التي ترى الدولة ضرورة استمرارها. لكن الأزمة الحالية معقدة وعميقة وتتطلب وقت أطول من الأزمات السابقة لمواجهتها والتعافي من آثارها. لذلك لا بد من إجراءات تقشفية، وإن كانت قاسية، لكنها مهمة حتى لا نفقد قوة المركز المالي.
أيضا يجب التفكير في حلول تمويلية مبتكرة، لتفعيل قنوات التمويل، فالنقد وحده لا يكفي دون القدرة التمويلية. ومن توفيق الله، النجاح الباهر في تنفيذ فكرة الأمير محمد بن سلمان ولي العهد في تحرير أرامكو ومعاملتها كاستثمار. بعد إدراج عملاق النفط العالمي أصبحت احتياطي اضافي لم يكن مستغل، كأكبر قيمة سوقية لشركة مدرجة في العالم. معاملتها كاستثمار يعني أن تبيع الدولة عند تضخم الاسعار، وتقترض من خلالها عند الهبوط، كقوة تمويلية إضافية إلى قدرة الحكومة التمويلية.
هذا التحدي وإن كان قاسي، ومؤلم للبعض، فهو مؤقت ومرحلي ولكنه مهم، لأنه يصقل الاقتصادات والشعوب، فجميع القرارات والاصلاحات الكبيرة كانت نتاج ازمات توقع العالم أنها نهاية البشرية، ولكنها خرجت من الأزمة بشكل أقوى، وهذا ما نراهن عليه لاقتصادنا السعودي بإذن الله.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال