الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
من المعروف أن الضحية الأولي للأزمات الاقتصادية في العالم هم عمالة القطاع الخاص. وقد تسبب فيروس كورونا في كارثة بطالة شملت جميع دول العالم، حيث وصلت إلى أرقام فلكية لم تصلها منذ الكساد الكبير بداية الثلاثينيات الميلادية. ففي أمريكا على سبيل المثال تجاوز عدد العاطلين 22 مليون عاطل. والقطاع الخاص السعودي رغم التحفيزات التي قدمت له سوف يضطر إلى التخلص من أعداد كبيرة من العمالة لخفض التكاليف في مواجهة الأزمة.
كان وزير المالية السعودي واضحا جدا في مقابلته مع قناة العربية، حين قال نحن أمام أزمة لم يسبق لها مثيل، ومواجهتها ستكون مؤلمة جدا. الكلام موجه للجميع الحكومة، القطاع الخاص والمواطنين. وذلك يضع الجميع أمام مسؤولية تحمل ما يخصه في مواجهة الأزمة المالية القادمة التي فرضتها الجائحة. وأكبر ما سيواجه الاقتصاد هو ملف التوظيف والبطالة.
قدمت حكومة خادم الحرمين الشريفين حفظه الله للقطاع الخاص عدد من المبادرات التحفيزية لتخفيف آثر الجائحة عليه بما يضمن قدرته الحفاظ على العمالة السعودية. وتلك التحفيزات بكل تأكيد أن لها أثر كبير في تخفيف ضرر الوباء. وستعطي الشركات والمؤسسات متسعا من الوقت لالتقاط أنفاسهم وترتيب أمورهم المالية. لكنها لن تكون كافية لتجاوز الأزمة حتى نهايتها. فالمتوقع أن تمتد آثار الجائحة بعد انتهائها، وتلك النهاية لم ترى بعد. فحسب أكثر الدراسات تفاؤلا سيستغرق تعافي الاقتصاد العالمي عاما كاملا بعد نهاية الأزمة، وبعض الدراسات تقول إن التعافي سيمتد لثلاث سنوات. أمّا تعويض الخسائر التي تسبب بها الوباء فقد يمتد لعشر سنوات وربما أكثر حسب طبيعة النشاط وقوة الاقتصاد.
هنا يبرز السؤال كيف يدير القطاع الخاص ملف العمالة لديه لمواجهة الأزمة؟ التجارب السابقة تشير إلى أن التخلص من العمالة السعودية هو الأسهل والمفضل لدي القطاع الخاص السعودي. والقوانين والتحفيزات لم تستطع تغيير وجهة نظر الشركات والمؤسسات نحو هذا الموضوع.
القطاع الخاص أمام مسؤولية وطنية لم يواجه مثلها من قبل مطلقا. أولًا من أجل الوطن الذي قدم ومازال يقدم له الكثير. وثانيا من أجل الحفاظ على قوة الاقتصاد بالحفاظ على القوة الشرائية فيه وهي الطبقة الوسطى في المجتمع السعودي. وثالثا هي فرصة كبيرة لإعادة هيكلة سوق العمل، فالمجتمع الآن جاهز لتقبل كثير مما كان يرفضه في السابق مثل ضغوط العمل والأجور المتدنية نسبيا. والأهم أن الأزمة أظهرت بوضوح بل بوضوح فاضح أن سيطرة العمالة على الاقتصاد أصبح خطرا حقيقيا على الأمن القومي ليس في الجانب الاقتصادي فحسب بل أكبر من ذلك بكثير.
الأسلوب القديم الذي كان يمارسه القطاع الخاص لتجاوز الضغوط الحكومية يعتمد على توظيف السعودي شكلا، والحفاظ على العامل الوافد ليقوم بالأعمال، ذلك الأسلوب لن يجدي هذه المرة، ببساطة لأن تطبيقه أشبه بالمستحيل. ففي السابق كان الدعم الحكومي كبيرا وكافيا بالإضافة لعوائد الشركات، أما الآن فلن يكون الدعم كافيا ولن تكون العوائد أيضا كافية، ولابد أن يختار القطاع الخاص العمالة التي سيتخلص منها.
نعم هناك عددا كبيرا من العمالة الوافدة مهمة جدا لا يستطيع القطاع الخاص ولا الاقتصاد الاستغناء عنهم ويجب المحافظة عليهم، لكن الغالبية العظمى بل الغالبية الضارة بالاقتصاد من السهل جدا التخلص منهم، ليس مع هذه الازمة فقط بل من قبل. ويجب التوقف عن جعل العامل السعودي كبش الفداء مع كل أزمة.
أخيرا سؤال لوزارة الموارد البشرية ماذا أنتم فاعلون للحفاظ على العمالة السعودية في القطاع الخاص وزيادة أعدادها عدا التحفيزات المالية التي أثبتت فشلها في السابق؟ أعتقد أن هذه الأزمة فرصة نتمنى ألا تتكرر، لكن يجب ألا تفوّت.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال