الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
في إدارة الأعمال أو المشاريع اليومية بعد الإنتهاء من عملية التخطيط ووضع الاستراتيجيات ، فإن هناك طرفا نقيض في الفكر الإداري وهما:
– المدرسة الأوتوقراطية أو العسكرية: وتعرف بأنها مدرسة التطبيق الصرف دونما أخذ الرأي أو المشورة فيه من القائد الأعلى لأي من مرؤوسيه بشكل مطلق أو شبه مطلق.
– مدرسة عدم التدخل: والمعروفة باللغة الإنجليزية بإسم Laissez – Faire، والتي تعني عدم التدخل مطلقا من قبل الإدارة وترك المسؤوليات على عاتق الموظفين أو المرؤوسين بشكل مطلق.
للتوضيح ، فدونما شك فإن لكلى المدرستين إيجابيات وسلبيات فالأولى ( المدرسة العسكرية ) فيها درجة عالية من الإنضباط الذي يرفع فرص التسليم ضمن النطاقات الزمنية والمادية وباعلى درجات الإنتاجية ، ذلكم بسبب إرتفاع درجة الإنضباط الفردي والجمعي وإحترام الهياكل الإدارية والرتب . ولكنها بكل تأكيد قد تلغي أو تمحي فرص الإبتكار والإبداع وبروز الكفاءات المميزة ، وهذه المدرسة تصلح في قطاعات التشغيل وإدارة المشاريع.
والثانية ( مدرسة عدم التدخل ) فيها درجة عالية من العمل بحرية ودونما قيود وهي أهم مدرسة يتوجب دعمها في بيئات أعمال الأقسام المرتبطة بالإبتكار والإختراع والتطوير والخروج عن المألوف . فلو تخيلنا تطبيق هذه الطريقة على قطاعات التشغيل وإدارة المشاريع فماذا سيحدث ؟ سينعدم التسليم وتفتقد الجودة ! السبب بكل بساطة يكمن في التحرر التام من العمل بالأصول والطرق المتعارف عليها لأداء الأعمال ويحول بيئة الأعمال لصراعات فكرية جدلية دونما توحيد للجهود ، وبالتالي خسارة العمل الجماعي.
فكيف نستطيع صناعة بيئة عمل منجزة يا ترى ؟ يتقدم الصفوف هنا المدرسة التي أطالب وأنادي بها وهي المدرسة البراغماتية، وتعرف هذه المدرسة بأنها التي تعمل وفق مبدأ بدرجة كبيرة على النتائج العملية الملموسة على أرض الواقع ، بكل بساطة هي تحكم وتقرر وتخطط بناء على نتائج ملموسة. ويكون إتخاذ القرار فيها بثلاث حالات:
– حالة التطبيق العالي: ويكون إتخاذ القرار فيها بعدد 8 من 10 قرارات عودا للإدارات والخبرات القيادية، وقراران فقط يؤخذان من باقي العموم . وفي أحيان كثيرة تكون هذه الطريقة هي الأفضل في حال الأزمات ، التأسيس الجديد للإدارات والشركات ، وكذلك في حالات الإنقاذ للشركات الخاسرة أو المتعثرة .
– حالة البحث عن حلول : ويكون إتخاذ القرار فيها بعدد 6 من 10 قرارات عودا للإدارات والخبرات القيادية ، و4 من 10 قرارات تؤخذ من باقي العموم . وفي أحيان كثيرة تكون هذه الطريقة هي الأفضل في حال البحث عن حلول جديدة، أدوار البحث والتطوير، وكذلك في حالات الشركات المقدمة لحلول استشارية وتستلزم التعامل مع المتغيرات بسرعة .
– حالة التوازن: ويكون إتخاذ القرار فيها بعدد 7 من 10 قرارات عودا للإدارات والخبرات القيادية ، و3 قرارات من 10 تؤخذ من باقي العموم .
يلاحظ مم سبق ذكره أن هذه المدرسة الإدارية تعتمد مبدأ النتائج العملية العالية والبحث عن الحلول والإنجاز من أجل رفع فرص التسليم في الوقت المطلوب . وكل ما ذكر أعلاه لا يعني إطلاقا حجب أو إلغاء أو كبت إبداء الرأي والمشورة وإنما هو ينظم وقت دخولها وخروجها رافعا التركيز على التسليم ومخففا قدر الإمكان الوقت والجهد الضائع . فمهما كانت الأفكار رائعة فلا معنى لها دون دخولها حيز التنفيذ والإنجاز والتسليم ، فالعبرة بالخواتيم وهي المنجزات أو المشاريع أو المنتجات وليس غير ذلك . وفيم يخص الأخذ بالرأي فإني أؤكد بأن المدرسة البراغماتية هي مدرسة ما هو أجمل من أخذ الرأي وهو تنفيذ الرأي وبسبب هذا التنفيذ تحرز المنشأة أهدافها فليس المهم جمع الأفكار والآراء ووضعها في وعاء النسيان وهو وعاء “التسكيت” ، وإنما إحراز المنجزات والحصول على الميداليات وتعليق الأسماء على جدار المنجزات . ففي النهاية لن يتذكر الناس سوى منجزاتك وليس أفكارك فالقيمة للندرة والندرة في المنجزات وخسارة القيمة في الكثرة والكثيرة هي الأفكار الغير منجزة .
تلك هي البراغماتية … تلك هي مدرستي الإدارية في التغيير … كيف نصنع أفرادا ومجموعات ومنشآت وكيانات براغماتية لا تعترف سوى بالمنجزات .
حياتكم تغيير دائم وجميل
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال