الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
مع تزايد معدلات جلوس الجميع أمام شاشات الحاسب مؤخرا، نشأ لدي فضول لمعرفة الأثر المادي الذي يمكن أن يكون نتيجة طبيعية لتصفح مواقع الشركات على شبكة الانترنت . وهذا في حال افترضنا أن عدد لا بأس به من المتصفحين يقومون بهذه العملية بدافع الشراء.
هذا التفكير قادني لدراسة وقعت عليها في معرض بحثي حيث كانت تناقش مسألة الإيرادات الضائعة، أو دعنا نعرفها بطريقة أخرى فنقول الإيرادات الغير محققة، والناتجة عن أخطاء في مواقع الشركات على الشبكة العنكبوتية. الدراسة التي قامت بإعدادها الشركة الاستشارية -BCG- كانت قد تمت على ما يقارب ال350 موقع و هي لعشرين شركة أوروبية، بما يشمل 177 علامة تجارية تخص هذه الشركات، كما أنها راعت أن تكون الشركات ضمن قطاعات صناعية مختلفة.
تنوعت المشاكل التي تم اكتشافها من خلال الدراسة بين بطء في التحميل على الصفحات، أو نقص في توفير المعلومات مما يصعب عملية البحث ، ويدفع العميل في كثير من الأحيان إلى التردد وتغيير قرار الشراء. أعلم أن كل ذلك يبدو في ظاهره معقدا، ولكن العملية الأصعب كانت حين بدأ التفكير في آلية قياس الأثر.
اللطيف في المسألة هو أنك تتابع أصحاب الأعمال وهم يعملون بشكل دؤوب على جذب العملاء إلى صفحاتهم للتسوق عبر المتجر الالكتروني من خلال حملات تسويقية مدروسة بعناية، في حين يغفل البعض منهم عن مسألة أن الخلل يمكن أن يكون في ذات اللحظة التي تتخيل فيها أنك نجحت.
نفس العملية نراها على أرض الواقع، كما يحدث داخل كثير من المتاجر. فلك أن تتخيل درجة الاستياء لدى أحد المتاجر في حال لم يتمكن من إدارة الازدحام عند نقطة المحاسبة بشكل جيد؟ العملية ذاتها تتم بشكل مشابه داخل أي متجر افتراضي، ولكن المشكلة أن الكثيرين لا يولونه اهتماما كافيا على اعتبار أنه غير محسوس، وبالتالي لا يقيسون فوات فرص الربح.
بالنسبة للدراسة التي نتحدث عنها، فقد اعتنت بالتحليل الجيد لهذا الجانب، فقامت باختيار أهم الأسباب التي تدفع المتصفحين إلى النفورمن المواقع، ثم بدأت بمتابعة المواقع قيد الدراسة لمدة ثلاثين يوما بشكل متقطع مع جمع بيانات الزوار للمواقع. بعد ذلك تم تحليل نسبة التغيير في عدد الزوار للموقع بالارتباط بدرجة تعقيد المشكلة. والمحصلة كانت أن هناك ارتباط لصيق بين عدد المتصفحين لأي موقع وبين الخلل الذي يعيق عملية التصفح هذه. ووصلت الفائدة التي يمكن أن تجنيها هذه المواقع إلى نسب تزيد قليلا عن العشرين بالمائة.
شخصيا أعتقد أن مثل هذه الدراسات في الظروف الحالية تفتح لنا مزيد من الفرص لنبدع بشكل أكبر في تحليل الأمور، والنظر لأدق التفاصيل التي يمكن ان تؤثر على مسار العمل. لا ينبغي أن نأخذ المعطيات على طبيعتها وننتظر التحسن في تحقيق العوائد. فالتحسين المستمر كما عرفناه، هو عملية لا تنتهي وأشبه ما تكون بالعجلة التي تستمر في الدوران سعيا وراء الأفضل في كل الأحوال.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال