الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
الأزمات بمختلف أنواعها، هي ظروف طارئة، من شبه المستحيل ان يكون هناك استعداد لها، مهما وصلنا من تقدم، والدليل العدد الكبير ممن تحدثوا عن احتمالية حدوث مثل هذا الوباء منذ سنوات ولم يستطع احد الاستعداد، وبالذات عندما تكون بمستوى مثل جائحة كورونا كوباء، أو انهيارات اقتصادية مثل أزمة 2008 او الأزمة الحالية المفتعلة نتيجة أزمة الوباء، أو ثورات سياسية.
والأزمات أيضا لها أساليب وطرق لإدارتها، وتدرس في الجامعات كتخصص “علوم ادارة الأزمات” أو “سياسات إدارة الأزمات”. والأزمات لها أيضا ابعاد كثيرة، وقد تسبب أزمات أخرى، مثل ما يحدث حاليا، مع أزمة الوباء، حيث كل الأمور في العالم كانت تسير بشكل طبيعي إلى حد ما وعلى نحو معقول والعالم يعمل بتنسيق جيد من خلال المنظمات الدولية كلًا فيما يخصه.
وجاء الوباء، وكان لابد من التعامل معه، والغريب ان غالبية دول العالم اتفقوا انه للتعامل معه والحد من انتشاره لابد من ان يتم الحجر المنزلي والتباعد المكاني (وليس الاجتماعي)، مما ادى الى توقف الاقتصاد تماما (أقفال تام) للأعمال والتجمعات وكل نشاط، سفر، رياضة، سينما، مؤتمرات، أسواق، إلى اخره من سلسلة النشاطات في أي مجتمع كان يعيش حياة طبيعية. مما سبب أزمة اقتصادية، لم يتضح مداها إلى الان، ولن يتضح الا إذا تم ايجاد لقاح لهذا الوباء، أو تكون مناعة جماعية.
لذا بدت الدول بأخذ قرارات صعبة للتعامل مع أزمتين متزامنتين، أزمة التعامل مع الوباء وتوفير كل المتطلبات الطبية اللازمة وضمان سلامة المقيمين على ارضها، وازمة اقتصادية بدأت تأخذ ابعاد كارثية عند عديد من الدول.
في المملكة، ومع سوء الصدف أو حسنها، وأنا واثق ان الله أراد خير، جاء موضوع انهيار أسعار النفط، المصدر الرئيس للدخل لدينا. وبالتالي، اصبح لدينا ثلاث أزمات تعاضد بعضها بعضًا. وعلينا التعامل معها وإدارتها بكل احترافية، وأيضا قيادة المجتمع للتعامل مع تلك الأزمات.
وموضوعنا ليس كيفية ادارت تلك الأزمات، وان كان موضوع مهم واستراتيجي، ولكن هناك حكومة ومسئولين عليهم هذا الحمل الثقيل، اسأل الله لهم التوفيق والسداد.
الموضوع حول كيفية قيادة المجتمع في ظل هذه الظروف غير المواتية، ليكن عون وسند لكل القرارات التي يجب ان تتخذ في مثل تلك الظروف، للوصول لهدفين لا ثالث لهما. أولًا بهدف ضمان تعاون المجتمع الكامل مع الإجراءات الصحية لسلامة الوطن ولضمان استمرار القطاع الصحي بإداء مهامه دون الضغط عليه لو انتشر الوباء، كما حدث في إيطاليا وأسبانيا كمثالين حاضرين في الأذهان. والهدف الثاني، ضمان تقبل القرارات الاقتصادية الصعبة، للتعامل مع الواقع، وضمان عدم التذمر، أو احداث خلل في النظام العام والسلم الاجتماعي، ومهما كانت المبررات ، ومهما كانت التحديات، تكون اللحمة عالية، وتقبل القرارات يكون امر سهل. وبالتالي كسب ثقة المجتمع، وتلافي أي نتائج عكسية لا سمح الله. فحتى لو تم اتخاذ القرارات الصحيحة، قيادة المجتمع امر اخر تماما في ظل تلك الظروف.
ويتم ذلك من خلال الاستخدام الامثل لنظريات الاتصال والتواصل مع المجتمع بكافة شرائحه وعبر كافة وسائل التواصل المتنوعة اليوم والتي لها إيجابياتها وسلبياتها أيضا. وأول عناصر الاتصال والتواصل ضرورية ان يكون هناك إعلاميين مدربين تدريبا عاليا على كيفية التعامل مع الشارع عند طرح الأخبار والقرارات. ثانيا تدريب المسئوليين عن ملف الأزمات في كيفية مخاطبة الجمهور، وكيفية إيصال القرارات لهم، بالتعاون مع الإعلام. ثالث هذه المقترحات هو “ايجاد” قيادات ذات كريزما وقبول ولديها حكمة من تخصصات مختلفة، دينيه وطنية، اجتماعية، نفسية، اقتصادية، ثقافية، تستطيع خلق مواد إعلامية تستوعب تفكير الآخرين والعامة، وايصال الرسائل المراد تحقيقها، وضمان حصول القبول، والدعم للقرارات، وأيضا المشاركة بالآراء وفتح قنوات ذات مسارات مختلفة للنقاش واستيعاب الآراء.
وفوق كل ذلك وجود موجه وقيادة للفريق تتاكد من السيطرة الكاملة على تفاصيل قيادة المجتمع حتى نعبر هذا المنعطف الخطير صحيا واقتصاديا، وهما اهم مقومات وجود المجتمعات. إذًا ضربت ضرب المجتمع في صميم تماسكه.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال