الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
ما يذكر عن الوسائل البديلة لحل المنازعات ومزايا اللجوء إليها يعد محفزًا للاستفادة من مرونتها في تجاوز تحديات تعليق جلسات التقاضي في المحاكم في ظل جائحة كورونا، ووجود عوائق وتقييد للحركة والتنقل بين المدن والمناطق بل بين الأحياء في بعض المدن؛ مما يكلف الكثير نتيجة تعطل بعض المصالح الاقتصادية المرتبطة بالفصل في المنازعات القائمة، مما حتم على الجهات ذات العلاقة البحث عن مبادرات ومقترحات للتخفيف من آثار هذه الجائحة. فأعلنت مؤخرًا اللجنة الدائمة لمراكز التحكيم السعودية مبادرة “المحكم المتطوع” لتخفيف حدة الأعباء المالية على المنشآت الصغيرة والمتوسطة خصوصًا، وذلك من خلال إتاحة قائمة للمحكمين المتطوعين الراغبين بالمساهمة في تقديم خدمات التحكيم وبلا أتعاب. وأطلق من جهة أخرى المركز السعودي للتحكيم التجاري برنامج (الوساطة الطارئة في ظل جائحة كورونا)، وهو عبارة عن خدمة “الوساطة عن بعد” والتي تقدم بشكل إلكتروني، وتنتهي بالحصول على سند تنفيذي نهائي ونافذ،وبتكاليف يسيرة ومتوائمة مع ظروف الجائحة.
انسجامًا مع تلك المبادرات والبرامج، سيعرض هذا المقال بعض الخيارات المتاحة للمنشآت ولرجال الأعمال لتسوية المنازعات وفقًا للممارسات الدولية.
لا تقتصر الطرق البديلة لحل المنازعات على التحكيم والوساطة والتوفيق، بل هناك الكثير من الصور والوسائل المتنوعة، بعضها تبرز في نوع معين في المنازعات، كمجلس فض المنازعات Dispute Adjudication Board “D.A.B”
وذلك فيما يتصل بالمنازعات الناشئة عن العقود الهندسية، والذي يختص بموجب الشروط العامة لعقود الفيديك – عبارة عن أنماط من العقود تم اعتمادها من قبل الاتحاد الدولي للمهندسين الاستشاريين، لإيجاد أسس تعاقدية مسبقة تحاول تخطي المشاكل التي تعترض تنفيذ عقود التشييد والبناء – بالبت في الخلافات التي تنشأ بخصوص العقد أو تنفيذ الأعمال، والتي تقع بين المقاول ورب العمل. وهو مجلس يتكون من عضو واحد أو من ثلاثة أعضاء يختارهم الأطراف المتنازعة حيث يسمي كل طرف عضواً، وعلى العضوين المختارين الاتفاق على العضو الثالث بالتشاور مع أطراف النزاع والذي سيكون رئيساً لمجلس فض النزاع تماماً كما في هيئة التحكيم، ويشترط في الأعضاء التأهيل الفني الذي يسمح لهم بتحقيق الغاية من إنشاء هذا المجلس، ويمكن الطعن على القرار في حال صدوره باللجوء إلى التحكيم، وفي حال لم يعترض عليه خلال مدة محددة يصبح القرار نهائيًا وملزمًا لكلا الطرفين.
كذلك التقييم المحايد وهو وسيلة يفضلها كثير من المستثمرين، ومن خلالها تلجأ الأطراف المتنازعة طواعية إلى طرف ثالث محايد، فيقوم هذا الطرف الثالث بإصدار رأي غير ملزم اعتمادًا على الأدلة والحجج وما يتوقعه من حكم فيما لو أحيلت إلى القضاء؛ والهدف الأساسي للتقييم المحايد هو اطلاع الأطراف المتنازعة على نقاط القوة والضعف في القضية في وقت مبكر لمساعدتهم على أن يكونوا أكثر واقعية بشأن مطالبهم، وتجنب النفقات غير الضرورية لتسوية القضية فيما لو أُحيلت الى القضاء أو التحكيم.
ومن الوسائل كذلك الاستعانة برأي خبير، حيث تتفق الأطراف المتنازعة على تعيين خبير في مجال معين للفصل فيها، وكثيرًا ما تكون هذه الوسيلة مفيدة في النزاعات ذات الطابع الفني.
من الطرق المشهورة في حل المنازعات المحكمة المصغرة، حيث تقدم الأطراف المتنازعة ملخصات موجزة عن النزاع إلى هيئة تتكون من شخصين يمثلان كل جانب، بالإضافة إلى ثالث وهو رئيسها وصانع القرار المحايد، وفي كثير من الأحيان تتكون مثل هذه المحكمة من قضاة سابقين. وبعد الاستماع إلى ما يقدمه الأطراف، تجتمع اللجنة وتحاول تسوية المسألة. تتميز هذه الوسيلة البسيطة ببعض المزايا التي تجعل الأطراف المتنازعة تفضلها، مثل القرار السريع، والتكلفة المنخفضة، والخصوصية وغيرها من مزايا.
بالإضافة إلى ما ذكر، يأخذ البعض بتحكيم العرض الأخير -ويسمى كذلك (تحكيم البيسبول)- وهو التحكيم الذي يُطلب فيه من الطرفين المتنازعين تقديم عرضهما النهائي إلى محكم، ونتيجة لذلك، يتعين عليه اختيار أحد هذه العروض بالاعتماد على تقدير المحكم لهذه العروض. وتوفر هذه الطريقة للطرفين حافزًا لتقديم عرض معقول، ويُقصد بها من حيث الأصل مواجهة اتجاه المحكمين في اتخاذ قرارات توفيقية في منتصف الطريق بين مطالب الأطراف. ويجب كذلك على المحكم اختيار أحد هذه العروض ولا يمكنه اختيار حل وسط بينهما.
بعد هذا العرض لتنوع الطرق البديلة لحل المنازعات وفي ظل تفشي الجائحة، وما ترتب عليها من تعليق لكثير من الجلسات القضائية، يبقى خيار اللجوء لوسائل التسوية البديلة المتنوعة خيارًا مناسبًا؛ حيث تمتاز بسرعة التسوية، والمحافظة على العلاقات التجارية؛ مع مرونتها حيث يمكن اللجوء إليها عبر الوسائل التقنية الحديثة، تخفيفًا لعبء التنقل في ظل هذه الظروف الاستثنائية، حفظنا الله وإياكم من كلّ سوء.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال