الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
التوحد – أو كما يسمى موخراً باضطراب طيف التوحد – أحد أشهر الإعاقات النمائية الذي يظهر لدى 2% من الأطفال تقريباً. شائع عند البعض أن التطعيمات أو اللقاحات قد تسبب التوحد وهذا غير صحيح. الحقيقة أنه لا يوجد سبب واضح لهذا الاضطراب. لكن بيت الأبحاث التي أجريت خلال السنوات الماضية أن مئات الجينات ترتبط ببعض الأنواع من هذا الاضطراب. ويتصف ذو هذا الاضطراب بصعوبات في مهارات التواصل الاجتماعي وتكون لهم اهتمامات محددة ومتكررة. كما قد يكون لدى مجموعة كبيرة منهم حوالي 80% مشكلة أو مجموعة مشكلات صحية أخرى مثل: اضطرابات النوم و اضطرابات الهضم والقلق والاكتئاب والمشكلات السلوكية والصرع و غيرها. لذلك يترك التوحد آثار كبيرة جداً على الشخص المصاب و أسرته و مجتمعه.
من أبرز تلك الآثار هي التكاليف المادية إذ تقدر تكلفة الاهتمام بالشخص المصاب بالتوحد مدى الحياة في الولايات المتحدة الأمريكية والمملكة المتحدة بحوالي 1.5 إلى 2 مليون دولار. هذه التكلفة تزيد مع شدة الأعراض و غالبيتها يتم صرفه على خدمات التربية الخاصة و الخدمات التي تقدم في مراحل العمر المتقدمة. وتعد تكلفة الاهتمام بالشخص المصاب بالتوحد مماثلة لتلك المتعلقة بمرض السكري و خمسة أضعاف التكاليف المتعلقة بالاهتمام بالأشخاص المعرضين للجلطات أو السكتة الدماغية. يذكر بعض الاقتصاديين بأن تكلفة التوحد قد تزيد بشكل دراماتيكي خلال السنوات القادمة مما يجعلها من أكبر المشاكل التي تواجه النظامين الصحي و التعليمي. وبحسب الدراسات السابقة، هناك عدة طرق مباشرة و غير مباشرة لحساب تكلفة الاهتمام بالشخص المصاب بالتوحد، منها على سبيل المثال لا الحصر: تكلفة الخدمات الطبية، الخدمات العلاجية/التأهيلية، خدمات التربية الخاصة، و تكلفة عدم الحصول على وظيفة لمن هم في سن العمل.
ماذا عن التكلفة الاقتصادية لاضطراب طيف التوحد في السعودية؟! على الرغم من الاهتمام الكبير والمتزايد لذوي اضطراب طيف التوحد وذويهم، إلا أنه لا توجد بيانات شاملة ومنظمة عن تكلفة الخدمات المقدمة لذوي التوحد وأسرهم. و لسد الفجوة و في2017 و بدعم من من مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث بالرياض بالتعاون مع وزارة التعليم، تم استفتاء أكثر من 300 أسرة عن حجم تكاليف الاهتمام بأطفالهم من ذوي التوحد. بينت النتائج الأولية أن معدل التكلفة الإجمالية للاهتمام بالطفل ذوي التوحد في السنة قد تصل إلى 102 ألف ريال سعودي (3,200 قيمة التنقل من المنزل إلى مكان تقديم الخدمة، 8,900 ما تدفعه الأسرة على خدمات التعليم و التأهيل، 90,000 بسبب فقدان الوظيفة أو جزء منها لأحد الوالدين أو كلاهما). نعمل حالياً على تحليل البيانات بشكل تفصيلي لتحديد العوامل المتوقع ارتباطها بزيادة التكاليف مثل: التأخر في الحصول التشخيص أو التدخل مبكّر وكذلك مدى شدة أعراض التوحد.
لهذه الدراسة جوانب قصور يجب الإشارة لها هنا. أولها أن الأسر التي شاركت في الاستفتاء تمثل مجموعة مهمة من الأسر في السعودية لكنها لاتمثل جميع أسر الأطفال ذوي التوحد، حيث أن غالبية من شاركوا لديهم تعليم جامعي و هم أسر لأطفال معدل أعمارهم 8 سنوات. لم تشمل عينة هذه الدراسة الأسر التي مستواه التعليمي الجامعي أقل أو تلك التي تهتم بأطفال في سن 15 سنة أو أكثر. أيضا اعتمدنا في هذه الدراسة على البيانات التي نقلها أولياء الأمور حول تكاليف الاهتمام بأطفالهم من ذوي اضطراب طيف التوحد.
ولكن للوصول للتقديرات المناسبة في حساب التكاليف المباشرة والغير مباشرة للتوحد، يجب الاستناد على بيانات أكثر دقة من الجهات المعنية مثل وزارة الصحة و التعليم و وزارة الموارد البشرية و التنمية الإجتماعية. على الرغم من جوانب القصور الجوهرية لدراستنا، إلا أن هذه الدراسة هي الأولى من نوعها التي قدرت تكلفة الاهتمام بذوي التوحد في السعودية للوصول إلى استراتيجيات ترشيد تلك التكاليف.
هل الوصول للتكلفة الحقيقية لذوي اضطراب طيف التوحد أمر مهم؟! نعم مهم لكن ما هو أهم من ذلك هو العمل على ما يمكن عمله خصوصاً أن هذه التكاليف تتزايد بشكل مستمر مع التطور السريع في أدوات الكشف و التشخيص. هناك عدة إجراءات يجب اتباعها للحد من تكاليف الاهتمام بذوي اضطراب طيف التوحد في السعودية:
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال