الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
“بعد كورونا COVID-19 ، المكاتب المفتوحة أم المغلقة، من ينتصر”؟.
“مرحبا بعودة المكاتب القديمة Cubicles Offices ” هذا ما قاله الرئيس التنفيذي لأحدى شركات وادي السيلكون Silicon Valley في احدى مقابلاته معلقاً على مستقبل بيئات العمل ، حيث ذكر أن فايروس كوفيد-19 سيقتل ثقافة المكاتب المفتوحة تماماً.
في استبانة نشرتها الأسبوع الماضي عدد من شارك فيها يفوق 700 مشارك حول عن ما إذا فايروس كورونا المستجد سينهي عصر ثقافة المكاتب المفتوحة في بيئات العمل أم لا ؟ وهل على المنشآت الآن التفكير بجدية حول نماذج وحلول حديثة لبيئات عمل أكثر أمانا وراحة ، حيث 50% من المشاركين قالوا أنها بالفعل ستنتهي تماماً ثقافة المكاتب المفتوحة في بيئات العمل ، على أن 26% منهم يرى أنها لن تغير شيئىا ، بينما 24% منهم يرى أنها ستكون باقية مع بعض التغيير الذي قد يطرأ.
لن أتعمق في الحديث عن مزايا وعيوب المكاتب المفتوحة ، حيث أن الحديث حولها قُتل بحثاً ، بين مؤيد ومعارض ، لكن ما يثير استغرابي أن يتم ربط تغيير ثقافة المنشأة واختزالها بمثل هذه الأشياء بينما العكس قد يكون العكس أيضاً ، حتى أصبح لدى البعض التصور بأن المكاتب المفتوحة طريقة شاهدة لتقييم المنشأة في مستوى الإبداع والموهبة العالي وقابليتها للتغيير! نردد نود أن نكون مثل “قوقل” ! ليصبح الهدف ليس لتحسين الإنتاجية والتعاون بقدر ما هو أننا “نحن” بيئة إبداعية مبتكرة متعاونة لا غير ! ، فلتطبيق تجربة معينة على أرض الواقع كان على المهتم أن يدرس حيثيات التجربة الأصلية ، وقواعد تطبيقها ، ومع من وكيف ، ومن أين أتت الفكرة بالأساس والتي ستتعجب اذا علمت ذلك ! وكذلك قياس مدى قيمتها المضافة عليك في المنشأة حال تطبيقها ! فقد تكون المكاتب المفتوحة مناسبة لإدارات فيها الابداع وتوليد الأفكار والمتخصصة بالمنتجات الجديدة ، وقد لا تكون مناسبة لإدارات أخرى فيها التنفيذ والتطبيق والمتابعة ، لا سيما إذا علمنا بأن هناك دراسات معتبرة تشير إلى أن المكاتب المفتوحة لها تأثير كبير على زيادة الإجازات المرضية لدى منسوبي المنشأة وزيادة انتشار العدوى وقلة الإنتاجية ناهيكم عن تفشي بعض الأسرار والخصوصيات التي جميعها قد تؤثر أيضاً على ثقافة المنشأة التي ينشد الجميع إلى خلق ثقافة من شأنها الإبداع والابتكار والراحة ، على أن هذه قبل جائحة كورونا ، فما بالك الآن ، عندما تجبرنا تجربة كورونا على ضرورة تضمين صحة الموظف في معادلات إنتاجية الموظف والمنشأة على حدٍ سواء مما سيؤثر ايجاباً في تغيير ثقافة المنشأة بشكل كامل.
كنت قد قرأت خلال السنتين الأخيرتين الكثير من البحوث والدراسات التي تتحدث عن ثقافة المكاتب المفتوحة مالها وما عليها لأتوصل إلى نتيجة أن التوازن أروع ، فليست مفتوحة تماما ولا إلى الطرف النقيض بإغلاقها وعزل كل موظف عن زميله تماما ، وأن أنصاف الحلول هي الأفضل خصوصاً دخول عامل صحة الموظف ضمن المعادلة الكلية لثقافة أداء المنشأة لتكون جسرا للوصول إلى ثقافة وبيئة إيجابية داعمة يرجوها الجميع ، لذا على المنشآت اليوم ألا تفكر في جائحة كورونا فقط ، ولكن أيضًا حول مسببات الأمراض المستقبلية وصحة موظفيها ، وعليها إعادة التفكير في كيفية العمل وكيف تقوم بتصميم بيئة عمل تضمن بقاء منسوبيها بصحة جيدة وكفاءة أكثر ، وهذا ما جعل كثير من الشركات المتخصصة في حلول مكاتب الأعمال البدء هذه الأيام بالتفكير واستخراج العديد من النماذج التي تجمع بين ثقافة المكتب المفتوح وكذلك بين الخصوصية الخاصة بالموظف التي تضمن سلامته وصحته.
لذا أوجز هنا بعض المقترحات والرؤى الحديثة التي من الممكن أن تساهم في تحسين مناطق العمل المفتوحة لتجعلها أكثر أمانا وانتاجية :
ثقافة المكاتب المرنة :
من المتوقع أن تطغى “ثقافة المكاتب المرنة” الفترة القادمة ، أنماط عمل جديدة وترقيات تصميم طويلة المدى تضع الصحة في صميم التخطيط لمكان العمل في ظل وجود أشياء داعمة لم تكن في سابق العهد بمتناول الجميع ، حيث لابد أن نستثمر في أجهزة الكمبيوتر المحمولة وكذلك اللوحية وهواتف وتطبيقات الأجهزة الذكية فلا داعي معها ليكون هناك أماكن محددة لكل موظف ، حيث يمكن للموظفين التنقل بأجهزتهم والعمل من أي مكان في المنطقة المخصصة للعمل.
ثقافةSix Feet Office :
حيث يؤخذ بعين الاعتبار العدد الموجود في المنطقة المفتوحة ومناسبته ، وكذلك المسافة التي يجب أن تكون بين الموظف وزميله ، حيث وضع معيار 6 أقدام / 2 م بين الموظف وزميله في جميع الأماكن التي يشتركون فيه ، وأن تكون الممرات ذات اتجاه واحد ، لا كما نشاهده اليوم مكاتب مفتوحة لكنها تكتظ بالموظفين ، ليكن حديث بعضهم عن عشاءه ليلة البارحة معلوم لدى كل من في المكان ! ناهيك عن سلبية الاكتظاظ المزعج صحياً وعلى الخصوصية كذلك سواء من ناحية سرية العمل أو لخصوصيات الموظف ذاته !
نموذج لمكاتب Six feet
حاجز العطاس :
أحد الإجراءات منخفضة التكلفة وعالية التأثير، لوحة إضافية من البلاستيك تكون بين المكاتب المفتوحة وأمامها ، وجود هذا الحاجز المادي سيجعل الناس يشعرون براحة أكبر للحماية من السعال والعطاس.
مكاتب موزعة لا مركزية :
مجموعة موزعة من المكاتب الصغيرة الغير ملتصقة في أماكن مفتوحة ستكون أقل عرضة للأمراض المعدية كفايروس كورونا Covid-19 ، حيث وجود مجموعات صغيرة من الموظفين الذين يعملون بشكل تعاوني من شأنه أن يبقي التعاون واستمرار الاتصال المنشود ، دون ضرر صحي على العكس مع الأماكن المكتظة عند حدوث عدوى لا قدّر الله ، حيث يصاب شخص واحد بالفايروس من شأنه أن يتعين على الجميع عزل نفسه.
الإسعافات الأولية والمعقمات :
على المنشأة أن تقوم بتركيب الإسعافات الأولية في جميع أنحاء منطقة العمل التي تتواجد فيها المكاتب ، وكذلك تثبيت المعقمات في كل غرفة اجتماعات ومساحات مشتركة ومناطق الاستقبال.
ثقافة العمل عن بعد و المناوبات :
تطبيق العمل عن بعد سيكون ثقافة مستدامة للعديد من المنشآت ، وكذلك إعادة النظر في إمكانية إتاحة الفرصة بالعمل بنظام المناوبات ليشمل العديد من إدارات المنشأة من شأنهما أن يمنحا فرصة إعادة ترتيب المكاتب من جديد وفق أعداد وآلية معينة ، كما أنه تكمن أهمية مدخلات الموارد البشرية في إعادة دراستها للوظائف من جديد.
بيئة عمل دون لمس “Contactless Office” :
وهو أمر يتوقع أن ينتشر على نطاق واسع بين المنشآت التي تستطيع توفيره ، وهو الحد من الأسطح التي يحتاج الموظفون إلى لمسها بأيديهم ، عبر تقنيات وأجهزة استشعار جديدة ، لا تحتاج الأبواب إلى مقابض ويمكن أن تفتح في كلا الاتجاهين بمجرد دفعها بقدمك أو عبر الاستفادة من تطبيقات الهواتف الذكية وكذلك عند الدخول لمواقف السيارات ، و أزرار المصاعد ، بالإضافة إلى أجهزة استشعار الحركة في جميع مرافق المنشأة وكذلك الأضواء ، و كذلك تجهيزغرف الاجتماعات بتقنيات تتلائم مع الهواتف الذكية يمكنها من تنشيط الصوت وللتحكم في الإضاءة والأجهزة السمعية والبصرية ، في حين أن الخدمة الذاتية في مطابخ المكاتب يمكن أن تصبح من بقايا الماضي ، ليتم استبدالها بالأتمتة أو خادم مخصص أكثر تقنية.
ثقافة جديدة للاجتماعات :
من الممكن تقليص مساحة غرفة الاجتماعات حيث من الممكن استبدال معظمها بالبريد الإلكتروني والرسائل الفورية وتطبيقات الاجتماعات المرئية ، حتى ثقافة المدعوين كذلك لابد أن تراجع ، ليكون ثلاثة أرباع العدد المدعو لاجتماع ما من الممكن أن يكون تحت الطلب عبر اتصال مرئي عند حاجتهم.
دعم التقنية ورقمنة الأعمال :
انشاء برامج تساعد الموظفين على أن يصبحوا فعالين في العمل من المنزل من وقت لآخر ، ليكونوا مجهزين بشكل أفضل للعمل من المنزل في الأيام التي يشعرون فيها بالمرض. أو عندما يخافون من التقاط مسببات الأمراض. حيث على المنشأة أن تزيد مساحة عملها من مؤتمرات الفيديو ، ليتم إضافة أكشاك الهاتف أو غرف الاجتماعات الصغيرة حتى يتمكن الأشخاص من التواصل بشكل أفضل مع أولئك الذين يعملون من المنزل ، وهذا ما يساعد في مضاعفة المساحة المشتركة باعتبار أن هناك من يعمل من المنزل في بعض أيام الأسبوع والذين لا يحتاجون إلى مكاتب محددة في مكتبك.
أثاث صديق البيئة :
قيام المنشأة باختيار أثاث المكاتب الذي يسهل تنظيفها كما هو لو كان اختيار اثاث منزلنا لنختار ونبحث دائماً عن الأثاث الأقل جهد في تنظيفه ، وأن لا يكون جامعاً للأوساخ.
ماسح حراري :
حيث تضعه المنشأة في أركان مناطق المكاتب المفتوحة ، والذي يرسل اشعاراً بوجود موظف لديه درجة حرارة مرتفعة ، لتكون من المهام الجديدة المسندة إلى إدارات الأمن والسلامة في تلكم المنشآت.
نظام متكامل لقياس درجة حرارة الجسم لمناطق عمل مفتوحة
تحسين جودة الهواء الداخلي :
ترشيح الهواء هو أهم الدروس المستفادة من الصين ، حيث يعود أحد أسباب عودة القوى العاملة الهائلة إلى العمل بهذه السرعة هو أن مباني المكاتب لديهم تقوم على أنظمة ترشيح الهواء المتطورة منذ عدة سنوات حتى الآن ، وقد شرعت الأنظمة لديهم معيار خاص لاعتماد الهواء الداخلي ، لذا التفكير على حلول إضافية لترشيح الهواء على المدى القصير في محاولة لتعزيز الهواء الصحي من المهم بمكان.
التواصل التوعوي الفعّال :
استخدام الأساليب الإلكترونية في التواصل التوعوي التثقيفي مع الموظفين ، مع اعتماد أساليب الاتصال المادية أيضًا ، بنشر الإشعارات واللافتات موضحة العلامات والأعراض التي يجب الانتباه إليها ، وتذكير الموظفين بأدب السعال والنظافة الصحية ، بغض النظر عما سيحدث في الأشهر المقبلة ، وحتى في حالة توفر لقاح لفايروس كورونا Covid-19 ، فمن المرجح أن تجربة العيش من خلال جائحة سيكون لها تأثير طويل الأمد على طريقة عملنا وكيفية عمل أماكن عملنا إذا لم يكن هناك شيء آخر ، فإن فكرة القدوم إلى العمل أثناء المرض يمكن أن تصبح غير مقبولة اجتماعيًا. ، كما يجب على المنشأة رفع الوعي بالتركيز على الصحة والنظافة بحيث يعطي معنى جديدًا لفكرة العمل في بيئة صحية آمنة.
في الختام يتبادر إلى ذهني سؤال تنبؤي أطرحه هنا ، هل ستؤول مباني المكاتب الحالية في المستقبل إلى مرافق مفتوحة لملتقيات الموظفين وتجمعهم فقط ، في حين يتم تنفيذ غالب الأعمال عن بعد ..؟! مما يعني تحول بيئات العمل المكتبية إلى مراكز مؤتمرات كون لدى المنشأة عددًا أقل من المكاتب و الجدران ليتسع معها مساحات التجمع لاستضافة الاجتماعات والمؤتمرات وغيرها من الأحداث على مستوى المنشأة. ربما ..!
تصميم مكتبي حديث ومتباعد ذو خصوصية
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال