الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
بالأمس كنا في شوق وترقب بفارغ الصبر لنلقى ضيف كريم، وشهر مبارك فضيل وها نحن اليوم نودعه راجين بلوغه أعواما عديدة وأزمنة مديدة ..
ولكن هذا العام جاء رمضان بشكل مختلف ، وأتى بحلة جديدة غريبة علينا، حيث علقت الدولة الرحلات الدولية إلى المملكة وجميع الرحلات الداخلية ، وأوقفت الدخول للحرمين الشريفين وأداء مناسك العمرة بسبب المخاوف من انتشار فيروس كورونا، الأمر الذي سبب ضربة كبيرة لقطاعي السياحة والسفر في المملكة وشكل خسارة اقتصادية كبيرة للدولة، وبالأخص لمدينتي مكة والمدينة، اللتان كانتا تستقبلان كل عام أعداد كبيرة من الخارج والداخل تعد بالملايين معظمهم يأتون لأغراض دينية.
وكذلك سيأتي عيد الفطر مختلف أيضًا لهذا العام، ونحن نمتثل للحجر المنزلي الكامل الذي فرضه هذا الفيروس …
وبكل تأكيد عيد هذا العام ليس كأي عيد، وبودنا أن نقول الله لا يعيده من عيد!!
فقد أعلنت الدولة عن لوائح صارمة في ظل تصديها لأزمة كورونا، تشمل إغلاق مراكز التسوق وعدم استقبال الزبائن داخل المطاعم والمقاهي، وإغلاق دور السينما؛ الأمر الذي سيجعل من قطاع البيع بالتجزئة على رأس القطاعات الأكثر حساسية من هذه الجائحة، ومن المتوقع أن يشهد آثارًا سلبية كبيرة على خلفية الإجراءات الاحترازية الأخيرة وسيدفع به نحو حالة من الجمود غير المسبوق.
ولأننا نعيش ظرفًا استثنائيًّا،ولأن صحة الأنسان أهم ، وحتى نساعد وزارة الصحة على الصمود أكثر في حربها ضد هذا الفيروس اللعين -وكلنا مسؤول -يجب أن يساهم الجميع في تشكيله، والمشاركة في تجاوز خطر الانتشار لنبدأ مرحلة الانحسار، وتنفيذ الأوامر الاحترازية المعلنة بحذافيرها .. والتي جاءت لمنع ازدياد عدد الحالات المرتبطة بتجمعات العيد، مثل: صلاة العيد وزيارات المعايدة والاحتفالات الجماعية ؛ لخطورتها على تفشي المرض في المجتمع.
نعم سيأتى العيد مختلف هذا العام بدون صلاة جماعية..وبدون اجتماعات
ولا احتفالات، ولا تزاور ولا دعوات .. ولا هدايا ولا عيديات
وفي هذا كسرٌ للمألوف، وتوقفٌ عن ممارسة شعائر جماعية.
لكن هل يمكن للحجر المنزلي الكامل أن يفسد عيدنا؟!
أو أن يحرمنا من فرحتنا بهذا العيد؟!
نحن البالغين قد نستطيع أن نتفائل بعدم حدوث ذلك ، أما كبار السن والأطفال ، وهم الأكثر حساسية وواقعية، هم من يُترجمون الأحداث بقدر الواقع الملموس بعيدًا عن الأمل بتحسن الحال عما قريب.
وهذا ما صعب علينا كثيرًا أن نخبر كبارنا أننا لن نكحل أعيينا برؤيتهم ومعايدتهم صباح العيد ؛ خوفًا عليهم ، وصعب عليهم تقبل لماذا لن يخرج الناس إلى المساجد ليشهدوا صلاة العيد وهم مكبِّرين مهللين بأول أيام العيد.. ليعودوا بعدها لمنازلهم التي تزيٍّنت بأنواع شتى من الحلويات والمعمول لاستقبال المهنئين..؟!
وكيف سنقنعهم بأنه لن تكون هناك اجتماعات عائلية وتبادل للهدايا السنوية ضمن زيارات العيد؟!
وصعب علينا كذلك توصيل الفكرة لأطفالنا أنهم لن يستطيعوا أن يفطروا فطور العيد مع جدهم وجدتهم أو الذهاب إلى بيت أعمامهم أو زيارة خالاتهم ، ولن يلعبوا مع أبناء عائلتهم ،ولن يروا أصدقائهم خلال هذا العيد !
ولماذا سيحرمون من عيدياتهم الورقية واستبدالها بالتحويلات البنكية؟!
ولماذا لن يستطيعوا أن يتباهوا بلبس العيد مع أقرانهم؟
دورنا يتطلب أن نؤكد لهم بأن عيدنا لن تفسده أو تقلل من بهجته أي جائحة أو ظروف ، وأن فرحتنا ستكون بالتكبير للعيد وأداء الصلاة جماعة في منازلنا ؛ تعظيمًا لشعيرة العيد }ومن يعظم شعائر الله فإنها من تقوى القلوب{.
وسنستمر في صلة أرحامنا وسنكون بينهم ومعهم ؛ لتهنئتهم ونحن نلبس ملابس العيد باجتماعات افتراضية بالصوت والصورة .وستبقى الحلويات تُزيّن جلساتنا بالعيد.
والتوضيح لهم بأن للضرورة أحكام، ومن أحكام الضرورة لهذا العام، أنّ التباعد المكاني أصبح واجبًا إنسانيًا قبل أن يكون وطنيًا.
لكن الخوف كل الخوف ..ألا تتقيد الأسر بهذه الإجراءات، ويتجمعون أفرادها متخفين ، وهذه التصرفات تشكل خطراً كبيرًا ،ومن الممكن أن يقع العديد من هؤلاء ضحايا للفيروس.
إياكم أن تتبعوا عاطفتكم وتهملوا عقولكم وتقدموا على مخالفة الإجراءات باللقاءات والتجمعات ؛ فإنها مغامرة لمزيد من الحالات -لا قدر الله-؛ فلا تفسدوا جهود الدولة بلقاءات عائلية، قد يهلك بسببها أقرب المقربين وتحملكم وزر ذلك ليوم الدين.
وأهم ما يُعول عليه في هذه المرحلة وعي المجتمع الذاتي ، وبالأخص فئة الشباب الذين لهم دور كبير في إيصال الرسالة التوعوية لجميع أفراد الأسرة للحد من انتشار الفيروس.
ختم الله شهرنا بالقبول والغفران .. وأعاده الله علينا وعليكم ونحن بأحسن حال
والله لا يعيد من عيد ..!!
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال