الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
لم يكن القطاع المالي – بكافة مؤسساته – بمنأى عن تداعيات جائحة كورونا على الاقتصاد العالمي، بل قد يكون أحد أكثر القطاعات قابلية للتأثر بها لكونه عصب الاقتصاد الرئيس المتشعب على كافة القطاعات الأخرى، وهو الأمر الذي جعل مؤشرات أداء مؤسساته من أهم العلامات الحيوية الدالة على فاعلية اقتصاد أي دولة.
استشعرت المؤسسات المالية – على مستوى العالم – خلال الفترة السابقة ضرورة تبني استراتجيات التحول الرقمي لمواكبة التطور التكنولوجي في كافة المجالات ، وتحديدا في مجال الاتصالات وتقنية المعلومات ، واستجابة منها كذلك للتحول المضطرد في سلوك المستهلك تجاه المنتجات و الخدمات المالية على مدار الأعوام السابقة و الذي كان يتسم بوتيرة تصاعدية متسقة قابلة للتوقع ، وسدا لفجوة الطلب الناشئ عن ذلك التغير للمحافظة على حصتها السوقية على أقل تقدير. كما لم تغفل مؤسسات القطاع المالي أهمية التحول الرقمي كممكن رئيس لدعم استدامة الأعمال و تخفيض هيكل التكاليف و المصروفات بشقيه الرأسمالي و التشغيلي ، المتضخم ببندي التوسع في شبكة الفروع لوصول أكبر للعملاء و ما يترافق معه من تكاليف البنى التحتية التقنية و الهندسية، و بند الرواتب و الأجور الذي يزداد طرديا مع البند السابق.
جائحة كورونا أحدثت تحولا مفاجئا غير مسبوق في سلوك المستهلك تجاه المنتجات والخدمات المالية – بمختلف تصنيفاتها – نتيجة ما فرض عالميا من اجراءات حظر وقائية، أو حتى بسب القلق المبرر من المستهلك من زيارة فروع المؤسسات المالية تحرزا من العدوى والتزاما منه بقواعد التباعد الاجتماعي. الأمر الذي تسبب في انخفاض حجم العمليات اليومية المعتاد، فعلى سبيل شهدت البنوك – على مستوى العالم- انخفاض معدلات استخدام بطاقات الائتمان نتيجة حظر السفر، وانخفاض معدلات طلبات التمويل العقاري نظير تذبذب معدلات الفائدة و اتسام الجائحة وآثارها الاقتصادية بعدم الوضوح، وغير ذلك من مجالات التأثر. ولكن في خضم كل هذه الأمواج لم تجد المؤسسات المالية طوق نجاة غير ما تبنته من استراتجيات للتحول الرقمي و ما نجحت في تحويله منها إلى واقع.
والرأي أن على المؤسسات المالية أن تضع ” التحول الرقمي ” على قائمة ما ينبغي إنجازه بصفة عاجلة لتحييد أي أثر مستقبلي لجائحة كورونا – أو لأي أزمة مشابهة – قد تتسبب في انخفاض معدل العمليات اليومية ، أو تحفز تغيير سلوك المستهلك بوتيرة أسرع من قدرة المؤسسات المالية على التعاطي معه. و مما ينبغي على مؤسسات القطاع المالي الالتفات له بجدية هو الارتكاز على الفروع الافتراضية و تطبيقات الاجهزة الالكترونية في استراتجية الوصول للعملاء، ومراجعة رحلة المستفيد من منتجاتها وخدماتها من ألفها إلى يائها وتبسيطها للحد الأقصى الممكن المتوافق مع الأنظمة والتشريعات التي تحكم علاقاتهم بعملائهم، ويترافق مع كل ذلك الانعتاق من التبعية والنمطية في تطوير منتجاتها والتفرد الابداعي بمنتجات وخدمات تتواءم مع الحاجات والرغبات المستجدة المشكلة لسلوك المستهلك.
وفي ظني، إن مستوى الخدمات الرقمية المقدمة من مؤسسات القطاع المالي ستكون أحد أهم المرجحات الرئيسة لاختيار العملاء لها، و بالتالي زيادة حصتها السوقية، بل قد يكون اتسام المؤسسة المالية بالرقمنة المحدد الأهم لقيمة علامتها التجارية في المستقبل القريب.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال