الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
يُعد التسويق الاجتماعي أحد أنشطة علم التسويق وهو يهتم بتغيير السلوك وتحسين مستوى حياة الأفراد والمجتمع. فالتسويق بشكل عام يسعى لنشر الثقافة الاستهلاكية وهذا خلاف التسويق الاجتماعي الذي أسميه “الابن البار للمجتمع” حيث أنه يتبنى نشر وتعزيز السلوكيات والقيم الايجابية للمجتمع وذلك باستخدام استراتيجيات التسويق.
وفي بادرة فريدة من نوعها أطلقت وزارة الداخلية ممثلة في المديرية العامة للسجون وبالتعاون مع وزارة العدل خدمة “فُرِجَت” في شهر رمضان لهذا العام وذلك عن طريق منصة ” أبشر ” الإلكترونية. حيث تتيح هذه الخدمة التي تم تحديثها هذه السنة من تحديد الحالات الإنسانية الأكثر احتياجًا للسداد وإمكانية مساعدتهم بطريقة آمنة وموثوقة من قبل ذويهم وفاعلي الخير. فيتم اختيار المعسرين بناء على معايير محددة حسب الأولوية في أحقية السداد مثل العمر، الحالة الاجتماعية ومدة السجن. وقد تم عمل حملة للحث والتشجيع على المساهمة في سداد ديون المعسرين والإسراع في الإفراج عنهم. وبرأيي أن تلك الحملة هي مثال محلي لحملات التسويق الاجتماعي. فالحملة استمرت لمدة 18 يوم حيث انتهت قبل عيد الفطر وحققت نتائج مبهجة، حيث تم سداد أكثر من 137 مليون ريال لعدد 1024 مستفيد، منهم 825 مستفيد سعودي و199 مستفيد غير سعودي. ويتضح بشكل جلي تطبيق قاعدة EAST في هذه الحملة وهي تتضمن أن تكون الحملة مكونة من أربعة عناصر وهي:
making it Easy, Attractive, Social and Timely
فعند تطبيق هذه القاعدة على حملة ” فُرِجَت”، نلاحظ أن الحملة سهلة التطبيق، فالأغلب لديهم حساب في “أبشر” والسداد يكون بخطوات سهلة عن طريقه. أما الجاذبية فتم تحقيقها من خلال عدة نواحي كان أهمها:
– نشر فتوى من هيئة كبار العلماء بجواز تسديد ديون السجناء من الزكاة من خلال حساب ” فُرِجَت” في تويتر.
– الموثوقية، حيث أن هناك حذر بشكل عام من التبرع بالمال لجهات غير مصرح لها، فوجود جهة موثوقة تدعم المبادرة، أعطى جاذبية وثقة وتشجيع على التبرع.
-اللوحة التفاعلية الجذابة التي يتم من خلالها عرض حالة المعسر، فيظهر فيها معلومات عن عمره وما إذا كان لديه أطفال ومدة سجنه وكم المبلغ المدفوع والمبلغ المتبقي للإفراج عنه ليتمكن من قضاء العيد مع عائلته.
أما فيما يخص الناحية الاجتماعية، فقد تم التعاون مع المؤثرين في تويتر لتفعيل هذه الحملة بحيث كان كل مؤثر مسؤول عن حالات معينة يشجع فيها متابعيه ويستعرض المتبقي من مبلغ السداد لكل حالة حتى يتم اقفالها بنجاح. وأما توقيت الحملة فكان خلال النصف الأخير من شهر رمضان. حيث أنه من الملاحظ في سلوك السعوديين بشكل عام تفضيل إخراج الزكاة خلال هذا الشهر وازدهار الصدقات وزيادة القابلية على البذل والعطاء في هذا الشهر الكريم على وجه الخصوص. جميع هذه العوامل السابق ذكرها ساعدت برأيي على نجاح تلك الحملة بشكل فعال وكبير.
خلاصة القول، التسويق الاجتماعي هو الابن البار للمجتمع والذي من خلاله يمكن إحداث الأثر وتعزيز القيم وتغيير السلوك، في حال تطبيقه وفق منهجيات علمية وعملية معمول بها.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال