هدر الصيانة .. وتأثيرات المياه الجوفية  

بقدر أهمية تنفيذ وإنجاز المشاريع الجديدة بقدر ما يواكبها من أهمية قصوى لتمكين أعمال الصيانة الدورية وتفعيلها  من خلال مقاولين مؤهلين يحققون أهداف الصيانة للمنشآت بما يضمن سلامة المباني ورفع كفاءاتها  التشغيلية إنشائياً وكهربائياً وفي نطاق الأعمال الميكانيكية أيضا .. ولعل في سبيل تقليل الهدر المالي المصاحب لصيانة الأعمال يحرص المعّنيون بالأمر  على إختيار تصاميم هندسية توافق البيئة المحيطة وإختيار مواد وتشطيبات عالية الجودة ..

وهنا تؤكد دراسة سابقة أن استمرار الهدر المالي في قطاع المشاريع سببه سوء المخرجات الذي يؤدي إلى استمرار الصرف الإضافي لتغطية تكاليف التعثر والأعطال المتكررة  وهو في إعتقادي ما يمكن تجاوزه بالحد من التسيب  والإهمال وإعتماد بُنية تحتية قوية على غرار ما نرى في الجبيل وينبع .

وبنظرة فاحصة حيال الإهمال الذي يلحق بعض مشاريعنا الجديدة وما يتسبب به ضعف البنية التحتية من أخطاء وتأثيرات على البيئة والإنسان تجدر الإشارة إلى أهمية تطبيق أنظمة مياه جوفية دائمة تكون بمثابة خط الدفاع الأول أمام ارتفاع مناسيب المياه الجوفية وما تخلفه من طفوحات وتجمعات وتحلل للأساسات بل ومشكلات هبوط وتأثيرات على مواد العزل نظراً لأرتفاع نسب الملوحة بالإضافة إلى إختلاطها ببرك مياه الشرب بسبب التسريبات وغيرها من الأثار التي لا تخطئها العين في عدد من المشاريع السكنية الجديدة على سبيل المثال .

وتأتي زيادة مستويات المياه الجوفية بسبب القياضانات وتجمعات مياه الأمطار السنوية حيث تصل في بعض المناطق (جدة مثلاً) إلى متوسط عمق مقداره 1.5 م إلى 8 م تقريباً من سطح الأرض وهو ما يمكن ملاحظته من خلال وقوع أساسات المباني أسفل مستوى الماء أو إمتلاء غرف التفتيش الخاصة بالخدمات بالمياه .

ولعل من الحلول المؤقتة المتخذة تطبيق أنظمة نزح مؤقتة تضمن إتمام البناء فقط وهو ما يتضمن توفير آبار ومضخات وبرك تخزين وأجهزة قراءة لمستويات المياه سوى أن الزيادة المتوقعة لمناسيب المياه على مدى السنوات القادمة نظراً للتقلبات المناخية والتأثيرات البيئة المحيطة تحتم ضرورة الإعتماد على أنظمة مياه جوفية (دائمة) متى ما أستدعت طبوغرافية المنطقة بعد دراسة وإقرار  المختصين تعمل على التحكم بمستويات المياه في حدودها الدنيا  على أن تخضع  الأنظمة المقترحة في حال إقرار تنفيذها للتقيم الفني والمالي بما يضمن عدم ارتفاع التكاليف لإنشائها وتشغيلها وصيانها وهو ما يتضمن في العادة طبقات مبطنة بالحصى المتدرج ومواسير مثقوبة تقوم على تصريف المياه نحو نقاط تجميع وخنادق تتصل بأنظمة تصريف مياه الأمطار والسيول الدائمة. كما وتجدر الإشارة إلى أنه بالإمكان الإستفادة من المياه الجوفية المجمعة في برك التخزين لإعادة إستخدامها في الري مثلا أو إعادة تدويرها والمعالجة للإستفادة منها في كافة الأغراض لا سيما شح المياه في منطقتنا بصورة عامة  .

إن تحقيق جودة البنى التحتية من خلال منظومة تصريف المياه وأنفاق الخدمات المتكاملة هو الضامن لديمومة مشاريعنا ووقف الهدر المصاحب للتعثر والإستبدال والأعطال  المتكررة وأعتقد أن أنظمة  المياه الجوفية الدائمة هي المرتكز للحفاظ على المنظومة بأكملها.