الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
خلال النصف الأول من هذا العام مرت أسواق النفط بظروف غير اعتيادية, جعلتنا نرى ونتعايش مع أحداث تحدث للمرة الأولى في تاريخ هذه الصناعة. على سبيل المثال لا الحصر, تداول العقود الآجلة للخام الأمريكي لشهر مايو عند مستويات تاريخية وصلت إلى السالب.
كما أثرت هذه الظروف الاستثنائية على كمية الطلب مما أثر بدوره سلبياً على الأسعار. ودخلت أسواق النفط في نفق مظلم ما بين استمرار زيادة المعروض وانهيار الطلب. وكان لابد لمنظمة أوبك العودة إلى الأضواء لصناعة القرار وضبط الأسواق.
تصدرت منظمة أوبك المشهد من جديد, ولكن بحله جديدة مختلفة عنوانها “الأزمة عالمية , لابد للجميع التعاون ولا راكبا مجاني بعد الآن” . أثمرت هذه الجهود والاجتماعات في قرار تاريخي كان على مستوى الحدث, ليس فقط من حيث كمية التخفيض ولكن أيضا في عدد الدول المشاركة والمتفقه عليه, فقد اتفقت 23 دولة في قرار أوبك بلس بتخفيض 9.7 مليون برميل يوميا لمدة شهرين(مايو ويونيو).
كان لهذا القرار التاريخي تأثيره الإيجابي على الأسواق حيث ارتفعت الأسعار بعد ما يقارب الـ 20 دولارا إلى أن أصبحت تتداول الآن على قرابة ال 43 دولارا أمريكي للبرميل. ومن دور قيادي وإحساس بالمسؤولية قررت السعودية تقديم تخفيض طوعي في شهر يونيو مقداره مليون برميل يوميا لمساعدة الأسواق على العودة وتشجيع الدول المنتجة بالامتثال لحصص التخفيض.
قبل انتهاء هذا الاتفاق قررت أوبك عقد اجتماع آخر في يوم السبت 6 يونيو لتمديد الاتفاق لشهر قادم (يوليو) ومساعدة الدول الأعضاء غير القادرين الالتزام بحصص التخفيض.
استمرت أوبك بقيادة السعودية بإدارة هذه الأزمة باحترافية ومرونة مثالية, حيث تم الاتفاق في هذا الاجتماع على تمديد التخفيض لشهر آخر وينتهي بنهاية شهر يوليو. واتبعت المنظمة نهجاً جديد, يستخدم للمرة الأولى يحفظ فيه حقوق الملتزمين وأيضا التعاون مع الدول الأعضاء التي تمر في ظروف قاهرة لا تمكنها من الامتثال لحصصها, حيث ألزمت الدول غير الملتزمة بالتعهد بالاستمرار بالتخفيض حتى بعد انتهاء مدة القرار إلى أن يتمكنوا من تحقيق 100% من الحصص المتفق عليها وفي مدة أقصاها ثلاثة شهور. يعتبر هذا القرار مزيج من الحزم والمرونة والتي تعكس لك الفلسفة والفكر المتميز الذي تدار به المنظمة من الداخل.
ركزت أوبك في هذه الاجتماعات على إدارة الأسواق وليس الأسعار (عكس ما كان متبعا سابقا)ً, وهذا ما جعل قراراتها تكون مختلفة وأكثر فعالية.
هكذا كان النصف الأول من العام , أما بالنسبة للنصف الثاني منه, فقد اتفق أغلبية الخبراء أننا تجاوزنا المرحلة الحرجة من الأزمة والقادم أفضل بإذن الله. هنالك مؤشرات إيجابية تسببت بهذا التفاؤل, منها تعاون الدول المنتجة وعودة نمو الطلب على النفط من أكبر مستورد في العالم.
حيث قفزت واردات الصين من النفط الخام 19.2% في شهر مايو عنها قبل عام , فقد اشترت الصين حسب ما تظهره بيانات الإدارة العامة للجمارك 47.969 مليون طن من النفط ما يعادل 11.296 مليون برميل يوميا لتصل إلى أعلى مستوى شهري لها على الإطلاق. وبالمقارنة كانت وارداتها من النفط لشهر أبريل الماضي 9.84 مليون برميل يوميا في حين أن وارداتها في مايو 2019 بلغت 9.47 مليون برميل يوميا. ومع عودة الاقتصاد الأمريكي وفتح الولايات, سوف يعود الطلب على النفط من أكبر اقتصاد في العالم, مما سوف يساعد على امتصاص الفائض وارتفاع الأسعار.
لذلك من الطبيعي أن تستمر الأسعار بالارتفاع مدعومة بهذه المعطيات إلى قرابة ال 60 دولارا للبرميل, قبل انتهاء اتفاق أوبك بلس ومن ثم العودة إلى الانخفاض من جديد. كلنا أمل أن تكون هذه الفترة كافية للاقتصاد العالمي للتعافي وعودة الطلب حتى نتمكن من إغلاق هذا العام بمتوسط ال 45 دولارا للبرميل.
الناشر: شركة مال الإعلامية الدولية
ترخيص: 465734
©2025 جميع الحقوق محفوظة وتخضع لشروط الاتفاق والاستخدام لصحيفة مال