العمل عن بعد .. هل أصبح واقعاً بعد الجائحة؟

لطالما كانت المكاتب الفاخرة والبيئات المكتبية الجميلة سمة محفزة تبعث على الراحة النفسية والذهنية والعلاقات الانسانية على نحوٍ من الأداء الفاعل لكن يبدو أن مراجعة التكاليف الادارية والمالية وتطور أدوات العمل عن بعد قيد التقييم والمراجعة هذا ما يراه الاقتصاد الجديد والذي سيكون مفصلاً مهما في المراحل الزمنية لما بعد الجائحة، خلال أزمة كوفيد – 19 برزت نجاحات كبيرة في تنفيذ الأعمال والأنشطة المختلفة عن بعد هذا ما وفرته التقنية الحديثة أحد أسس الثورة الصناعية الرابعة الشمولية في أطرها التي ترتكز على الاقتصاد الرقمي الذكاء الاصطناعي، انترنت الأشياء، ليس هناك من فجوات معقدة للعبور الى نحو مؤكد للنجاح في ذلك .

شكلت بيئات العمل المكتبية ومقرات العمل عبر التاريخ تكاليف باهضة كالمكاتب الفاخرة، الأوراق، القرطاسية، وحتى الألوان ونباتات الظل الا أن فرضية التحول واردة. مؤخرا اعتمدت الكثير من الشركات حول العالم على تنفيذ أعمال موظفيها من المنزل: جوجل، تويتر، وفيس بوك وغيرها، الجيل القادم قد لايشاهد مثل هذه المكاتب وقد لا يراجع أماكن ومقرات وموظفين.

هذه الحقيقة بدأت في الظهور فاليوم يمكن الحصول على أغلب السلع والخدمات عبر التقنية، شيء آخر هو أن الموظف اليوم يقضي كامل وقته مكتبياً في تنفيذ الأعمال عبر جهاز الكمبيوتر في مكتبه وأغلب تفاعلاته الاتصالية مع زملاء العمل تكون عبر شبكات التواصل الاجتماعي والبريد الاكتروني وحتى الاجتماعات الادارية عبر الأنترنت اثبتت كفاءتها خلال فترة الاغلاق الكبير، أحد الاصدقاء قال لي ان التقنية قد توفر للمستهلك أيضا تجربة رائحة العطور عن بعد وأن هناك تجارب شبه ناجحة، كل شيء جائز في عالم التقنية.

الاقتصاد المعرفي واسع وجديد ولايزال في آفاقه متسعاً للتطوير والمرونة ودقة العوائد المالية والاستثمارية التي سيُنتجها بكفاءة ونجاح، في المقابل هناك مخاوف مشروعة مثل الابعاد النفسية والاجتماعية التي ستخلفها هذه الاعمال المكتبية عن بعد، سيفتقر الموظفين الى (العلاقات الانسانية)، روح الفريق، الحوافز المعنوية المباشرة، الشكر المباشر والثناء، روحانية المكاتب، ضجيج الاقدام الذي يبعث على السعادة في العمل ، حماسية ودافعية التنفيذ التي تسهم في التنافسية، صعوبات اخرى في ادارة الوقت والمهام وقياس خطط التنفيذ وتقييمها !

من المؤكد أن اساليب العمل اجمالاً بعد الجائحة ستنتقل الى واقع جديد ومختلف ومرحلياً فإن الخطوة القادمة لابد ان تعتمد على خطط استراتيجية متكاملة تنطلق من مفاهيم مزاولة الاعمال عن بعد مصحوبة بمساندة الابتكار والتباعد الجسدي ، تدابير اخرى تشجع الشركات على نماذج الوقاية والسلامة من الازمات الصحية والاقتصادية ، تحسن اوسع في انظمة الحوكمة وبيئات الأعمال المكتبية والتعليم عن بعد وزيادة الموظفين الذين يعملون عن بعد وتحول في ساعات العمل ومواعيدها منظور جديد مختلف عن الاعمال التقليدية كلياً .

مجمل القول : قد نشهد تحولات واسعة في ادارة الاعمال المكتبية والتقنية عن بعد ليصبح معها جهازك الذكي مكتباً متحركاً متكاملاً هذه التحولات هي انعكاس لتداعيات فرضتها جائحة كورونا، صحيح انه قبل وخلال الازمة تم ادارة الكثير من الأعمال عن بعد بيد أن التسارع سيلقي بظلاله لتكون ضمن أهم خيارات النماذج الجديدة وخاصة في القطاع الخاص الذي وجد في هذه المنظومة بعداً جديداً يتسم بالمرونة والربحية والسرعة والتقييم .